آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 04:56 م

تحقيقات وحوارات


عبث يستهدف البيئة ويهدد بالقضاء على مصدر اقتصادي هام

الخميس - 05 أكتوبر 2017 - 04:50 م بتوقيت عدن

عبث يستهدف البيئة ويهدد بالقضاء على مصدر اقتصادي هام

عدن تايم / فتاح المحرمي

البسط ورمي المخلفات في الأراضي الرطبة يهدد (رئة عدن)

البسط والبناء العشوائي صارت ظاهرة خطرة تعد بمثابة داء ينهش في جسد المدينة المسالمه الحضارية كما ينهش السرطان في جسم الانسان مهددا بتحويلها الى قرية اذا ما استمر انتشار هذا الداء الذي قد يجعلها تفقد اهميتها الاستراتيجية ويعدم أي فرص للنهوض والتطور فيها.
الأراضي الرطبة في محافظة عدن تعد قصتها مع البسط والبناء العشوائي أبرز قصص البسط والعشوائيات بشكل عام ، وباتت هذه الظاهرة تهدد تلك الأراضي التي أسماها البريطانيون (رئة عدن) - وهي أراضي المملاح - بالتوقف عن التنفس وإطلاق رصاصة الرحمة على مؤسسة الملح التي كانت رائدة إلى ثمانينات القرن الماضي وترفد خزينة الدولة بملايين الدولارات.


جريمة كبرى

ناشطون حقوقيون في عدن اثاروا قضية البسط والبناء العشوائي في الأراضي الرطبة واعتبروها جريمة كبرى بحق عدن وابنائها ، مطالبين بأنها هذا العبث الذي يستهدف البيئة ويهدد بالقضاء على أحد المصادر الاقتصادية الهامة المتمثلة بمؤسسة الملح التي كانت وإلى فترة الثمانينات من القرن الماضي ترفد خزينة الدولة بملايين الدولارات.

وفي هذا الصدد تحدث ل(عدن تايم) الناشط المجتمعي ورئيس مركز تراث عدن وديع امان : ان ما يحدث اليوم من اعمال بسط وبناء عشوائي في الأراضي الرطبة بعدن وتحديدا في احواض الملح تعتبر جريمة كبرى بحق عدن وبحق البيئة الطبيعية في المدينة ، حيث ان هذه المساحات المعروفة بالأراضي الرطبة تعتبر محميات طبيعية للطيور المهاجرة التي تأتي اليها من جميع بلدان العالم خلال اشهر معينة في السنه ، وكذلك تدخل ضمنها اراضي المملاح التي تعد مصدر دخل اقتصادي هام.


مصير مؤسسة الملح مع البسط

ولعل أبرز المخاطر التي تشكلها ظاهرة البسط على الأراضي الرطبة سيما في أراضي المملاح أو ما تعرف ب(احواض الملح) التابعة لمؤسسة الملح هو تهديد هذه المؤسسة بالتدمير.
وتحدث وديع امان ل(عدن تايم) عن الأهمية التي تكتسبها مؤسسة الملح وقال : " احواض الملح التابعة لمؤسسة الملح عدن تعد مصدر اقتصادي كبير وهي تجارة رائجة تدر الالاف من الدولارات لخزينة الدولة حتى فترة الثمانينات ، والملح العدني هو من اجود أنواع الملح على مستوى العالم حيث كان يصدر الى اروبا ومختلف بلدان العالم.
ويواصل امان حديثه عن الملح العدني الذي تعد بيئته الأراضي الرطبة بالقول : ان الشركة الإيطالية للملح أتت للاستثمار في عدن حيث بدأت الشركة الإيطالية للملح بمشروع استخراج وتصدير الملح في العام 1986م ، ومن ثم أتت بعدها الشركة الهندية العدنية لتبدا هي الأخرى مشروع استخراج وتصدير الملح ، وهذا ما يعطي أهمية لتلك الأراضي الرطبة من حيث كونها بيئة جاذبة للاستثمار ، وعلى العكس من ذلك نجد أن في توقف المؤسسة وظهور عمليات بسط يهدد هذه المؤسسة بالتدمير ، ونناشد الجميع بالوقوف ضد هذه السياسة التدميرية.


متنفذون جنوبيون

في الوقت التي بات من الممكن أن تعاود مؤسسة الملح في عدن عملها سيما والاستقرار الأمني الذي تحقق في المدينة منذ الحرب لا يعيق إعادة نشاط المؤسسة ، بل ان عودة نشاطها يعد مكسب ورافد اقتصادي للسلطات ، إلى أن الشيء الغير مبرر هو استمرار حبس وسد القنوات المودية إلى احواض الملح ، والذي يعتبره نشطاء وحقوقوين انه امر مدبر من قبل نافذين مع الأسف هم جنوبيين ليتسنى لهم نهب والبسط على تلك الأراضي وبيعها.

ويضيف امان ان البسط والبناء العشوائي في احواض الملح يقف خلفه بعض المتنفذين ومع الأسف انهم جنوبيين ومحسوبين على الجنوب ، فبالأمس كنا نشتكي من التدمير الممنهج الذي تعرضه له عدن من قبل المتنفذين الشماليين واحواض الملح والأراضي الرطبة بشكل عام هي احد الوجهات البيئية التي تعرضت لهذا التدمير من نافذي نظام المخلوع ، ومع الأسف اليوم لايزال مسلسل التدمير لعدن مستمر وبايادي جنوبية لا تختلف في نهجها وشكلها وسلوكها عن تلك الايادي الشمالية.

جهود أمنية تصتدم بقوى نفوذ

الأجهزة الأمنية في محافظة عدن عملت على التصدي لعدد من عمليات البسط والبناء العشوائي الذي استهدف الأراضي الرطبة في عدن الى ان عمليات البسط والبناء لا تزال مستمرة.
ففي يوليو الماضي تصدت عناصر أمنية لإعمال بسط في احواض تابعة لمؤسسة الملح( المملاح) بعدن وتحديدا مقابل جولة سوزوكي ، وقامت القوات الأمنية بازالة احواش تم بنائها من قبل أصحاب معارض سيارات ، قيل انهم اشتروها من نافذين بمبالغ كبيرة ، ونقلت مصادر حينها انه تم عرض حوش للبيع بسعر 200مليون ريال، من قبل نافذين.
والموقع الذي يتم البسط عليه أطلق عليه خلال فترة الاستعمار البريطاني لعدن اسم (رئة عدن).
وعلى ما ييدوا ان النافذين شكلوا عائق كبير أمام الجهود الامنية وبالتالي اجهضوها مستغلين علاقتهم بمراكز القوى للاستمرار في نهب تلك الأراضي التي ولاهميتها سماها البريطانيون (رئة عدن).

ختاما يمكننا القول ان البسط والبناء العشوائي في الأراضي الرطبة تتطلب تحرك مجتمعي وشعبي واسع يبدأ بالاصرار على فتح قنوات تغذية احواض الملح والمطالبة باستئناف نشاط مؤسسة الملح حتى لا يترك المجال أمام قوى النفوذ وتجار الفساد الذين تلهث السنتهم حين يشاهدوا الاحواض جافة ، فالتحرك الأمني يتداخل مع صراع قوى النفوذ ولا يمكن أن يتصدى لقوى النفوذ دون التحرك المجتمعي والشعبي.