آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


البرفسور الراحل صالح يحيي برأه واخلاق وثبات في الموقف

الخميس - 28 يناير 2021 - الساعة 08:26 م

د.فضل الربيعي
بقلم: د.فضل الربيعي - ارشيف الكاتب


استطيع القول ان رحيل البروفسور صالح يحيى سعيد كان قد آلمنا واشد وطاءة علينا جميعا - نحن محبيه وحتى المخالفين له بالراي- عشنا حالة من الألم والحزن الواحد عند الجميع، وهذا ما عبرت عنه تلك المشاعر التي جاءت بها برقيات التعازي وذلك الحضور الكبير في مراسيم الدفن والعزاء، التي يحملها الكل تجاه تلك الشخصية الوطنية الكبيرة، فقد عُرف الفقيد ببساطته ودماثة أخلاقه ووضوح مقاصه ونواياه التي لا يشوبها شائب.
حيث اجمع الكل تقريبا حول مزايا شخصيته كان ذلك بعد رحيله أو في حياته قبل الرحيل، بانه يتحلى بجمله من الصفات والخصائص الانسانية الجميلة تلك التي تحمل البراءة والإخلاص والصدق والجراءة معا ، وهذه صفات قلما نجدها عند السياسيين او بالأصح ممتهني السياسية.
رحمة الله عليكم حبيبنا وزميلنا وصديقنا وابونا صالح يحيى سعيد، لقد عرفناك مناضلاَ مثابراَ ثائراَ مقداماً قيادياّ مواصلاَ مستمراَ بجهودك النضالية وقناعاتك الصلبة والمبدئية دوما وابدا، في كل الساحات والقاعات والمحافل طوال السنوات الماضية وفي كل بقاع الوطن الجنوبي.
كان تواجد فقيدنا في الساحات يستحضره شعورا وعنفوان الشباب، ينسى في تلك الاثنا مركزه العلمي وموقفه النضالي، بل وحتى سنه، وصحته. انه الوطن الحاضر في ذهنيته وموقفه ، تملؤه الجراءة والابداع المبادر لممارسة الفعل على ارض الواقع، وتلقائية الحديث ووضوح معانيه. كان لا يشعر الاخرين بانه من تلك الشخوص التي يملأها الريبة والحذر والخوف والتعالي وضجيج المرافقين ...
عرفُه البسطاء والميدانيين والشباب في الحراك الجنوبي ، أكثر من الساسة والنخب والقيادات. لأنه كان مؤمنا ان النصر سياتي من الميدان وبواسطة هؤلاء الثائرين البسطاء بوصفهم أصحاب قضية، اعطى كل ما بوسعه وجهده وما يملكه من خبرات ووقت وعلم للقضية الجنوبية.
كان الدكتور صالح يحيى هو القضية والقضية هي الدكتور صالح يحيى سعيد. لا يمكن ان ينجر للمساومات ولا المراوغة أو المداهنة ولا حتى ان يتمثل الصمت، كان الصوت الصاخب في ساحات النضال السلمي، لا يخلو أي حديث له من ترديد كلمة "التحرير والاستقلال ونباء دولتنا الجنوبية المستقلة " يكاد تكون تلك المفاهيم قد التصقت به، هكذا عٌرف الفقيد (ثورة ثورة يا جنوب) في كل مكان يتواجد فيه كان حفل أو عزاء او مظاهره او حتى في ساحات جامعته ، بل في كل المناسبات الاجتماعية يذّكر من يكونوا حوله بالقضية الجنوبية عبر تلك كلمتين كان يحملها في طرف لسانه (التحرير والاستقلال ) فضلا عن اشارته بأصابع يده التي ترمز للنصرv. الذي يرمز دائماً بها أينما وجد للإشارة على ما يحمله من أمل لنصرة قضية الجنوب وتحريره التي تملكت روحة وذهنه وجسده وحياته كلها.
فهو الارادي المهني الذي عرفته وزارة العمل والخدمة المدنية منذ تأسيسها واخذت جزء من حياته. وعرفته الإدارة السياسية التنظيمية الذي امتهنها بعمله لسنوات طويلة في قيادة اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي.
وهو الأكاديمي المتواضع الذي عرفته قاعات المحاضرات معلماً باحثا ناقداً سوسيولوجياً، احبه طلابه وزملاءه واحبهم جميع.
هو الثائر الصابر المكافح الذي عرفته ساحات النضال الثوري والحركة التحريرية السلمية في الجنوب لسنوات طوال حتى أخر دقيقة من حياته عندما توقف قلبه وهو في احدى الاجتماعات المهمة في عدن عندما ذهب إلى الاجتماع مدركا أهمية ومخاطر تلك اللحظة التي ابأ إلا ان يكون حاضرا فيه، إذ كانت اخر كلماته للحاضرين توحدوا معا لا تتركوا فرصه لعدوكم والنيل من قضيتكم .
الجدير بالذكر هنا ان الفقيد كان من أوائل المناضلين الذين خرجوا إلى الميدان السياسي والثوري بعد حرب 1994م، وجمعتنا مواقف معا في تلك الظروف التي كانت فيها شدة سطوة القمع والملاحقة للمناضلين، وللأمانة وللتاريخ لقد كان رجلا شجعا لم يأبى أو يهاب تلك الممارسات ، كان ايمانه بمبدئه بقضية شعبه أقوى من رصاصات النظام المحتل وسجونه وملاحقاتهم . ولم يترك فرصة لتلك القوى التي حاولت مراراً وتكراراً ممارسة الضغوط والإغراءات المختلفة التي تعرضت لها قيادات الحراك الجنوبي وحتى اخر لحظة من حياته ظل يواصل نضاله رغم ما تعرض له من اهمال من قبل الكل.
عاش ثائرا مناضلا ميدانيا وقياديا مقداما وسياسيا مخلصا وانسانا خلوقا بريئا ثباتا في مواقفه لن يحيد عنها. جمع بين عدد من الصفات التي قلما نجدها في شخصية السياسي في هذا الزمن.

أ‌. د. فضل عبدالله الربيعي
أستاذ علم الاجتماع