آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


ادارة الخلاف (بالقطيعة)

الأحد - 20 أغسطس 2017 - الساعة 06:42 م

محمد الموس
بقلم: محمد الموس - ارشيف الكاتب


التنوع والتعدد سنة من سنن الكون التي اوجدها الخالق جل شأنه لحكمة يعلمها، وبفضل هذا التنوع نستطيع ان نميز الحلو من العلقم والغث من السمين، على ان اخطر صور هذا التنوع تشهده المجتمعات عندما ينعدم مبدأ قبول الاخر فيحدث الصراع القائم على قاعدة الغاء، وشواهد ذلك كثيرة قد لا يكون اقلها الصراعات التي عاشتها اوروبا على مدى اكثر من مائة عام قبل ان يصلوا الى القاعدة الذهبية للتعايش (قبول الاخر) ويتفوقوا على باقي قارات العالم في كل مناحي الحياة لدرجة ان اصبح حلُم العيش في اوروبا يراود معظم سكان الارض. يقولوا في الامثال ان (السعيد من اخذ العبرة من غيره)، وبخلاف عبرة اوروبا فأننا نشهد اليوم عبر حية تدور احداثها امام اعيننا وتعصف بمجتمعات كانت الى الامس القريب تنعم بالامن والامان لا لزوم لذكرها الا على سبيل الابتهال لله ان يصلح حال هؤلاء الاشقاء الذين طحنتهم الصراعات والتهجير. ولكي نضع النقاط على الحروف، فأننا في الجنوب نعيش ارهاصات قد لا يدرك البعض خطورتها وما قد تؤدي اليه من كوارث شبيهة بتلك التي عصفت بالجنوب منذ الاستقلال عن بريطانيا حتى الذهاب بالجنوب بما حمل الى باب اليمن هروباً من حالة اللا استقرار التي عصفت بالجنوب، وهي حالة هروب لم تخلو من عاطفة فرح بها المهزوم والمنتصر في صراعات الجنوب، وفرح بها الاشقاء بوصفها غنيمة ساقها القدر كلقمة سائغة. منذ تحرير عدن من الغزو الاخير ونحن نرى في وسائل التواصل الاجتماعي التي اصبحت مثل(هايد بارك) منفلت، يسري عليها وصف كاتب ايطالي حين قال ما معناه (اذا تحدث رجل ثمل في احدى الحانات بهذر مزعج وجد من يسكته اما في وسائل التواصل فيتعذر اسكاته ولذلك علينا هجر هذه الوسائل او تقبل التلوث الذي تحمله).. اقول منذ تحرير عدن ونحن نرى تهجم جنوبي على جنوبي اخر وصل حد القذف المتبادل، بعضهم ينسب لنفسه ما ليس فيه واخر ينسب لنفسه مالم يفعله وخذ من الجنون الذي تجاوز حدود افعال المجانين. قد يقل قائل ان ما تحمله وسائل التواصل الاجتماعي مدسوس من اعداء الجنوب.. الواقع ان المنشورات المدسوسة تكشف عن نفسها، وهي ،بالمناسبة، اكثر ادباً ولياقة مما يتقاذفه بعض ابناء الجنوب ضد بعضهم، ثم ان هناك افعال لا يمكن ان ننسبها لاعداء الجنوب. من امثلة هذه الافعال التدخل في عمل الاجهزة كما حدث مع مدير مالية وزارة الدفاع الذي اعرفه منذ اكثر من ثلاثة عقود واعرف قدراته الإدارية التي مكنته من انجاز قواعد بيانات الجيش في زمن قياسي، او تلك الواقعة التي حدثت مع احد الصحفيين المعروفين حين ساومه مسؤول حكومي على اعادة الكهرباء لمدينة عدن، او ذاك المسؤول الامني الذي اعلن انضمامه لاحد الاحتجاجات لأن هناك تقصير امني.. وهذه علامات بعضها يستوجب المقاضاة، وهي تكفي لمعرفة مقدار التخبط الذي نعيشه وعدم معرفة البعض بحدوده، كما تبين الى اي مدى نحن عاجزون عن ادارة خلافاتنا كما تفعل مجتمعات المعمورة. عندما كنت في احدى العواصم العربية دعاني احد الاصدقاء من المعارضة في العربية اليمنية لتناوصل وجبة الغداء في منزله، وحين حضرت عرفت ان الضيافة على شرف مسؤولين حضروا من صنعاء في زيارة لهذا البلد الشقيق وكان ضمن المدعوين معارضين لنظام صالح ويقيمون في هذا البلد منذ توليه الحكم ... ما اريد الوصول اليه في هذه الإشارة هو ان اشقاءنا في اليمن يجيدون ادارة خلافاتهم لأنهم لا يمارسون (القطيعة) في حين ان (القطيعة) جزء من ثقافتنا الحديثة في الجنوب وهي وليدة ثقافة الصراع التي توارثناها في الجنوب طوال نصف قرن .. واقع الحال ان النخب في الجنوب تتعامل مع قضايا الوطن ومطالب الناس بوصفها قضايا شخصية ويتباها بعضهم في نفي علاقته بنخبوي اخر وكأن في هذا التواصل ذم او نقيصة. يا هؤلاء.. ليس الرئيس هادي ولا رئاسة المجلس الانتقالي يتحملون ما اصاب الجنوب من مآسي وآلام، فما يحدث في الجنوب وما يصيب اهله هو نتاج تراكم كلكم تتحملون وزره منذ عقود وان بدرجات متفاوته.. بعضكم قرر وبعضكم صفق ..واذا لم نتجاوز ثقافة (القطيعة) ونبدأ في التواصل فسنبقى نحن والجنوب في معاناة يتحمل وزرها من صنعها مهما توارى عن الانظار. عدن 20/8/2017