آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:29 م

تحقيقات وحوارات


مدير مستشفى الأمراض النفسية ل "عدن تايم" : لدينا 137 نزيلا ونزيلة والهلال #الامـاراتي يقوم بتغذيتهم شهريا ب 1،800 ريال شهريا

الجمعة - 09 نوفمبر 2018 - 11:01 م بتوقيت عدن

مدير مستشفى الأمراض النفسية ل "عدن تايم" : لدينا 137 نزيلا ونزيلة والهلال #الامـاراتي يقوم بتغذيتهم شهريا ب 1،800 ريال شهريا

حاوره/ محمد ياسين

هذه هي أسباب هروب المرضى والامن يتحمل جزء من المسؤولية

هناك مرضى يتماثلون للشفاء ولا يجدون من يأخذهم

نعاني من نقص في الأجهزة والطواقم الطبية والتمريضية.. والمستشفى بحاجة لاعادة تأهيل

الصحة النفسية لا تحظى بالاهتمام المناسب من الجهات الرسمية

على الرغم من كونه المرفق الصحي والاستشفائي الوحيد المتخصص على مستوى جميع محافظات البلاد، إلا أن الإهمال يبقى العنوان الأبرز الذي يجسد وضع مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في العاصمة عدن، حتى بلغ به الحال حدا من التدمير لا يمكن السكوت عنه، بحسب كثير ممن زاروه أو تعاملوا معه، ناهيك عن العاملين فيه والقائمين عليه الذين يؤكدون أن المستشفى قد أصبح في وضع اقرب إلى الباحث عن العلاج، بدلا من أن يكون ملاذا للباحثين عن الشفاء!.

وتأسيسا على ما وصل إليه الحال في هذا الصرح الطبي المفترض، والحاجة إلى متابعة أوضاعه لطرحها أمام جهات الاختصاص وأمام الرأي العام، كان للصحيفة هذا النزول إلى المستشفى الواقع في مدينة الشيخ عثمان ، والالتقاء بمديره العام الدكتور طلال العامري الذي تطرق إلى كثير من الأمور الخاصة بالمهام الملقاة على عاتق الطاقم الطبي والتمريضي وإدارة المستشفى، وكذا الهموم والمصاعب التي يعاني منها، والسبيل إلى حلها، لإعادة المستشفى إلى الطريق التي كان يفترض له السير فيها.

حاوره/ محمد ياسين

في بداية اللقاء تحدث الدكتور طلال العامري عن حال المستشفى ، فقال: " استلمنا المستشفى في حالة يرثى لها من حيث الإمكانيات والمعدات والنظافة، وحتى الغذاء كان يتم توفيره عن طريق فاعلي خير".
ويضيف : " الآن ، الهلال الأحمر الإماراتي يدعمنا في التغذية ، حيث يقدم لنا مليون وثمانمائة ألف ريال شهريا لهذا الغرض، ساهمت إلى حد كبير في حل هذه الإشكالية".
ويتابع حديثه ، قائلا: " ميزانية النظافة ضئيلة جدا، ولا تتجاوز ((350 ألف ريال خاضعة للضريبة، كما أن الموازنة الرسمية للتغذية خاضعة للضريبة، فيما تبلغ ميزانية الدواء( 430) ألف ريال شهريا، وهي ميزانية لا تكفي سوى لأسبوع واحد".
ويمضي مدير عام مستشفى الأمراض النفسية قدما في شرح ابرز التفاصيل عن المستشفى، فيقول:" الموازنة التشغيلية ضئيلة جدا، وهي نفس الميزانية منذ 2014 ، وتبلغ ( ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف ريال) وهي موازنة لم تعد تفي بالغرض بسبب ارتفاع أسعار المواد، ويتم صرف هذه الموازنة في العلاجات والنظافة وأغراض أخرى كثيرة تخص العمل اليومي في المستشفى".
ويتحدث عن الكادر الطبي والتمريضي العامل في المستشفى ، فيقول: "عدد الأطباء والاختصاصيين في المستشفى (4)أطباء اختصاصيين و(3) أطباء عموم ، بالإضافة إلى 70)) ممرضا وممرضة رسميين".
ويؤكد:"الأطباء ملتزمون ، فيما يوجد ممرضين ملتزمين وآخرين يتخلفون بذريعة بعد السكن عن مكان العمل ، ولا ننكر أن المرضى يتأثرون بهذا الغياب".
وعن عدد النزلاء (المرضى) الموجودين في المستشفى حاليا، يقول:" لدينا (27) مريضة من الإناث و(110) مريضا من الذكور، وأغلبهم يعانون من أمراض الاكتئاب والأمراض الذهانية (اضطراب العقل والتفكير) وحالات الصرع وحالات القلق".
ويتابع:"الحرب الحالية كان لها تأثيرها الواضح، حيث زاد عدد المرضى الوافدين إلى المستشفى منذ بداية الحرب وحتى الآن".

حجم الدعم وأبرز الداعمين

وحول إجمالي الدعم المقدم إلى المستشفى، يقول:" المستشفى مركزي، يقدم خدماته للمرضى من جميع المحافظات، وهو الوحيد الذي يؤدي الخدمات العلاجية لهذا النوع من الأمراض، ولا يوجد مستشفى آخر متخصص غيره، ولذلك يعاني المستشفى من الضغط، كما يعاني بشكل كبير وواضح بسبب نقص الميزانية وعدم توفير العلاجات بالشكل المطلوب، علما أن المستشفى ملتزم بتوفير العلاجات والغذاء مجانا للمرضى المرقدين وكذلك للذين في العيادات الخارجية (يتعالجون ويعودون إلى منازلهم)".
وعن أبرز الداعمين لمسيرة العمل ، خصوصا مع عدم وجود الميزانية الكافية ، يقول مدير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية:" الجهات التي تقدم لنا الدعم هي مكتب الصحة العامة في المحافظة، ومنظمة الصحة العالمية، والهلال الأحمر الإماراتي الذي يتكفل بالتغذية كاملة".

السعة السريرية ومكونات المستشفى

وكشف الدكتور العامري عن سعة المستشفى، ومكوناته العامة ، فقال: "عدد السرر يبلغ حاليا ( 130) سريرا، فيما يوجد في المستشفى ( 8) أقسام ترقيد للرجال والنساء، تعمل منها (3 ) أقسام للرجال وقسم واحد للنساء، وهناك قسمين آخرين جاهزين، لكن الميزانية التشغيلية لا تغطيهما ، وهما بلا أثاث ولا طاقم ، كما يوجد قسمين قيد الترميم ، وهما بحاجة إلى إعادة تأهيل، وتوجد أقسام ملحقة منها قسم العيادة الخارجية، وقسم الهزات الكهربائية وقسم الطوارئ وقسم العلاج الترفيهي".
وواصل قائلا: "هناك أيضا قسم المختبر وقسم الأشعة، وهي لا تعمل بالشكل المطلوب لأن جهاز الأشعة متوقف عن العمل (عاطل) بينما يعمل المختبر على الفحوصات الروتينية (العادية) لعدم وجود أجهزة مخبرية أسوة بالمستشفيات الأخرى مثل جهاز (cbc) وهو جهاز حديث وشامل غير موجود لدينا".

احتياجات مطلوب توافرها

وعن أهم الاحتياجات المطلوب توافرها في المستشفى يقول الدكتور العامري:" نحن بحاجة إلى توفير مستلزمات طبية ومختبرية ووسائل نقل خاصة بالمستشفى، علما بأننا نستخدم سيارة إسعاف واحدة ونحتاج لسيارة إسعاف أخرى، كما نحتاج إلى حافلة لنقل الأطباء والنوبات وسيارة (بيك آب) لتغطية الأعمال الخدمية والإدارية".
أما الأجهزة الأكثر أهمية واحتياج بحسب الدكتور العامري فهي جهاز تخطيط القلب والأعصاب(eeg) وجهاز ضغط الدم وجهاز تخطيط الدماغ (عاطل) وأجهزة تعقيم للأقسام واسطوانات أوكسجين مع حاملاتها.
ويؤكد الدكتور العامري على أهمية توافر بعض الضروريات التي لم يستطع المستشفى توفيرها من موازنته المتواضعة، فيقول:" من ضمن احتياجات المستشفى في الوقت الحالي أجهزة كمبيوتر وآلة تصوير، كما لا يوجد لدينا طاقم متكامل مؤهل في الجانب التمريضي وفي الإدارة أيضا".
ويستطرد:"هناك أيضا مشكلة في الوقود، فلدينا مولّد كهربائي بحاجة إلى كمية معينة من الديزل، كما نعاني من مشكلة في توفير الديزل المطلوب لتشغيل المولّد، و نعاني من عدم وجود ميزانية تسمح بالصيانة".
ويستدرك قائلا :" عموما ، المبنى بالكامل يحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل وفقا للتقرير الخاص المقدم من لجنة شكلها مكتب الصحة والذي يفيد بضرورة إعادة التأهيل للمستشفى، علما بأن يد التأهيل والتطوير لم تطل المستشفى منذ تم إنشائه من قبل دولة الكويت الشقيقة عام 1986".

متطوعون بلا حوافز

ويقدم الدكتور العامري وجها آخر لمعاناة المستشفى والطاقم العامل فيه ، فيقول: " هناك دور كبير للباحثين النفسانيين والذين يبلغ عددهم (22 ) باحثا، يعمل منهم الآن (6) باحثين والبقية أحيلوا إلى التقاعد، كما يعمل معنا مجموعة من المتطوعين من خريجي علم النفس يساهمون في الجلسات النفسية وهؤلاء بلا حوافز شهرية، رغم أن دورهم كبير في عمل البحث النفسي والجلسات النفسية العلاجية.. وهناك أمراض لا تحتاج إلى الدواء بل إلى الجلسات النفسية التدعيمية التي يقوم بها هؤلاء مع زملائهم".
ويتطرق للأدوية وإشكالية الحصول عليها وطرق الصرف المتبعة في المستشفى ، فيقول:" الأدوية يتم توفيرها من الميزانية المتواضعة للمستشفى ، وهناك دعم يقدم لنا في هذا الجانب من قبل صندوق الدواء بالمحافظة، كما يلعب الهلال الأحمر الإماراتي دورا في هذا الجانب من خلال تقديم الدعم لتوفير بعض الأدوية، وكذلك هناك مساهمات كويتية عبر منظماتهم الإنسانية، لكننا مازلنا نعاني في توفير الأدوية للمرضى رغم الدعم المذكور".
وعن طبيعة تلك الأدوية ، يقول:" الأدوية التي نستخدمها هي مضادات الأمراض النفسية والعصبية، ونعطيها للمريض إلى جانب الجلسات النفسية التدعيمية المساعدة".

لماذا يفر المرضى؟؟

ويشكل فرار المرضى من المستشفى هاجسا للأهالي ، كما يمثل هما لإدارة المستشفى ، لذلك سألنا مدير المستشفى عن هذه الظاهرة وأسبابها ، فأجاب:" فرار المرضى من المستشفى يعود إلى عدة عوامل، أبرزها أن عدد المرضى يفوق عدد الممرضين، وأثناء الانشغال بوجبات الطعام مثلا يجد بعض المرضى الفرصة للهرب، وعلى الأمن تحديدا جزء من المسؤولية في هروبهم".
وأشار إلى دور إدارة المستشفى، بالقول:" نحن بدورنا لا نهمل حالات هروب المرضى، وسبق لنا إجراء التحقيق ومحاسبة الطواقم المناوبة بسبب حالات من هذا النوع، وهناك إجراءات تتخذ للحد من هذا الأمر، ولدينا محاضر موجودة بالإجراءات المتخذة، حيث أن سلامة المرضى تهمنا، لذلك نحن نتابعهم لإعادتهم إلى المستشفى".

على طاولة الحكومة

بالإضافة إلى المعاناة العامة التي سبق ذكرها والتي تخص المستشفى بأقسامه ومعوقات العمل الخاصة بالأجهزة والمعدات وتواضع الميزانية، يقول الأخ المدير إن هناك معاناة خاصة بالكادر العامل ، ملخصا إياها في التالي" توقف العلاوات عن الكادر وأهمها علاوة النوبة والخطورة وعلاوة العدوى والتطبيب للطواقم الطبية والتمريضية والإداريين وعددهم (18) إداريا ، بالإضافة إلى عمال الخدمات".
ويتحدث الدكتور طلال العامري عن المبالغ التي تحصل تحت بند (مساهمة المجتمع) وما إذا كان بالإمكان الاستفادة منها في المستشفى، فيقول:" نعم ، هناك مساهمة مجتمع ولكنها مبالغ ضئيلة ، وأحيانا يتم إعفاء بعض الحالات.. والمبالغ المحصّلة إجمالا لا يمكن أن تفي بشيء".
قصور في الفهم وعدم اهتمام
ويشكو الدكتور العامري من عدم تفهم الجهات الرسمية في الدولة والحكومة لوظيفة المستشفى ودوره ، فيقول:" هناك قصور لدى جهات القرار في استيعاب مفهوم المرض النفسي والعقلي واحتياجاتهما، وللأسف فإن الصحة النفسية لا تحظى بالأولوية لدى صناع القرار، وهي في درجة متأخرة جدا من اهتماماتهم".
ويختتم مناشدا الداعمين والأهالي لمساعدة المستشفى، من خلال القول:" نطالب المنظمات الدولية المانحة الالتفات إلى المستشفى أسوة ببقية المستشفيات التي تحظى بدعمهم،كما ندعو الأهالي إلى متابعة مرضاهم، وخاصة الوافدين من المحافظات البعيدة، لأن هناك من يتماثل للشفاء ولا يجد من يأخذه".