آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 07:09 م

كتابات واقلام


يمنيون في الصومال !!

الثلاثاء - 23 أكتوبر 2018 - الساعة 12:26 ص

احمد فيصل الابي المحامي
بقلم: احمد فيصل الابي المحامي - ارشيف الكاتب


بينما كنت اليوم متواجدا في أحد المحلات التجارية في الحبيبة عدن تقدم رجل ليسلم على امرأة كانت تقف بجواري و يبدو أنهما لم يرى أحدهما الآخر منذ سنين و بدأ كل منهما يسأل الآخر عن أحواله وأحوال أسرته و بلهجة عدنية أصيلة و بصوت تغمره الغبطة والسرور كانت المرأة تتحدث بأنها نزحت من عدن مع بداية الحرب و اتجهت إلى الصومال بصحبة زوجها و أولادها و أنهم استقروا هناك و أنهم لازالوا يعيشون هناك وإنما جاؤوا الآن إلى عدن لبيع منزلهم و سيعودون إلى الصومال .

والحقيقة أنني اندهشت مما سمعت فتدخلت في حديثهما وسألت المرأة سؤالا بعد سؤال وهي تجيب بأريحية و نبرة صدق ولم أشعر نهائيا بأنها تبالغ .. ومن ضمن الأسئلة التي سألتها : كيف تعيشون هناك و في أي مدينة و ما هو المشروع الذي أنشأتموه و هل أولادكم يدرسون في المدارس و كيف تتعامل معكم السلطات الصومالية والشعب الصومالي ؟؟؟
وقد زادت إجابات تلك المرأة من دهشتي إذ أنها قالت : أن الشعب الصومالي شعب طيب جدا جدا كما أنه شعب كريم للغاية و قد منحتهم الحكومة الصومالية ترخيصا لفتح محل كوافير في هرجيسا و هم يسكنون هناك و أولادها يدرسون في المدارس و زوجها يساعدها في شراء مستلزمات محل الكوافير كما أنه يعمل محاسبا لدى شركة و أنهم يعيشون هناك في أمان و سعادة وأن الوضع الاقتصادي ينتعش يوما بعد يوم كما أن أعداد اليمنيين في الصومال يتزايد يوما بعد يوم .

إن السعادة تغمرني الآن و أنا أتذكر كلام تلك المرأة وأيضا لأن الوضع في الصومال الشقيق في تحسن حقيقي بعد أن طحنته رحى الحرب لسنين طوال .

كما أن الذاكرة رجعت بي إلى الخلف شيئا من الزمن و تذكرت أنه قبل سنوات هرب الآلاف من إخواننا الصوماليين إلى اليمن بسبب الحرب الطاحنة التي مزقت الصومال، وكانت المنظمات الدولية المانحة تدعم الحكومة اليمنية بملايين الدولارات لإيواء اللاجئين الصوماليين ، و ما كان يحز في نفسي حينها أن الكثير من اليمنيين كانوا يتعاملون مع أي صومالي معاملة دونية بل و ينظرون إليه نظرة ازدراء و الأدهى من ذلك أن أغلب القائمين على المؤسسات الأمنية يعتبرون كل صومالي مجرما .

و في زمن كسرت فيه نفوس الأنقياء في عدد من بقاع المعمورة أصبحت الصومال هدفا جديدا للغربة ، وتحولت مقديشو وبوساسو و كيسمايو و هرجيسا إضافة إلى بقية المدن الصومالية مقصدا جديدا للمغتربين اليمنيين ، ينسج فيها عمال اليمن إبداعهم ، وينهض فيها مستثمرون أخرون فروا من اليمن ببقايا أموالهم التي سطت عليها مليشيات الخراب والموت سواء في شمال اليمن أو جنوبه .

ناهيك عن وجود مخيمات إيواء لنازحين يمنيين تضم الآلاف منهم ، وتقدم لهم معونات ومساعدات ، ويحظون ببعض الخدمات التي تمنحها مؤسسات دولية بالتعاون مع الحكومة الصومالية ، و صدق الله القائل :( و تلك الأيام نداولها بين الناس ).

و قد افتتح العديد من اليمنيين مشاريعهم الصغيرة في مدن الصومال كالمدارس و الفنادق و المطاعم و صالات للأفراح و كوافيرات و غيرها من المشاريع .

إن هذا الواقع الجديد لهجرة اليمنيين ونزوحهم و المعاملة الراقية التي تعامل بها الصومال شعبا و حكومة مع اليمنيين دعاني للتفكير في تعاملنا كجنوبيين مع من يفر إلى عدن هربا من براثن ميليشيات الحوثي ، فألم يحن الوقت لاستعادة أخلاقيات التعايش التي نشأنا عليها كعدنيين و جنوبيين ؟ !! .. و ألم يئن الأوان لإصلاح ما خربته النعرات التي دمرت مجتمعنا و أخلاقياته بل و حضارته العريقة ؟!!

22/أكتوبر/2018م