آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 04:40 ص

الصحافة اليوم


أسوأ مراحل الصحافة اليمنية على يد الحوثي

السبت - 01 يوليه 2017 - 12:39 م بتوقيت عدن

أسوأ مراحل الصحافة اليمنية على يد الحوثي

عدن تايم - صحف :

من رعد الريمي :

الحرب لا ترحم أحداً، لا تُفرق بين القلوب التي تنبض بالحب، والقلوب التّي تملؤها الكراهية والحقد، الكل يكتوي بنارها، ما لم يكن هُناك سبيل للخروج منها بأقل الخسائر.

وائل العبسي ابن العشرينيات، من أبناء مدينة تعز اليمنية، المدينة التّي تعيش حصاراً منذ سنتين وأكثر، من قبلِ جماعة جاءت من الماضي لتدمر الحاضر والمستقبل، في لحظةٍ جاءت فيها المليشيات لتوقف الحياة، وتُعيد الماضي بكل صوره البشعة.

التحق وائل ورفاقه بركب الإعلاميين، الذين حرصوا على أن ينقلوا للناس معاناة سُكان المدن اليمنية، لكشف الصورة الحقيقية التّي تُروج لها وسائل إعلام الانقلاب، واستشهد 3 إعلاميين وجرح آخران في قذيفة غادرة أطلقتها مليشيا الحوثي على تجمع للإعلاميين بالقرب من مدرسة محمد علي عثمان شرق تعز.
الصحفيون اليمنيون يُعتقلون ويُخطفون ويُعذبون ويُقتلون بأبشع الصور، ويستخدمون دروعاً بشرية، كما حدث للصحفيين/‏ عبد الله قابل ويوسف العيزري في جبل هران بذمار قبل نحو عامين، أو كما حدث مع الصحفي يحيى الجبيحي، المختطف لدى مليشيا الحوثي مذ سبتمبر/‏ أيلول الماضي.. وهو ذات المصير الذي يواجهه عشرون صحفياً ما يزالون يقبعون في سجون الحوثي وحليفهم المخلوع صالح.

إن كنت صحفياً وتعمل في اليمن فأنت إما في المعتقل أو مقتول أو ملاحق، أو تتضور جوعاً لا تستطيع العمل في ظل الترهيب والتهديد، وحياتك في خطر طوال بقائك في هذا البلد الذي يشهد أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة في ظل مليشيا تعادي الحقيقة.

حدِّث ولا حرج

منذ بداية العام 2015م تدهورت سلامة الصحفيين في اليمن، وخاصة بعد اندلاع الحرب بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية، واتضح منذ شهر نيسان من العام قبل الماضي ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة في أعقاب اقتحام الحوثيين مقار وسائل الإعلام في العاصمة صنعاء، مما وضع الصحفيين أمام خيارين: الطرد أو تأييد الخط التحريري المفروض عليهم من قبل الحوثيين.



ومنذ تلك الأيام، اضطر معظم الصحفيين لمغادرة صنعاء إثر تزايد المخاطر والاعتداءات على الصحفيين المستقلين. وبالنسبة للصحفيين الذين يواصلون عملهم في التغطية الميدانية فهم يعملون في بيئة قاتلة.
فبعد استيلاء مسلحي جماعة الحوثي على السلطة باليمن، في سبتمبر 2014م شهدت الساحة اليمنية العديد من الانتهاكات على الإعلام والإعلاميين والصحفيين، جعلت العمل الصحفي في اليمن مغامرة خطرة، قد تنتهي بصاحبها في السجن، وسط حالة من انعدام الشفافية، وإصرار مستمر من أجهزة مسلحي الحوثي الأمنية، على استنساخ أساليب القمع، وعودة ممارسات تكميم الأفواه واستهداف الصحفيين، وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية المعارضة لجماعة الحوثي، وأنه لا مكان للصحفيين والإعلاميين إلا لمن يعمل مع مسلحي الحوثي ووفق أجندتهم.

وتصف المنظمة البلجيكية الدولية لحقوق الإنسان والتنمية أن «الوضع الجديد في اليمن سيئ بكل المقاييس لحرية الصحافة وحرية التعبير، وقد سبب لجميع الصحفيين الخوف وهم أمام هجمة غير مسبوقة وصلت حد القتل والتعذيب واستخدامهم كدروع بشرية أمام غارات التحالف بقيادة السعودية بحجة تأييد هؤلاء الصحفيين للغارات الجوية على اليمن».

وفي ظل الانتهاكات وسياسة القمع المتنوعة بين القتل والاعتقال والاختطاف والتهديد التي تواجه الصحفيين العاملين في الداخل أصبح مغامرة كبرى.

إذ إنه لا مكان إلا لمن يعمل مع هذه المليشيات ووفق أجندتهم، ولعل هذا يتضح أكثر من خلال إغلاق كل القنوات الخاصة وكذا المواقع الإلكترونية والصحف الحزبية والأهلية إضافة إلى التحكم بأجهزة الإعلام الرسمي المختلفة.

وتمر الصحافة وحرية التعبير بأسوأ حالاتها في اليمن منذ إعلان التعددية السياسية أواخر القرن الماضي.

التعذيب القتل الاختطاف مصير صحفيي اليمن

وتشهد اليمن أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة في البلاد، جراء الانقلاب الذي شهدته اليمن في سبتمبر/‏ أيلول 2014، وعاش معه الصحفيون أسوأ الانتهاكات تنوعت بين القتل والاعتقال والتهديد والإقصاء والملاحقة وآخرها سياسة التجويع لمن بقي في الداخل اليمني ويتبنى مواقف معارضة للمليشيات الحوثية ومع هذا يظل مستقبل مواجهة «قتلة الصحفيين من العقاب» أكثر قتامة.

يعيش الصحفيون المختطفون لدى مليشيا الحوثي أوضاعاً مأساوية وأعراضاً صحية خطيرة، بينما يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب في سجون الحوثي وحليفهم المخلوع صالح.

وقال عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي إن الصحافيين المختطفين في سجون مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، يتعرضون لتعذيب وحشي، بصنعاء نتج عنه إصابات متفرقة، وأمراض خطيرة.

وعبر الأسيدي عن إدانة نقابة الصحافيين اليمنيين لهذه الانتهاكات المستمرة والممنهجة في حق الزملاء المختطفين، محملة المليشيا المسؤولية عن حياة الزملاء، وتطالب بالإفراج عنهم فوراً ونقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج.

وبحسب الأسيدي، فإن الزميل تيسير السامعي، يتعرض للتعذيب في معتقله بصنعاء، وإن صحته في تدهور مستمر، جراء ما يتعرض له من تعذيب، كما أن الزملاء الصحفيين المختطفين لدى المليشيا في حالة صحية سيئة جداً.

وبحسب المعلومات فإن الزميل عبد الخالق عمران يعاني من أوجاع في الظهر والسمع، والتهابات في المعدة، فيما الزميل أكرم الوليدي يحتاج عملية للبواسير والقولون، ويعاني الزميل هيثم الشهاب من سعال شديد وألم في الصدر.

وأوضح عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين أن الزميل توفيق المنصوري يعاني من ألم شديد في عينيه، ما تسبب في فقدانه إحداهما، إضافة إلى الآلام في جسمه جراء التعذيب.

وذكر الأسيدي أن الزميل صلاح القاعدي تعرض لتعذيب وحشي، تسبب في أوجاع في أذنيه أفقده السمع بنسبة 70 بالمائة، إضافة إلى الزميل عصام بلغيث والزميل هشام اليوسفي اللذين يعانيان من ألم في الظهر والمفاصل وأوجاع في الصدر.

وأشار إلى أن جميع الصحفيين المختطفين يعانون من أنيميا شديدة بسبب أماكن اعتقالهم وافتقارها لكل المقومات الأخلاقية والإنسانية، وقد تكرر تحريض عبدالملك الحوثي زعيم مليشيا الانقلاب ضد الصحفيين والإعلاميين- إذ وصفهم بأنهم أخطر ممن يقاتلون في الميدان- مما أدى إلى دفع أتباعه لممارسة القتل والاعتقال وتفجير منازل الصحفيين وارتكاب الانتهاكات ضدهم.

يعتقد الحوثي والمخلوع أن من يسيطر على وسائل الإعلام يسيطر على كل شيء، وهو ما تم بالفعل، إذ أضحت وسائل الإعلام بأيديهم، وأصبح الصوت الآخر مغيباً بسبب هذه السيطرة.

عقب إمساك مليشيا الحوثي بمجمل الأوضاع في العاصمة صنعاء وعدة محافظات خلال العامين 2014 - 2015، عملت بالتعاون مع المخلوع على إسكات الأصوات المناوئة لها، فقامت بقتل وجرح واعتقال واختطاف الصحفيين والإعلاميين، واقتحمت كثيراً من القنوات التلفزيونية والإذاعية والمؤسسات الإعلامية وحجبت المواقع الإلكترونية وسيطر الحوثيون وعلي صالح على وسائل الإعلام الرسمية، ما دفع الصحفيين والإعلاميين إلى مغادرة العاصمة صنعاء، وترك أعمالهم في وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية، كما غادر البعض الآخر إلى خارج البلد خوفاً من الملاحقة والاعتقال.

وتعمد الحوثيون وقوات صالح -وفق تقارير- استهداف الصحفيين والمراسلين بالملاحقة والاعتقال والاعتداء والإخفاء، وحتى استخدام بعضهم دروعاً بشرية ووضع عدد منهم في مواقع عسكرية.

انتهــــــــاكات

وقال عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي: «إن اليمن شهدت 624 حالة انتهاك خلال عامين ونصف بينها 148 حالة اعتقال وخطف وملاحقة تصدرت فيها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية الجهات المنتهكة لحرية الإعلام في اليمن».

وأضاف الأسيدي: «إن المليشيا الانقلابية تحملت مسؤولية أكبر عدد من هذه الحالات بنسبة 83 بالمئة».. مشيراً إلى أن الاعتداءات تنوعت بالضرب واقتحام وقصف المقار الإعلامية واقتحام واعتداء ممتلكات ومنازل صحفيين، ونهب ممتلكات ومقتنيات وسائل الإعلام.

ولفت الأسيدي إلى أن النقابة وثقت 72 واقعة تهديد ومضايقة وتشهير، والتهديد بالقتل وعملية إيقاف إصدار صحف وإغلاق مكاتب وقنوات وصحف يمنية وعربية وأجنبية خدمات الرسائل الإخبارية، وحجب 130 موقعاً إخبارياً من قبل مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.

وأعلن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي تسجيل 65 حالة انتهاك ضد أفراد بينهم صحفيون ونشطاء، ومؤسسات إعلامية في خمس محافظات.

وذكر المركز في تقرير حديث له بعنوان (تقرير الحريات الإعلامية) خلال الفترة من مارس وحتى أبريل 2017، إن حالات الانتهاكات تركزت في كل من محافظة صنعاء وتعز والحديدة ومأرب وريمة.

وأوضح التقرير بأن هامش الحريات الإعلامية يضيق يومياً، حيث تتصاعد حدة الانتهاكات المتعددة كالقتل واختطاف وتعذيب للصحفيين.. مشيراً إلى أن اليمن صنفت كأسوأ البلدان العالمية انتهاكاً للصحفيين، واحتلت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، ثاني جماعة في العالم تهدد حياة الصحفيين بعد التنظيم الإرهابي داعش. وتضمن التقرير 63 انتهاكاً ضد أفراد وبنسبة 97 بالمائة من إجمالي الانتهاكات المسجلة خلال شهري مارس وأبريل، وقد تنوعت تلك الانتهاكات بين 8 حالات اختطاف، وحكم إعدام بحق الصحفي الجبيحي وحالتي إصابة، و20 حالة محاكمة لصحفيين، و16 حالة توقيف عن العمل، و7 حالات اعتداء، و3 حالات تهديد، وحالتي اعتقال، وحالتي اقتحام ونهب منازل، وحالتي تهكير صفحات تواصل اجتماعي، كما سجل التقرير انتهاكين ضد مؤسسات إعلامية وبنسبة 3 بالمائة.

وانفردت جماعة الحوثي بقائمة الجهات التي ارتكبت الانتهاك ضد حريات الإعلام في اليمن، وكان للصحفيين والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية والصحفية والمواقع الإلكترونية نصيب من الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق اليمنيين، فقد قتل وجرح واعتقل العشرات دون أن يكون لهم ناقة ولا جمل في الصراع والحرب التي ما زالت مستمرة.

وكان العام 2016 مليئاً بالانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون والإعلاميون، ويمكن القول إنه عام أسود بكل المقاييس في حق الصحافة اليمنية منذ عقود، وتوزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة وتهديد ومحاولة قتل وتعذيب واقتحام ونهب منازل ومؤسسات إعلامية واعتداء بالضرب، إلى جانب حجب قنوات فضائية، وشملت الانتهاكات أيضاً ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي.

وطالبت التقارير بسرعة إطلاق سراحهم محملة جماعة الحوثي مسؤولية سلامة حياتهم، وتشكيل لجنة تحقيق في كل الانتهاكات التي وقعت بحق الصحفيين والإعلاميين، كما شددت على ضرورة محاكمة مرتكبي تلك الانتهاكات، مؤكداً أنها جرائم لا تسقط بالتقادم ولا بد من تقديم مرتكبيها للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع والعادل.