آخر تحديث :الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - 10:08 م

عرب وعالم


وقف المساعدات الإماراتية ينذر بانتكاس الاستقرار الهش في الصومال

الأربعاء - 18 أبريل 2018 - 10:31 ص بتوقيت عدن

وقف المساعدات الإماراتية ينذر بانتكاس الاستقرار الهش في الصومال

عدن تايم - وكالات :

أثار قرار دولة الإمارات العربية المتّحدة إنهاء مشاركتها العسكرية والمالية في مهمة إعادة بناء القوات الصومالية، مخاوف داخل البلد الذي يعيش أوضاعا سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الهشاشة، من أن يساهم غياب الدور الإماراتي في حدوث انتكاسة كبرى تنسف جهود إخراج الصومال من واقع الصراع والاحتراب الداخلي الذي تردّى فيه منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.

وقرّرت الإمارات قبل أيام إنهاء مهمة قواتها التدريبية للجيش الصومالي الناشئ ضمن البرنامج الذي انطلق سنة 2014، وذلك على إثر تعرّض بعثة عسكرية إماراتية للمضايقة في مطار مقديشو، ما اعتبر وجها من وجوه استهداف الدور الإماراتي في الصومال من قبل جهات إقليمية مضادّة لجهود بسط الاستقرار في المنطقة ككل وللدول المنخرطة في تلك الجهود وفي مقدّمتها مصر والمملكة العربية السعودية.

وعبّرت حكومة إقليم بونت لاند (بلاد بنط) شبه المستقل في الصومال عن القلق من تراجع الدور الإماراتي، حاثّة الإمارات على عدم إنهاء عملياتها الأمنية في الإقليم، معتبرة أنّ أبوظبي حليف مهم في التصدّي للإرهاب والقرصنة البحرية.

ويصف مراقبون مساهمة الإمارات في استعادة الصومال لاستقراره وإعادة بناء دولته بأنّه عمل استراتيجي في صميم حماية الأمن القومي العربي، حيث يشرف هذا البلد الأفريقي العضو في جامعة الدول العربية على مسارات شحن بحرية مهمة في الجهة المقابلة لليمن.

وقال محلّلون إنّ الأزمة التي فجرتها حكومة مقديشو بدفع من تركيا وقطر، تنذر بالمزيد من التدهور في وضع أمني مشتعل بالفعل على جانبي خليج عدن حيث تنفذ جماعات متشددة هجمات مستمرة.

ويشكّك خبراء عسكريون في إعلان الحكومة المركزية في الصومال عن نيّتها تولّي مسؤولية برنامج تدريب القوات بدلا عن الإمارات، منبهين إلى أنّ الوضع في البلد، وتربّص الجماعات المتشدّدة به لا تسمح بالانتظار ريثما يكتسب الصومال الخبرة والقدرة على تكوين قوّاته ذاتيا، فيما لا يمكن لكلّ من قطر وتركيا أن تتوليا المهمّة بدلا عن الإمارات نظرا لكون أنقرة والدوحة غير معنيتين أصلا بمحاربة الإرهاب والتشدّد بل هما على العكس من ذلك مهتمّتان بالتمكين لجماعاته.


خبراء الشؤون الأمنية والعسكرية يرون أن الدور الإماراتي في الصومال أصبح ضروريا لاستعادة دولته وحفظ أمنه وأمن المنطقة ككل، إذ أنّ البلد الخارج بالكاد من مرحلة اضطراب واحتراب داخلي ليس بوارد القدرة على إعادة بناء قدراته العسكرية والأمنية ذاتيا، فيما قطر وتركيا اللتان تحاولان التشويش على الجهد الإماراتي غير معنيتين أصلا بمواجهة التشدد والإرهاب الذي يتربّص بالصومال بقدر اهتمامهما بدعم جماعاته والتمكين لها.

ويؤكّد الخبراء أنّ انسحاب الإمارات من الصومال سيكون نصرا مباشرا لجماعة الشباب الإسلامية المتشدّدة، غير مستبعدين أن تعمل تركيا وقطر على مساعدتها على إعادة غزو مناطق البلاد.

وقال محلّل أمني نقلت عنه وكالة رويترز دون ذكر اسمه بطلب منه “إن توقف البرنامج الإماراتي قد يسبب عدم استقرار”، مضيفا “قيمة القوات التي تدربها الإمارات كانت مزدوجة حيث كانت مدربة بشكل جيد والأهم من ذلك أنها كانت تحصل على رواتبها في موعدها بخلاف قطاعات أخرى في قوات الأمن”.

وكان من الدوافع المباشرة لإعلان الإمارات عن إنهاء برنامجها التدريبي استيلاء عناصر أمنية في مطار مقديشو على مبالغ مالية كانت بحوزة البعثة الإماراتية وهي مخصصة لدفع رواتب القوات الصومالية في نطاق اتفاق معلن ومبرم بشكل مسبق مع حكومة الصومال ذاتها.

وقال مكتب رئيس بلاد بنط الواقعة عند طرف القرن الأفريقي وتشرف على خليج عدن، في بيان “لا نطلب من أصدقائنا الإماراتيين البقاء فقط وإنما أيضا مضاعفة جهودهم لمساعدة الصومال في الوقوف على قدميه”.

وأضاف البيان أن إنهاء دعم الإمارات “سيساعد أعداءنا من حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية”.

وتطمح بلاد بنط لرفع مستوى الشراكة مع الإمارات التي تدير مركزا للتدريب على مكافحة القرصنة في الإقليم وتقوم بتطوير الميناء الرئيسي.

وتعدّ الإمارات من أوّل الدول التي أبدت اهتماما بالمساعدة على إعادة مظاهر الدولة إلى الصومال من منطلقات إنسانية وأخرى استراتيجية تأخذ بالاعتبار أهمية موقع هذا البلد لأمن المنطقة العربية عموما ومنطقة الخليج على وجه الخصوص. فبفعل حالة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي التي تردّى فيها الصومال منذ سنة 1991 مع سقوط حكم سياد برّي، بات هذا البلد مسرحا للجماعات المهدّدة للاستقرار من مجاميع القرصنة البحرية التي عانت منها حركة الملاحة الدولية طيلة سنوات، إلى جماعة الشباب المتشدّدة التي ما تزال تنشط في البلد وتحاول منع عودة الاستقرار إليه.

وبحكم موقعه المشرف على المحيط الهندي والمطلّ على خليج عدن، مثّل الصومال أحد معابر السلاح الإيراني المهرّب باتجاه اليمن حيث تشارك الإمارات ضمن تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية لمواجهة تمرّد جماعة الحوثي الموالية لإيران.

ونفّذت قوة الواجب الإماراتية عدة دورات تدريبية تخرج منها الآلاف من الصوماليين تم تدريبهم لبناء الجيش والأجهزة الأمنية الصومالية، كما تقوم دولة الإمارات بتغطية التكاليف المالية للتدريب ودفع الرواتب.

وتشرف الدولة على برنامج قوات شرطة بحرية في إقليم بونت لاند مختصّة في مكافحة الإرهاب والقرصنة، وساهمت الإمارات في رفع قدرات المؤسسات الأمنية والعسكرية الصومالية، وكذلك دعم وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب بالتعاون مع عدة أطراف دولية والقوات التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال.

وتضفي الإمارات أيضا على مساعداتها للصومال بعدا تنمويا مستداما من خلال تقديمها مساعدات متنوعة تراوحت بين المساهمة في ترميم البنى التحتية وتوفير المرافق الضرورية وبعث مشاريع صغرى توفر مصادر رزق للسكان.