آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

كتابات واقلام


وضعية محبطة غير مريحة !!

الثلاثاء - 29 أغسطس 2017 - الساعة 09:54 م

محمد علي محسن
بقلم: محمد علي محسن - ارشيف الكاتب


السلطة الشرعية يستلزمها عمل الكثير ، كيما تثبت ذاتها كقوة نافذة مسيطرة ، وبيدها زمام القرار كاملا على المحافظات اليمنية المحررة . فقبل مطالبة السعودية او الإمارات بدعم السلطات الشرعية وتمكينها من السيطرة على مساحة جغرافية مهمة وغنية بمواردها ومقدراتها الاقتصادية ، على هذه السلطات دعم وجودها وتعزيز نفوذها وسيطرتها ، وهذه جميعها مهام يصعب انجازها بسلطات طارئة ومتنقلة او منفية في الخارج ، وانما بسلطات مستقرة ومسيطرة على الحالة القائمة ، وفوق ذا وذاك لدى هذه السلطات ارتباط وثيق بمجريات الاحداث والتطورات الحاصلة في كل منطقة ومحافظة يتم تحريرها عسكريا . وللأسف الشديد ، النجاح العسكري المحرز خلال العامين والنصف ، لم يتم استثماره سياسيا ودبلوماسيا ، بل على العكس قادة الانقلاب هم من استثمر تلك السيطرة والنفوذ على عاصمة البلاد وبقية المحافظات التي مازالت تحت سيطرة ميليشياتهم الانقلابية . فرغم خسارة قوى الانقلاب لمحافظات ومناطق مهمة ومؤثرة ، مثل عدن وحضرموت ومارب وشبوة والضالع ولحج وابين والمخا ومناطق اخرى في تعز وصعدة والجوف ، الا ان هذه الانتصارات لم يتم استثمارها من جهتي السلطات الشرعية ودول التحالف ،اذ تم الاستعاضة عنها بالحديث عن صمود قوى الانقلاب واستمرار سيطرتها على المحافظات غير محررة . فبعد مضي نحو ثلاثة اعوام على الانقلاب ، وعامين ونصف على اندلاع الحرب وتدخل دول الجوار العربي ، الَّا ان المعركة مازالت محتدمة وفي مختلف المناحي العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والخدمية ، ودونما يطرأ على هذه المعركة اي تقدم ملحوظ جدير بقلب المعادلة القائمة . فبرغم تحرير العاصمة المؤقتة عدن واخواتها الجنوبية ، وصولا الى تحرير مارب النفطية شرقا وميناء المخا الاستراتيجي غربا ، الا ان هذه المكاسب وعلى اهميتها لم تخلق وضعية مريحة ومشجعة للسلطة الشرعية او لدول التحالف او حتى المواطن العادي . فهذه الانتصارات العسكرية لم يصاحبها انجازات ملموسة في الواقع الخدمي والتعبوي والاعلامي والمؤسسي ، فباستثناء الاغاثة الانسانية التي يمكن القول ان تحققها جاء بفعل جهود العاملين في الهيئات والجمعيات الانسانية ، تكاد بقية القطاعات عاجزة عن الايفاء بمسؤولياتها والتزاماتها النظامية والاخلاقية ناحية السكان . نعم ، المرتبات الشهرية والى اللحظة والحكومة لم تستطع ايصالها بانتظام الى مئات الالاف من العسكريين والمدنيين والمتقاعدين ، ما يعني ان قرار نقل البنك المركزي الى عدن وبدلا من يكون عاملاً مهماً وحيوياً يمكنه تعزيز فرص السلطة الشرعية في حربها لقوى الانقلاب ، بات القرار عامل احباط زاد من سخط ونقمة اليمنيين الذين صدمتهم حكومتهم بفشلها الذريع في ادارة وتوزيع وتحصيل الموارد والمرتبات والنفقات . حقيقة لا أفهم كيف ان مرتبات المتقاعدين العسكريين ، أو مرتبات الجيش والامن ، لم تصرف وحتى اللحظة ؟ وكيف ان مرتبات الشهداء يتم صرفها بالقطارة ؟ بل وحتى مكرمة الملك سلمان المقررة بخمسة ألف ريال سعودي لكل عائلة شهيد ، لم تصرف كاملة ولأسباب واعذار غير مقبولة مطلقاً . تسأل : عسى المانع خيراً يا خبرة ؟ فلا تعثر على إجابة شافية ومقنعة ؛ فمسؤول يحدثك عن شهداء مرحلة اولى وثانية وثالثة ، واخر يرجع سبب التأخير لسقوط مئات الاسماء من كشف اول صرف ، ثالث يبرر هذا التأخر للزيادة الحاصلة في بيانات المرتبات على اعتبار ان الحرب مازالت قائمة ، وهذا تبرير منطقي وواقعي لهذه الزيادة ، فطالما وهناك حرب مستعرة لم تتوقف ، فبكل تأكيد ، أعداد الشهداء في تزايد مستمر . بصدق أقول لكم أن السلطة الشرعية ، للأسف ، عجزت عن تقديم انموذج طيب وناجح يمكنه ردم الهوة الشاسعة بين السلطات وبين المواطن ، فبرغم ان خصوم السلطة الشرعية ليسوا في مستوى يؤهلهم لنيل ثقة السكان ، خاصة بعد تجربة العامين المنصرمين ، إلَّا ان السلطة الشرعية اخفقت في تقديم نفسها كبديل ، ما زاد من مضاعفة الحالة ، بحيث صرنا نتحدث عن وضعية غريبة مربكة وناتجة عن مشروعين ، وكلاهما خلقا الاحباط السائد والصادم ، أيضاً ، للمواطن العادي . اتحدث عن عدن وجوارها بكونها جميعاً مناطق محررة من قوى الانقلاب ، وفي ذات الوقت غير محررة نظراً لوجود قوى مناهضة للسلطة الشرعية ، وهذه القوى وعلى اختلافها ومبررات وجودها ، كان يمكن السيطرة عليها واحتواءها في حال ان السلطة الشرعية قدمت ذاتها كقوة بديلة وبمقدورها التعاطي مع حالة الفراغ الناشئة في الجنوب ، بل وبيدها اوراق عدة لو انها احسنت استغلالها ، اولها بالطبع انها مازالت صاحبة المشروعية الوحيدة المعترف بها اقليمياً ودولياً واغاثياً وعسكرياً . محمد علي محسن