آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

ثقافة وأدب


الخلط بين التوعية والوعظ

الثلاثاء - 09 يناير 2018 - 07:51 م بتوقيت عدن

الخلط بين التوعية والوعظ

محمد صالح باجيدة

وكأن دائرة التثقيف والإعلام الصحي بوزارة الصحة أخذت على عاتقها بناء مجتمع مثالي فاضل خالٍ من الرذيلة بدلا من أن تأخذ على عاتقها رفع الوعي الصحي للمجتمع. فأتت لغة رسالتها التوعوية مشوهة بالخلط بين الوعظ -القائم على الترهيب والترغيب- والتوعية المبنية على العلم ومحاربة الجهل.

إن في التركيز على الإتصال الجنسي بشكل يجعلك تتصور وكأنه السبيل الوحيد لانتقال مرض الإيدز بين مصاب وآخرَ سليم، وتبنّي فكرة أن "تعزيز الوازع الديني" من طرق الوقاية من المرض، فيهما جميعا ما يساعد على ترسيخ الصورة النمطية المشوهة للمصاب المتكونة في الذهنية العامة لمجتمعنا.

فعندما تتبنى الجهة الرسمية -المسئولة عن التوعية الصحية- فكرة "تعزيز الوازع الديني" كأسلوب من أساليب الوقاية من مرض الإيدز في رسالتها التوعوية، فإن الصورة المتكونة لمصاب الإيدز في ذهن المتلقي -بشكل لاواعي- هي أن المصاب شخص عاصٍ، ضعيف إيمان ومذنب، وبالتالي إزدراء المصاب ونبذه، حتى لَيُضاف إلى هذه الصورة المتكونة الخوفُ من انتقال المرض لدى العاملين في المجال الصحي أنفسهم؛ فيُعامَل المريض معاملة قاسية دون اعتبار لإنسانيته. وبالتالي قد يتطور لدى المصاب شعور بالنقمة فيسلك مسلكا عدوانيا لنقل المرض إلى غيره.

****
الكارثة.. أن غالبية الجهات الصحية والمسئولة عن التوعية الصحية (تكاد تكون جميعها) تهمل تماما التوعية بأهمية "الجنس الآمن" ونشر ثقافة "استخدام الواقي" بين عامة المجتمع؛ ولهذا حالات الإصابة بالمرض في ازدياد مستمر. والسبب هو قيام الجهات الصحية بالوعظ في هذا المجال نيابة عن وزارة الأوقاف والإرشاد! وإهمال الدور التوعوي بأسباب الوقاية.
****

يجب أن تزال من الخطابات التوعوية ومن المنشورات "والبروشورات" التي توزع على نطاق واسع بين العامة فكرة أن من أسباب الإصابة بالمرض: غياب الوازع الديني أو ضعف الوازع الأخلاقي. ويجب أيضا استبعاد فكرة أن من إجراءات الوقاية: تعزيز الإيمان أو ترسيخه وغيرها من المفردات والأفكار التي تتضمن في بواطنها اتهام للمصاب وتعزز من النظرة الدونية لمن عُلمت إصابته وتضعه في خانة "المغضوب عليهم".

مع أن المرض قد ينتقل إليك دون أن تكون هناك يدٌ أو إرادة لك فيه: عن طريق جرح بشفرة حلاقة ملوثة مثلا، أو نقل دم مصاب إليك مع إهمال الفحص.

لو تمت إزالة الصورة النمطية عن المرض الراسخة في ذهنية العامة، عندها لن يتحرج المصاب أو يشعر بالخجل -مجرد الخجل- من الإعلان عن إصابته بالمرض. ولن يتردد الفرد في الإقبال على إجراء الفحص دون الخوف من نظرة المجتمع لإصابته -عند اكتشافها- على أنها سقوط وانحدار أخلاقي أو وصمة عار يحملها أينما ذهب.
فالإصابة بالإيدز ليست دليل ضعف الإيمان ولا هي علامة غياب الوازع الأخلاقي، وليست -بالضرورة- عقوبة إلهية.

الكاتب :

طالب بكلية الطب
جامعة حضرموت