آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 05:04 م

اخبار وتقارير


الإغاثة في لحج .. جهود انسانية تشوبها المحسوبية والمحاصصة

الثلاثاء - 19 فبراير 2019 - 12:40 م بتوقيت عدن

الإغاثة في لحج .. جهود انسانية تشوبها المحسوبية والمحاصصة

تقرير خاص - صدام اللحجي :

يُعرّف الفساد في المساعدات الإنسانية، وفق مصادر منظمة الشفافية الدولية بأنه استغلال للمساعدات التي تُقدم للدول الضعيفة أو المحتاجة، وتحويلها لصالح الفئات غير المستهدفة أو التي طُلبت من أجلها المساعدات، سواء المتعلقة بالمشاريع أو المعونات الإنسانية، وكذلك استغلال المساعدات في مصالح عائلية أو قبلية، كما يمكن استغلال المساعدات في الحصول على خدمات "خاصة" أو معاملة تفضيلية لأفراد الأسرة والأصدقاء، مثل عمليات التوظيف أو التكسب الشخصي من العمليات اللوجستية، أو استغلال المشتريات المتعلقة بهذه المساعدات للمصالح الشخصية أو الفئوية.

تغلل الفساد :

تعدّ السرية وعدم الشفافية في الإغاثة الإنسانية بوابة كبيرة، يتغلغل الفساد فيها ويشتت الجهود الإنسانية، كما هناك تلاعب في حصص الإغاثة الإنسانية، ومن أهم مكامن الفساد في الإغاثة الإنسانية هو فساد آلية توزيعها كما تتم المتاجرة بالمساعدات الإنسانية حيث نجد المساعدات تباع في عدة محلات تجارية وبوجود معونات تحمل شعار منظمة "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" أو شعار الأمم المتحدة أو حتى الهلال الأحمر الإماراتي حيث أكد مراقبون مشاهدتهم بأم العين كميات هائلة من هذه المساعدات المقدمة لأبناء مدينة الحوطة بلحج، تباع في المحال التجارية على نحو مكشوف عن طريق وسطاء فاسدين جنوا الملايين من وراء سرقة هذه المساعدات بطرق مختلفة كما يلجأ النازحون إلى بيع المساعدات التي يتلقونها طوعًا إلى التجار، وعبر جمعيات خيرية نتيجة الفقر والحاجة إلى شراء مواد ضرورية كالأدوية.

البلد الفقير :

في محافظة لحج التي فاقمت الحرب المشتعلة في البلاد منذ أربع سنوات من الوضع الإنساني في البلد الفقير، وخلقت مأساة إنسانية هي الأسوأ في العالم، حسب تقارير دولية فقد أدت الحرب إلى توقف كثير من الأعمال وإلى النزوح والتشرد وتوقف رواتب معظم الموظفين وغيرها من المآسي المترتبة على تلك الحرب المستمرة والتي طحنت رحاها الأخضر واليابس وتوزيع الإغاثة الإنسانية التي التزم العالم بتنفيذها بشكل عاجل لليمن يعتبر من أهم المشاريع المطلوبة في الوقت الراهن لإنقاذ حياة معظم اليمنيين من شبح المجاعة الذي يهددهم لكن على الرغم من تعطش محافظة لحج للإغاثة الإنسانية في ظل الوضع المعيشي الصعب، إلا أنه مازال هناك قصور كبير في آلية توزيع تلك الإغاثة لضمان وصولها إلى مستحقيها بعدالة ونزاهة وشفافية خالية من الفساد حيث مازالت آلية توزيع الإغاثة الإنسانية في لحج عشوائية ودون أي إحصاء أو رصد أو دراسات أو بحث ميداني يحدد مدى وأماكن الاحتياج للإغاثة، فغياب قاعدة بيانات واضحة وشفافة أدى إلى تشتيت الجهود الإنسانية وعدم تحقيقها لهدفها المرجو، حيث إن عملية توزيع الإغاثة الإنسانية في مدينة الحوطة بلحج يشوبها الفساد والفوضى والعبث والارتجالية.

تفعيل دور الرقابة :

يرجع البعض إلى أن أهم أسباب فساد الإغاثة الإنسانية عدمُ تفعيل الرقابة الرسمية والشعبية والمجتمعية فالعمل دون رقابة يشكل بيئة خصبة للفساد ويستوجب أن يتم تفعيل آليات للرقابة من جميع أجهزة الرقابة الرسمية والشعبية والمجتمعية للتدقيق والتحقق من كشوفات ومستندات الإغاثة الإنسانية وهذا حق مكفول نص عليه القانون الدولي الإنساني ولا تتعارض الرقابة مع هدف الإغاثة بل أيضًا تعتبر الرقابة ضمانة حقيقية لتحقيق أهداف الإغاثة الإنسانية.

الشفافية والمصداقية :

من أهم معيقات تنفيذ إغاثة إنسانية إيجابية في محافظة لحج عدم وجود شفافية تحقق المصداقية في عمل فرق الإغاثة وهذا ما يستوجب تحقيق الشفافية الكاملة عن طريق النشر اليومي للكميات التي دخلت المدينة من الإغاثة الإنسانية ونوعها وآلية وحصص المناطق المستهدفة بالإغاثة وكم حصة كل حالة بالتحديد بالكمية والنوع حيث ما يتم في الواقع تعتيم كبير على ذلك فيتم توزيع كميات لبعض الحالات في بعض المناطق ويستلم آخرون كميات مضاعفة وأصناف جديدة كما ويتم حرمان مناطق أخرى دون أي معايير واضحة وشفافة دونما مبرر.

عقال الحارات :

بالرغم من حقيقة معرفة عاقل الحارة وشيخ القرية والمجالس المحلية بالأسر والحالات التي بحاجة إلى إغاثة إنسانية لكن ما هو في الواقع هو عدم فاعلية وجدوى الاتكال فقط عليهم لتحديد الأسر والحالات وكذلك توزيع الإغاثة فالجميع يشكو من عدم شفافية تعامل تلك الشريحة ووجود فساد لدى البعض منهم يستوجب أن تكون هناك جهة أخرى مشرفة ومتابعة لهم للتحقق من صحة البيانات والمعلومات المرفوعة منهم وفحصها ميدانياً وأن يتم نشر تلك المعلومات لجميع أفراد الحارة أو القرية وبشكل دائم وفتح باب التظلمات لمن تم استبعادهم أو البلاغ بفساد أو خطأ في حالات محددة وإذا تم كشف معلومات مغلوطة يتم إيقاف عاقل الحارة أو شيخ القرية باعتبار ما قام به من مغالطة جريمة تزوير في محررات رسمية يتحمل بسببها المسؤولية الجنائية لأنه يهز من ثقة المجتمع فيهم.

تكرار توزيع الإغاثة :

تتكرر توزيع الإغاثة لبعض المناطق وحرمان مناطق أخرى منها دون مبرر نتيجة عدم وجود آلية تنسيق للإغاثة الإنسانية يتم في الواقع تكرار الإغاثة لبعض الحارات والقرى والمناطق لنفس الحالات لأكثر من مرة في وقت وجيز وفي نفس الوقت يتم حرمان المناطق الأخرى دونما معايير أو مبرر عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية تحدد مدى الاحتياج الفعلي ودرجات الأهمية لكل منطقة بالإضافة إلى عدم وجود تلك البيانات الهامة يؤدي إلى تشتيت الجهود وتشبيع الإغاثة الإنسانية باحتياجات محددة ومكررة وعدم إشباع الاحتياجات الأخرى والمفترض أن يتم دراسة الاحتياج والمواد المطلوبة ليتم تنفيذ الإغاثة بشكل شامل ومقبول.