آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 08:05 م

كتابات واقلام


الثعلب الذي فقد ذيله بضربة فأس... وغدر بجماعته من الثعالب

الخميس - 17 ديسمبر 2020 - الساعة 10:05 م

العقيد عوض علي حيدرة
بقلم: العقيد عوض علي حيدرة - ارشيف الكاتب


بقلم: العقيد المهزوم عوض علي حيدرة

هذه الرواية، والعهدة على الراوي، للكاتب الكبير الاستاذ أحمد الجمال، يعالج فيها بعض الأحداث التاريخية الجسام في مصر، في الماضي والحاضر، بأسلوب علمي شيق وممتع، لطيف خفيف لا يخلو من مضمون، عبر صحيفة المصري اليوم، وهي عبارة عن سلسلة طويلة من المقالات بعناوين مختلفة مع بعض الردود.

وأنا بدوري المتواضع، حاولت تلخيصها وأقتبس منها ما رأيته قد يفيد شباب الجنوب بصورة عامة، وشباب عدن على وجه الخصوص، وبالذات الذين لم يعاصروا كل الأحداث البعيدة أو بعضها التي مر بها الجنوب. كما إنني ‏لست بصدد الغوص في تلك المقالات أو شرحها أو تفسيرها، ولكنني توقفت عند بعض النقاط التفصيلية، التي ‏رأيت أنها مهمة، وهي أن (الرفاق) الهاربين من ماضيهم، ظلوا حتى الآن... عاجزين عن جعل أفكارهم وعلاقاتهم وتحالفاتهم السياسية جزء من أساس مسار ما يمكن أن نطلق عليه الحركة الوطنية الجنوبية، لأنهم في الأساس فشلوا في ممارسة فضيلة أو مبدأ التوافق الوطني، مراهنين على الزمن وحلفائهم في الماضي والحاضر، لعل وعسى يعوضوا ما فات، بعضهم منطلق من اعتقادهم بأن الله اصطفاهم ليكونوا مقاتلين وقادة للجنوب دون غيرهم.

وهذه الرواية ‏التي سوف نسردها لربما تنعش ذاكرة (الرفاق)، و تحفزهم لقراءة واعية متأنية واقعية لجذور الواقع التاريخي في الماضي والحاضر وما يتحدثون عنه، ثم يكفّوا عن الكذب والتدليس، وتعليق عرقلة أهدافهم على شماعة الآخرين، انطلاقا من أن قراءة الأسباب والعوامل والظواهر كما كانت عليه، وما هي قائمة عليه الآن، بغير محاولة أن يسقطوا عليها قناعاتهم، تعد المحك الحقيقي للصدق مع انفسنا و وطننا وشعبنا للنظر إلى المستقبل.

وبقوة الأمر الواقع، فإنه مهما كانت الصراعات والحروب التي مر بها الجنوب منذ 57 عاما، ‏وما يترتب عليها من نتائج مأساويه، فلن يصح بعد اليوم الا الصحيح.. وناسف على الإطالة في المقدمة، واليكم الرواية:

"يُحكى أن ثعلباً كان يسطو على حقل بطيخ.. من وراء ظهر جماعته، وذات مرة.. تربص به صاحب الحقل، فهجم عليه. وقفز الثعلب ناجياً.. إلا ذيله، فقد بترته فأس الفلاح، وصارت بقية الثعالب تعيّره.. بالأزعر.
ولما اشتد عليه التهجم والتندر والنبذ.. فكّر في حيلة جهنمية، إذ خاطب جوعَ ونهمَ بعضِ الثعالب، وأقنعهم بالسطو على حقول البطيخ، وأنه سوف يكون دليلهم إليها، وإلى سبل اقتناص الثمار.. شرط أن يقنعوا بقية القطيع.
وقد حصل، واندفع الجميع إلى الحقل.. فيما وقف صاحبنا يرسم لهم الخطة، وهي أن يلف كل ثعلب ذيله على إحدى ثمار البطيخ، ويعقده عقدة شديدة مزدوجة.. لا تنفك بسهولة، ثم – وبأسنانه – يقطع الثمرة من نقطة اتصالها بالشجيرة، ويمضي ساحباً البطيخة وراءه، وأنه سوف يقف على جذع شجرة قريبة، يراقب الطريق، وليحذرهم.. إذا حدث واقترب صاحب الحقل.. واندفعوا ونفذوا العقدة، فإذا بالقائد الناضورجي.. يصيح بأعلى صوته: «اِلحق يا عم يا صاحب البطيخ»، وكررها في الاتجاهات الأربعة، وحاول كل ثعلب أن يفك العقدة ليفلت، ولكن إحكامها حال دون ذلك، فما كان من الثعالب إلا أن قطعت ذيولها بأسنانها.. وصار الكل «زُعراناً» ولم يعد أحد يجرؤ – بعد ذلك – أن يعيّر صاحبنا أو ينبذه.."