آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 03:58 م

كتابات واقلام


الحادث الفاجع ..بسبب الرصاص الراجع

السبت - 13 فبراير 2021 - الساعة 03:00 م

د. علي صالح الخلاقي
بقلم: د. علي صالح الخلاقي - ارشيف الكاتب


تابعنا بألم مقتل الشاب احمد قليقل مساء أمس في البريقة برصاصة راجعة من السماء، فيما كان راجعاً بخطى واثقة إلى بيته وأهله، كما تابعنا مقطع الفيديو المصور الذي أظهر لحظة وقوعه فجأة صريعاً على الأرض.. الشاب أحمد يعمل في مصافي عدن في أمن المصفاة ويعيل أسرة كانت تنظر عودته سالماً غانماً، لكن الرصاصة الراجعة حولته إلى جثة هامدة..
فمن المسئول عن هذه الجريمة وأمثالها التي تتكرر دون رادع أو عقاب؟!..

هذه الجريمة أعادت إلى ذهني ما كتبته عن هذه الظاهرة وغيرها من ظواهر الإخلال بالأمن في عدن في مقال كتبته في 27 ديسمبر 2015م، بعنوان (حتى لا تمطر سماء عدن رصاصاً) وأجد من المناسب أن أعيده بتصرف طفيف في ما يلي:

حين أرى السيارات تمخر عباب شوارع عدن جيئة وذهاباً بدون لوحات.. أو بلوحات لا تحمل أي صفة رسمية، معظمها بستار (الجنوب العربي )، أو حتى بدون لوحات مطلقاً، أقول أن الاختراق الأمني (ممكنا جداً) عبر مثل هذه السيارات، إذ يمكن تقييد أي حادثة جنائية أو أمنية أو إرهابية (ضد مجهول).. وهو ما سبق أن نبهنا له من قبل..
وحين تمر بين فينة وأخرى بعض الأطقم وعليها مسلحون مدنيون لا تدري إلى أي جهة ينتمون، وإلى اي مكان يذهبون، ولا زي رسمي لهم، أقول أن (الخطر الأمني)ما زال قابعا ومتحركاً.

وحين يسطو أفراد أو جماعات على الأراضي الخاصة أو العامة أو يستقطعون ما بقي من متنفسات عامة في الأحياء بقوة السلاح وأزيز الرصاص وتحت غطاء (المقاومة) وهي منهم بريئة..أقول إن نظام السلب والنهب والفيد الذي شرعه الاحتلال لرموزه ما زال بيننا بسلوكياته وعنجهياته التي ثرنا عليها، ولا بد أن يغادرنا وإلى غير رجعة..

وحين يخرق بعض السائقين نظام المرور، على مرأى من رجال المرور، ولا يأبهون لهم، أقول إننا للأسف، كمواطنين، لم نتخلص بعد من أوزار الفوضى، وأن احترام (النظام) ما زال بحاجة لجرعات من العقوبات التأديبية وفقا للقانون، حتى لا تنتهك حرمته.
وحينما اسمع دوي إطلاق الرصاص الحي وبمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ناهيك عن الألعاب النارية المزعجة التي ما برحت تصمّ أَذناننا وتزعج سكينتنا في أحياء عدن ، أقول أن التحدي الأمني ما زال قائما.. ومشكلتنا (فينا)..والحل بأيدينا..
ولا بد من اجراءات سريعة لوضع حد لمثل هذه الظواهر السيئة التي لم تعهدها عدن، وتتنافى مع مدنيتها ومع ما ينبغي أن تكون عليه بعد طرد الغزاة، خاصة وقد أصبح أمرها بيد أبنائها.

إن عدن عاصمتنا ومدينتنا التي نحبها ونهيم بها عشقاً، ولا بد من تعاون الجميع لتكون في أحلى حلة ..ترفل بالأمن والأمان وينعم أهلها وزائروها بالسكينة العامة..وعلى كل من يحب عدن، ويريد الأمن والأمان لها أن يبدأ من نفسه ومن موقعه..
ولنبدأ بمنع ظاهرة إطلاق الألعاب النارية والرصاص الحي في مواكب ومناسبات أفراح الزواج.. التي تعيد إلى أذهاننا أجواء المعارك التي عشناها خلال المواجهات مع الغزاة..

نحترم أعراس وأفراح الناس ..يفرحون كيفما يشاءون في منازلهم وفي إطار الذوق العام .. لكن دون أن يمسوا السكينة العامة .. وعلينا نبذ هذا السلوك الطارئ الدخيل علينا .. فقد كانت الألعاب النارية ممنوعة، وقد يقضي العريس ليلته في السجن إذا أطلق مرافقوه (طماشة).. أما حمل السلاح أو إطلاق أعيرة نارية حية فمن المحرمات، وهذا هو الشائع في كل بلدان العالم.

وحتى الأفراح العامة.. ينبغي أن لا يكون لصوت الرصاص الحي والعشوائي فيها مجالا.. لأن الراجع منها قد يصيب بعض الناس في مقتل، خاصة في مدينة مكتظة بالسكان كعدن، وعلى سبيل المثال، عند استقبال الأسرى عام 2015م تم إطلاق أسلحة نارية بكثافة من مختلف الأعيرة فقتل مواطن برئ بارتداد رصاصة جاءته من السماء.. يا الله.. نحرر أسيراً...ونقتل مواطناً.. كم نحن فرحون (والله لا يحب الفرحين)..وكان يمكن الاكتفاء بمثل هذه الفرحة بالألعاب النارية، وهي لا تقل دوياً عن الرصاص الحي.. ولنحافظ على هذا الكم الهائل من الرصاصات والأعيرة النارية الحية فقد نحتاج لها في هدف مشروع فما زال العدو متربصا .. والجنوب لم يتحرر بكامله ..

ختاما .. مع تقديرنا للجهود المبذولة والتحسن التدريجي الملموس في الأمن والأمان في عدن ، إلا أن حبنا لعدن يدفعنا لطرح مثل هذه الملاحظات التي نعرف أنها ليست غائبة عن اهتمام قيادة المحافظة.. وعلينا أن نتعاون جميعاً، مواطنين وقوات أمن ومقاومة في تهيئة سبل الأمن والأمان لعدن خاصة والجنوب عامة، وهذه هي مسئوليتنا جميعاً، وعلى مدى تظافر وتكاتف جهودنا جميعاً يكون النجاح المرجو والمأمول..
#علي_صالح_الخلاقي