آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 10:32 م

ثقافة وأدب


تحلى بموهبة شعرية ولغة أدبية مبكرا .. أنا والمُجَنَّد (باعيسى) من كَنَف الجيش إلى رحاب الجامعة

الإثنين - 26 ديسمبر 2016 - 05:17 م بتوقيت عدن

تحلى بموهبة شعرية ولغة أدبية مبكرا .. أنا والمُجَنَّد (باعيسى) من كَنَف الجيش إلى رحاب الجامعة

علي صالح الخلاقي:

بعض الوجوه والشخصيات المتميزة التي تتعرف عليها ولو بالصدفة تأسرك وتشدك إليها لأنها تأخَذ بمجامع القلوب، كما يقال، وتظل عالقة في الذهن طبوعة في الذَّاكرة لا يمكن نسيانُها مهما تعاقبت الأيام وتوالت السَّنُون..
ومن أولئك أحد المجندين المتميزين ممن تعرفت عليهم بالصدفة منتصف عام 1984م خلال عملي الإعلامي في تقديم برنامج (جيش الشعب) الإذاعي والتلفزيوني إنه المجند عبدالقادر علي باعيسى الذي التقيته في معسكر "الجرباء" بالضالع أثناء تأديته لواجب الخدمة العسكرية، ضمن الدفعة الثالثة عشرة في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، حينما كانت الخدمة مدرسة للتربية وإعداد الشباب، وكان ضمن من تم اختيارهم من قبل النائب السياسي للحديث لبرنامج "جيش الشعب" وقد جذب انتباهي، بل وبهرتني بموهبته الشعرية ولغته الأدبية الراقية التي أفصح عنها خلال حديثه للبرنامج، وأذكر إنني سجلت له قصيدة شعرية من إبداعه وبصوته، وما زال صدى صوته الرخيم وهو يترنم بأبياتها يذكرني به حتى اللحظة وكأن ذلك حدث بالأمس القريب وليس قبل أكثر من ثلاثة عقود.
كنت حينها أبحث عن شخص مناسب للعمل معنا في برنامج (جيش الشعب) من بين أفراد القوات المسلحة من المجندين أو الجنود أو الضباط من ذوي المقدرة على تقديم البرنامج صوتاً ولغةً وأداءً كشرط وُضع أمامي حينها من قبل وزير الدفاع صالح مصلح قاسم والأخ صالح عبيد أحمد النائب الأول لمدير الدائرة السياسية، حتى يُسمح لي بمواصلة دراستي الجامعية وابتعاثي إلى الخارج، وظننت أنني قد حصلت على ضالّتي التي أنشدها منذ مدة، وصرخت في نفسي من شدة الفرحة صرخة أرخميدس الشهيرة (وجدتها..وجدتها)، فليس هناك أفضل من المجند (باعيسى)الذي وجدت فيه كل الصفات اللازمة والمطلوبة لتقديم البرنامج، وبعد إبداء إعجابي بمستوى حديثه والثناء على موهبته الشعرية وطريقة الإلقاء وفصاحته الخالية من الأخطاء اللغوية والنحوية كاشفته بالأمر، لكنه خيّب ظني حينما قال أنه على وشك الانتهاء من أداء فترة خدمته العسكرية التي سيكملها نهاية ذلك العام 84م، ثم حاولت إقناعه للقبول بالانتقال مباشرة إلى عدن للعمل معنا ضمن أسرة برنامج "جيش الشعب" وأنه ستتاح له الفرصة إذا ما أراد البقاء في الجيش أن يواصل دراسته فيما بعد والترقي في الرتب العسكرية، لكنه رفض هذا العرض مبرراً أنه لا يرغب البقاء في الجيش وأنه يود أن يواصل دراسته الجامعية، فودعته حينها متمنياً له التوفيق والنجاح.
ودارت الأيام وتوالت الأعوام، وباعدت بيننا الظروف، وذهب كل منا في طريقه التي اختارها برغبته وبمحض إرادته، فاتجه مباشرة بعد انتهاء خدمته العسكرية ملتحقا في كلية التربية – جامعة عدن وتخرج منها عام 1988م بشهادة البكلاريوس في اللغة العربية التي عشقها وتخصص بها وربط بها عمله وحياته وإبداعه، ولأنه كان من أوائل الخريجين فقد عُيّن مباشرة فور تخرجه معيدا بقسم اللغة العربية في كلية التربية بالمكلا التي كانت تتبع جامعة عدن حينها، قبل تأسيس جامعة حضرموت فيما بعد والتي أصبح أحد أعضاء هيئتها التدريسية، وقد درس الماجستير والدكتوراة في العراق خلال الأعوام 1993-2000م وهو حالياً أستاذ الآدب المشارك بكلية الآداب، جامعة حضرموت.
وإلى جانب عمله الأكاديمي له حضور بارز وقوي في الساحة الأدبية والثقافية في بلادنا عامة وفي حضرموت خاصة، وكل ما وقعت عيناي على بعض كتبه ومقالاته العديدة تستعيد ذاكرتي صورة ذلك المجند الذي تشع التماعة النبوغ في مُحَيَّاه المشرق والمفعم بالأمل، وظلت صلتي به من خلال انتاجه الأدبي ومقالاته التي أقع على بعضها فلا تفوتني قراءتها.
ومثلما جمعت بيننا الخدمة في القوات المسلحة عند تعارفنا عام 1984م، فإن من محاسن الصدف أن يجمعنا العمل الأكاديمي، في إطار جامعة حضرموت التي يعمل فيها هو حاليا، أو جامعة عدن التي أعمل فيها منذ انتقالي إليها عام1998م، بعد أن أنهيت الماجستير في الصحافة الدولية عام 92م والدكتوراة في التاريخ عام 96م، وقد حصلت مؤخراً على لقب الأستاذية، وهو ما سيحصل عليه صديقي باعيسى قريبا إن شاء الله..وما جمع بيننا أيضا هو تدَرُّجنا في رئاسة الأقسام العلمية وفي نيابة الشئون الأكاديمية، هو في كلية الآداب|، جامعة حضرموت، وأنا في كلية التربية يافع،جامعة عدن، وكذا الاهتمامات الثقافية والأدبية، حيث صدر لكل منا العديد من الكتب والدراسات والأبحاث والمقالات كل في مجال تخصصه واهتمامه..
ولكم سررت أن التقيه مجدداً بعد 32 عاما، حيث جمعتنا الصدفة في جلسات المؤتمر العلمي الأول (التاريخ والمؤرخون الحضارمة) المنعقد يومي 20-21 ديسمبر الماضي، وحينما لمحته لم تخطئه عيناي، وإن وَخَطَ الشيب شعره وبدا في رأسه حلية العقل وسمة الوقار، أما أنا فعلى العكس من ذلك فقد اجتاحت الصلعة بـ(وحشية) و(همجية) شعر رأسي وجرفت معظمه ولم تُبقِ سوى القليل منه..(هههه). وفي اللقاء جددنا التعارف وتبادلنا العناق والذكريات عن ذلك الزمن الجميل وأخذنا صورة تذكارية لعلاقة حميمة أعتز بها مع صديقي القديم الجديد..
ولمزيد من الإضاءة هذه قائمة بإصدارات د.عبدالقادر باعيسى :

- (ضمن الوجه) تكشفات قرائية في خصوصيات شعرية يمنية حديثة ، صنعاء 2004.

- في مناهج القراءة النقدية الحديثة ، صنعاء 2004 .

- التأصيل النقدي لفنية الشعر العربي قبل الإسلام ، صنعاء 2005 .

- له إسهامات نقدية وكتابات مختلفة في المجلات والصحافة الأدبية العربية ، وعلى الانترنت.


عدن
26ديسمبر2016م