آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 02:11 م

كتابات واقلام


المناطقية مشروع عدائي

الإثنين - 28 يناير 2019 - الساعة 01:48 ص

منصور صالح
بقلم: منصور صالح - ارشيف الكاتب


مع كل نصرٍ جنوبي يتحقق على الأرض ،تتسارع وتتعاظم جهود القوى المناهظة للجنوب وشعبه وتطلعاته، باتجاه وضع العراقيل والعقبات الكأدا في طريقه ، بهدف إرباك الجنوبيين ،و إشغالهم بما يعطل مسيرتهم ، ويخلق لهم صراعات داخلية ،هامشية ،تكبح انتصاراتهم المهرولة بقوة ، نحو استعادة دولتهم المنشودة.

فبخبثٍ ودهاء يؤمن ويدرك خصوم الجنوب وقضيته وأعداء شعبه ألاشيء يفت في عضد الجنوبيين،ويكسر شوكتٓهم ، اكثر وأخطر من الصراع الداخلي المدمر الذي ،يمزق الصف ،ويضعف القوى،ومنه يخترق العدو تحصينات الصفوف الداخلية للجبهة الجنوبية وإعادة انتاج ذاته من خلال وضع جديد غير صحي وان كان ذلك باستخدام بمسميات جنوبية ،تجد لها وقعاً وتلائم مزاجاً لدى البعض.
وبفعل الماضي المثخن بالجراح ،وانحدار الوعي لدى كثيرين ، وعجزهم عن إدراك خطورة مايحاك لهم وبوطنهم يسعى المتربصون من خارج الحدود، وعبر آلة إعلامية ضخمة، وشبكات ذباب الكتروني يعيش على النفايات والسحت ، لإثارة ثقافة مناطقية مقززة تخاطب الغرائز والميول الجاهلية المريضة لدى البسطاء ، وتضخيمها كما لو أن الجنوب بات احدى جمهوريات أفريقيا الوسطى المتناحرة قبائلها وطوائفها.


لا يوجد بلد في العالم كل قاطنيه من الملائكة ،ولا توجد منطقة ما في أي مكان من المعمورة كل سكانها من الصالحين ، ومثل ذلك هو الجنوب بمدنه ومناطقه وريفه وحضره ، ومن هكذا مدخل يجد صناع الشر ضالتهم في استخدام بعض شبابنا الذين يغريهم المال الضئيل، لصناعةجرح عظيم في خاصرة وطنهم ،عبر التبني الدائم وبصورة باعثة للتقيؤ،لحملة إذكاء روح الشقاق الداخلي وشحن الناس ضد بعضهم ،في اصرار غريب وعجيب على اضعاف الجبهة الداخلية وخلق حالة من التوجس حول ماهية الجنوب القادم الذي يصورونه بأنه سيكون حافلاً بالصراع والاقتتال والتمايز الداخلي.

وعلى رغم ان الواقع يؤكد ان كثيراً- ان لم يكن كل - مايبذل من جهد في سبيل شق الصف الداخلي ، لا يؤثر في وعي الناس بالصورة التي يرجوها ممولو حملات إذكاء المناطقية ، إلا أنه يحزُّ في النفوس ان نرى أي جهدٍ جنوبي يضيع في مشروع عدائي ظلامي ومتخلف ، لا يصب في اتجاه دعم جهود وكفاح بناء المستقبل الموعود في وطن جنوبي متماسك وقوي ،تسوده قوانين المساواة والعدالة، وطن متحفز للإنطلاق نحو النهوض والانجاز ، بقوة لتعويض سنوات الخراب والدمار التي تعرض لها وطننا في عهد سنوات الوحدة المريرة.

وفي مواجهة هذا الصوت التدميري ،النشاز والمزعج ، يحتاج المخلصون الجنوبيون إلى تبني مشروع وعي جديد ، يخاطب برقي وعقل ومنطق عامة الشعب ، ويزرع لديهم الأمل بالقادم ،وتحفيز الوعي العام على إهانة ورفض حملات تثبيط العزائم ، وبث الفرقة والعداء ،واعتبار مشاريع اثارة الثقافة المناطقية المقيته مشروعاً عدائياً متخلفاً يهدف لخلق اصطفافات ضيقة وهزيلة ،ويؤسس لصراعات قادمة لن ينجو منها أحد ولن ينتصر فيها سوى خصوم المشروع النهضوي الجنوبي المنشود اقامته والذي ينبغي ان نبدأ أولى خطواته اليوم وليس غداً ،وجميعنا ،وليس جزء منا فقط.