آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 07:36 ص

كتابات واقلام


نحن واسطوانات الغاز المنزلي

السبت - 22 يوليه 2017 - الساعة 01:29 م

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي - ارشيف الكاتب


أعرف أننا في مشاكل دائمة مع اسطوانات الغاز المنزلي منذ زمن طويل.. في ذلك الزمن الذي كان مايزال يحافظ فيه المجتمع والدولة على قدر كبير من احترام المقاييس والمعايير، واحترام حق المواطن في أن يستخدم ما في هذه الاسطوانات من منتجٍ بأمان، وبأكبر قدر من الثقة في أمانة الوزن إلى حدود كبيرة؛ بحكم ما كان مترسخاً من المقاييس والمعايير البريطانية، التي ظللنا نتمتع بها حتى وقت قريب، قبل أن نؤول إلى الوحدة، التي اتفق طرفاها على الأخذ بالاحسن في الشطرين، ولم يحصل في التطبيق سوى الأخذ بكل سيئ، هنا وهناك، فذقنا الوبال، وهانحن - بعد تجربة طويلة - على متاهات الإقتتال الأهلي لا رأينا بلح الشام، ولا عنب اليمن، أو كما قيل: لا من يوسف، ولا من قميصه، ومن ذلك معاناتنا مع هذا المنتج الضروري لكل بيت. فإذا لاحظت هذه الاسطوانات، ومع أنها للحق أكثر أماناً من السابق، إلا أن هذه الميزة قد فقدت وجودها أصلاً بغياب المقاييس والمعايير التي كانت محترمة، فالرؤوس الآمنة فيها صارت مصدر خطورة عظيماً نتيجة لعدم المفاقدة، والصيانة، وعدم استبدال الرؤوس المتهالكة، وصار المواطن لذلك مرغما على ألا ينسى إغلاق الرأس في كل مرة يستخدم فيها هذا المنتج، حتى لا يتعرض لشر الحرائق، لا قدر الله الشر. قد يقول قائل: هذا أتى نتيجة للتعبئة الزائدة.. نقول: لا، ولكن ثمة مصيبة أخرى، هي أكبر من أختها، فإن الدولة قد حددت سعرا معينا للاسطوانة ممتلئة (أكثر من 20 كيلو) إلا أن العبوة على الدوام لا تصل إلى هذا الحد بكيلوهات، فهي مابين 12 – 17 كيلو على حسب مزاج العامل في المصفاة، وتعامله مع التاجر، لأن الحساب على التاجر لا يحدد بالاسطوانة، بل بالطن المتري الذي عبأ به التاجر اسطواناته.. لذلك تجد المواطن يفضل أن يدفع أكثر من ثلاثة آلاف ريال لمحطات التعبئة الخاصة -إن توفر لديها الغاز- من أجل تعبئة اسطوانته الجيدة فنيا، عن أن يشتريها من محلات التوزيع بألفي ريال، واسطوانة مبدلة يعلم الله بحالتها الفنية، وتعبئتها، وما سيلي ذلك من الإشكالات فيما لو اكتشف أن الاسطوانة عاطلة، وقد تشكل خطورة حقيقية على أهله ومنزله، ولاسيما في هذا الزمن الذي قسيت فيه القلوب، ونشفت فيه الجيوب، وقلت، وضعفت فيه النجدة؛ سواء من كثير من الناس، او من الطوارئ، وشرطة الإطفاء، التي قد لا تصل إلى المنزل المنكوب؛ حتى تكون النار قد أتت عليه، وعلى غيره من المنازل المجاورة، بل ربما تصل سيارتهم مع ذلك بدون ماء، وبطلبات مجهزة لمكافأة الجهود الضخمة، والعظيمة لمن حضروا من أشوس الإطفاء!! لذلك كان لزاما علينا، وبعد كثير من التريث أن نتكلم، وأن ننبه المختصين إلى مدى القصور والنقص في هذه الخدمة، وهو ما قد يؤدي إلى كوارث لن يتحملها بصدق اليوم سوى المواطن المسكين الذي قد لا يجد قوت أهله في هذا الزمن القاسي، فضلا عن الخسارة الدائمة جراء عدم الالتزام بمقياس العبوة، وبيعها على أنها كاملة التعبئة، ولاسيما أن ديننا الحنيف وهو الباقي لنا من الروابط المقدسة يحثنا على الأمانة، ومراعاة الموازين بالقسط، وعدم خسرانها، وعدم الإضرار بالناس ومصالحهم..