آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 08:20 م

كتابات واقلام


بعض ما في الذاكرة لشعب الكويت

السبت - 22 ديسمبر 2018 - الساعة 12:15 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


أخذتني ذاكرتي المكدودة وأنا أعيد قراءة خبر استعداد دولة الكويت لاستقبال واستضافة أي لقاء قادم يتم فيه التوقيع على إنهاء الحرب في اليمن، إلى بدايات قدرتي على تهجي حروف الكلمات والتمييز بينها عند انتقالي ذات صباح من مدرسة قديمة متهالكة يفترش فيها معظمنا الأرض في فصول بلا أبواب أو نوافذ أو مراوح.. إلى مدرسة جديدة وحديثة تم الفروغ من تشييدها وتجهيزها للتو ليصبح لي فيها فصل دراسي له أبواب ونوافذ زجاجية واسعة، ولي كما لكل واحد من أقراني مقعد خاص وطاولة وأدراج.
وهناك جرس كهربائي، بدلاً عن جرس نحاسي يطرق باليد، يرن مع بداية ونهاية كل حصة وفسحة ومغادرة.. مدرسة مجهزة بمرافق صحية كافية، وصالات رياضة وألعاب مسقوفة ومفتوحة ومختبرات وغرف موسيقية وورش يحيط بها مجتمعة سور يتقدمه باب واسع وفي جانب منه غرست في الجدار لوحة رخامية صغيرة لا تُقرأ إلا عن قرب كتب عليها بحروف قليلة ومفيدة (هذه المدرسة هدية من الشعب الكويتي للشعب اليمني الشقيق) دون مانشتات ملونة ولا لقاءات تلفزيونية مطولة مصورة.

بدايات قادتني إلى الوقوف عليها ذاكرتي التي أخذت تنشط بعد فتور لتستحضر أمامي شريط العمر المليء بمثل هذه المواقف المعنونة بتلك اللوحات الرخامية التي لا تُرى إلاَّ عن قرب تحكي تسامق ونبل ارتباط الشعب الكويتي بالشعب اليمني في صرح علمي مدرسي أو جامعي أو مستشفى، ومواقف عديدة ومساعدات غير محدودة لا تذكر أو يعلن عنها رغم أهميتها وسعة أثرها ومردودها كالتعاقد مع نخب علمية وهامات فكرية للتدريس في المدارس الثانوية والجامعات وأطباء يتم التعاقد معهم والدفع لهم بالعملة الصعبة.

هدايا ومساعدات جادة وعميقة معلنة وغير معلنة ترعى وتهتم بنماء وتطور عقل وحياة الانسان اليمني دونما منٍّ أو انتظار شكر أو تهليل لأسرة أو شيخ أو ولي أمر..

هدايا ومساعدات من شعب إلى شعب تبدأ من الأساس وتربوا في المضمون بعيداً عن الشكليات وكبر أحجام اللافتات.

ـ هدية من الشعب الكويتي للشعب اليمني.
ـ الكويت إلى جانبكم.
بهذا الشعار وتحت هذه التسمية اعتادت دولة الكويت وشعبها أن تترجم صحة وسلامة وبقاء وقوفها إلى جانبنا وتحسس همومنا ومدنا بالعون.. من شعب إلى شعب ومن دولة إلى دولة.. عطاء حب وندية.

أول ما عرفت وعرف غيري مثلي الكويت بشعبها ودولتها ولم أعرف بشيوخها وكبار مسؤوليها، عرفتها بجمل بسيطة مختصرة (شعب الكويت.. دولة الكويت) لكي تبقى محفورة في الذاكرة والوجدان تتناقلها الأجيال وتأخذها معها جيلاً إثر جيل في صورة فعل وعمل وبناء انسان.
هكذا كانت الكويت، وهكذا مازالت مستمرة، وهكذا ستبقى إلى جانبنا كشعب ومن أجلنا كأمة لنكون ونبقى لها بالمثل شعباً إلى جانب شعب وأمة من أجل أمة.