آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 05:12 ص

كتابات واقلام


في عندنا أحسن منه !

الأربعاء - 15 مارس 2017 - الساعة 05:07 م

محمد كليب أحمد
بقلم: محمد كليب أحمد - ارشيف الكاتب


بعد أن تيقنت من صعوبة الحصول على نوعية من الأدوية عبارة عن أقراص وصفتها لي طبيبة اختصاصية وصرفت لي الكمية المناسبة للعلاج والذي أظهر تحسناً ملموساً منذ الأيام الأولى لتناوله ، ويبدو أن هذا النوع كان من المعونات الطبية المقدمة للمراكز الطبية ، فكرت في العودة لنفس الصيدلي للحصول على هذا النوع خاصة بعد أن فقدت العلبة قبل أن استكمل تناول الكمية الموصوفة حتى نهايتها ، ولكنني فوجئت بنفاذ الكمية الموجودة لديه ، وبعد أن شرحت له أنني فشلت في الحصول على هذه النوعية في الصيدليات التجارية الخاصة ، قام بكتابة الاسم العلمي لهذا النوع من الدواء لشراء ما يقابله من منتجات الشركات الدوائية الأخرى والذي يحوي نفس المكونات لهذا الدواء . ولكنني فوجئت بالعجب العجاب عند بدء مشوار بحثي هذا عند عدد من الصيدليات .. الأمر الذي ترك عندي انطباع مأساوي فعلاً عن حال التداوي وشراء الأدوية والوصفات الطبية من عدد كبير من الصيدليات التجارية الخاصة .. ووجدت أنه من الواجب أن أطرح مثل هذا الموضوع على الجميع للتنبه وإعادة الحسابات وبشكل مسئول عما يدور في تلك الصيدليات .. مددت يدي بالورقة المكتوبة لصيدلية مرموقة في أحد الأحياء الراقية طالباً هذا الدواء ، فأخذ يتمعن طويلاً في تلك الوريقة محاولاً معرفة أو تذكر أو مطابقة هذا الذي بدا له وكأنه غريباً ولأول مرة يطلع عليه , وبادرني قائلاً بسؤال ساذج : مما تعاني انت ؟ ألديك قرحة في المعدة أو تعاني من الكلى ؟ هنا تمالكت أعصابي ويدي تمتد إليه محاولاً انتزاع تلك الورقة للاكتفاء بذلك ، فقد اقتنعت أنه لن يبيعني ما هو مكتوب ، بل سيبيعني ما يناسب ردي على سؤاله الغبي الذي بادرني به . امتنع عن اعطائي الوصفة وأتجه إلى زملائه في الصيدلية يسألهم عن ماهية هذا الدواء لم يصادفه من قبل ، بل أنه لم يتلقاه في قاعات الدراسة التي كان يرتادها – هذا في حالة أنه درس – مع أن غالية القائمين في الصيدليات كما هو معروف هم من ذوي خبرة في البيع ليس إلا ، وأن اسماء الصيادلة المصرح لهم والمطبوعة أسمائهم في لوحات الصيدليات هم فقط الواجهة الاسمية والرسمية فقط للحصول على تراخيص مزاولة المهنة وليسوا هم القائمين على تلك الصيدليات أو استقبال الزبائن أو ذويهم ممن يلهثون على تلك الأدوية والعلاجات بعد أن يتعذب الكثير ويعاني أكثر من الحالة المرضية للحصول على قيمة ذلك الدواء خاصة الطبقة البسيطة من الناس وذوي الدخل المحدود أو المعدمين .. المهم تداول القائمون في تلك الصيدلية هذه (الوصفة الطبية العجيبة) ، وكل من تقع يده عليها يكرر السؤال التقليدي المستفز : ماذا تشكو أنت ؟ ما نوع مرضك ؟ أجبت أحدهم وأنا أحاول سحب ورقتي من بين أنامله : أن هذا المكتوب لديك هو الاسم العلمي لدواء خاص بالتحسس الجلدي ، وليس الاسم التجاري وقد أشرت لكم في بداية حديثي ، فلو كنت فعلاً صيدلي متخصص لما سألتني عن نوع المرض حتى تقوم بصرف دواء وفقاً لذلك . أجابني وهو يبتسم لحصوله على إجابة ذلك الطلسم الذي قدمته له : يا أخي كنت ستقول ذلك من البداية ، لأن لدينا نوع أفضل من المكتوب لديك ، لدينا مراهم ممتازة ومجربة وذات فاعلية عالية !! ـ ولكن هذا لدواء المكتوب يا سيدي هو أقراص مضادات حيوية وليس مرهماً . لم أكد أنطق ذلك حتى قال : هاه ! لدينا تلك الأقراص قوة 4 مليجرام أو تريد أكثر من ذلك ؟ وكان يقصد بذلك الأقراص المهدئة للتحسس التي تصرف للقاصي والداني بأسعار زهيدة ويعرفها الجميع .. ـ يا أخي رجائي الخاص هات الورقة هذه ، يكفني خبرتك العالية في صرف العلاجات ، فهي دواء شاف ومضاد حيوي لمن وضعكم في هذه الصيدلية للقيام بدور الطبيب والصيدلي في آن واحد .. هذه الحالة ليست خاصة ، بل وتتكرر كل يوم وفي معظم الصيدليات ومخازن الأدوية .. فهل يتكرم أو يأخذ المختصون في وزارة الصحة أو من يهمهم الأمر بأخذ زمام المبادرة للنزول وتفحص وتقصي المستوى التعليمي والخبرة العلمية والعملية لدى بائعي الأدوية في الصيدليات ومخازن الأدوية التي تتكاثر وتتناسخ بشكل لافت للنظر وربما دون حسيب أو رقيب ، خاصة وأن هذه المهنة أصبحت تجارة مربحة 500 % في ظل الامتيازات الخاصة التي تحظى بها تراخيص مزاولة المهنة والاستيراد والتجارة في هذا المجال الحيوي الهام من حياتنا اليومية والذي يلامس مصير وحياة العامة من الناس .