آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 05:47 م

كتابات واقلام


لنبدأ بمقاطعة شراء البيض والسمك والنفط ..

الإثنين - 16 يوليه 2018 - الساعة 11:20 م

القاضي أنيس جمعان
بقلم: القاضي أنيس جمعان - ارشيف الكاتب


قبل بضع سنوات أستيقظ الشعب الأرجنتيني صباح أحد الأيام وإذا بتجار الدواجن والبيض قد اتفقوا على رفع سعر البيض كلهم مرة واحدة، عقدوا إتفاقهم دون أن يفكروا في لحظة واحدة أن هناك من لايستطيع أن يجد قوت يومه وأن هناك من يكد النهار والليل ليسد رمق أطفال جياع، هل تعلمون لماذا؟ لأنهم تجار جشعين لايهمم إلاأن يملأوا جيوبهم بأموال الناس كيفما اتفق .. فماذا حصل بعد ذلك..؟؟ لقد كان المواطن الأرجنتيني ينزل إلى السوبر ماركت ويأخذ البيض وعندما يجد سعره مرتفعا فإنه يعيده إلى مكانه كان هذا هو حال جميع المواطنين الأرجنتينيين وأتفقوا بمقاطعة شراءه (خلوه يفسد) .. فماذا تتوقعون إنه حصل بعد ذلك ..؟؟ بعد أيام وكالعادة تأتي سيارة التوزيع الخاصة بشركة الدواجن لتقوم بتنزيل الكميات الجديدة من البيض، ولكنهم فوجئوا بأن أصحاب المحلات يرفضون إنزال أي كميات جديدة فقام التجار بإعادة الكميات إلى مستودعاتهم، وقالوا لنصبر أياما قليلة لعل وعسى أن يعود المواطنون لشراء البيض، انتظر التجار أياما وانتظر الشعب أياما وانتظروا وانتظروا، وتورط التجار (الجشعون) بالبيض الذي تكدس في الثلاجات والمخازن والمستودعات والبقالات دون وجود مشتر، والدجاج الخائن في المزارع قد اتفق مع المواطنين وواصل إنتاجه من البيض ولم يتوقف، وأصحاب محلات التموين لم يطلبوا أي طبق بيض، فالبيض الموجود لديهم بالأسعار الجديدة مازال مستمرا في الرفوف .. ولم تنته القصة وبعد عدة أيام أتفق التجار ولكن مضت هذه المرة إتفاقا جديدا وهو بيع البيض بسعره السابق قبل الارتفاع ، ولكن الشعب الأرجنتيني الأبي رفض أن يشتري البيض مرة أخرى، وذلك لكي يتأدب التجار ولايعودوا لمثلها، فعاد التجار وخفضوا من سعر البيض مرة أخرى .. وهل انتهت القصة هنا .. لا..! ولكن الشعب العظيم كان عند حسن المسؤلية حيث لم يشتر البيض ، فكادت عقول التجار أن تزول، فالخسائر تتراكم والموت قادم لامحاله .. أخيرا وبعد كل هذا أتفق حثالة التجار الخاسرين وهم خاسئون، بأن يبيعوا البيض بربع سعره قبل الأرتفاع مع تقديم إعتذار رسمي للشعب في الصحف والإذاعة والتلفزيون بعدم تكرار ماحدث .. هنا أنتهت القصة وأصبح الشعب الأرجنتيني العظيم فائزا في معركته مع التجار وفائزا بأنه يشتري البيض بخصم 75٪ من سعره الأصلي، وهنيئا للشعب الواعي، الشعب المتفق فكريا والعارف بمصلحته، لقد فازوا بالمعركة على التجار الجشعين .. هذه قصة حقيقية واقعية حدثت قبل عدة سنوات في عاصمة الأرجنتين بوينس آيرس Buenos Aires وليست من نسج الخيال قامت المدونة الثقافية الجنوبية بإعادة نشرها لأخذ العبرة والحكمة والتجربة من الشعب الأرجنتيني بعد أن غلبنا التجار اليمنيون بجشعهم دون مراعاة ظروف الشعب الذي يعيش محنة الحرب ، حيث أغلبهم لايستطيع توفير قوت يومه في ظل إنقطاع الرواتب فبدلا من التكافل الإجتماعي نجدهم يرفعون الأسعار دون رقيب أو خوف من الله أو إجراءات الحكومة ضدهم ، حيث وصل سعر الحبة البيض في عدن خمسين ريالا، وزيادة في سعر الباكت البيض إلى أربعة أضعاف، بل نجدهم يتحايلون على المواطن عند إنخفاض سعره يعملون على تفقيس البيض وبيعه كأفراخ صغيرة بمائة ريال، في الأصل تموت بعد أيام من شرائها من قبل الأطفال وذلك لعدم توفر البيئة الملائمة لتربيتها، وهذا بحد ذاته نصب وأحتيال من قبلهم، ولكن نحن بإستطاعتنا رفع شركات الدواجن وإنزال أخرى إلى الحضيض بإرادتنا دون حملات ودعايات، وذلك بمقاطعة شرائها جماعيا فقط نحتاج إلى قليل من الثقافة والوعي.. فالمستهلك هو من يحدد قيمة السلعة , وذلك من خلال القاعدة الأساسية قاعدة العرض والطلب بطريقة استبدال هذه السلعة التي تم زيادة أسعارها والاستغناء عنها ، وتعويضها بسلعة أخرى تحمل نفس المكونات الغذائية وبسعر أقل .. فهل نمتلك القرار والشجاعة بذلك بالعمل الجماعي بمقاطعة أي سلعة يتم رفع سعرها؟ لنبدأ اليوم بمقاطعة البيض والأسماك والنفط لننهي إحتكار التجار .