آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 06:22 م

كتابات واقلام


الصراع من اجل الخلود

الإثنين - 20 مايو 2019 - الساعة 01:37 ص

باسم فضل الشعبي
بقلم: باسم فضل الشعبي - ارشيف الكاتب


هناك خلود في نهاية التاريخ، لن تفنى الارض بل سيورثها الله لعباده الصالحين، كما اشار القران الكريم بذلك في غير موضع.

الصراع المحتدم بين الخير والشر هو صراع حقيقي وغير زائف كما يرمي بذلك البعض، وفي الكتب المقدسة جميعها هو ان هذا الصراع سنة من سنن الكون ويعطي مؤشر ايجابي بان هناك نهاية للتاريخ،لكن ماهو نوعها وشكلها، هذا ما اختلف المؤرخون حوله.

السؤال المثير ايضا من سيحسم الصراع ولمصلحة من ستكون النتيجة .. المؤمنون بالله في الارض الذين يعملون الخير ويدافعون عنه يقولون ان النصر لمصلحتهم، والاشرار الذين يهيمنون الان يقولون انهم سيحسمون الصراع وسينتصرون، وفي الكتب المقدسة رغم تحريف بعضها توجد نصوص توكد نصر الصالحين.. ان تكون مؤمن يفترض ايضا ان تكون صالح فالصلاح علامة وبينة مهمة للفوز والنصر.

الله غني عن ايمانك ان لم تكن صالحا.. وان تكون مؤمن صالح ومصلح فهذه هي الخطوة الاولى للفوز بالخلود عندما تتحول الارض الي جنة ويعيد الله الخلق كما بدأه اول مرة.

قال تعالى :والارض يرثها عبادي الصالحون.

وقال تعالى :يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار.

ويقول تعالى: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده حقا علينا انا كنا فاعلين.

كل هذه الايات تتحدث عن نهاية التاريخ.. نهاية للحياة الدنيا التي نعيشها، والتبشير بحياة جديدة يتخلق فيها انسان جديد وارض وسماوات جديدة، ويبرز فيها من يتبقى في كوكب الارض خاشين منيبين لله الواحد القهار.

هناك تبدلات تحدث وبينات ومعجزات عديدة تقع لايدركها الناس بعقولهم المجردة من العلم الكامل ..فقط يدركها الله والراسخون في العلم، وهي مبشرات بعهد جديد، وعالم مختلف تسوده الانسانية والرحمة والخلود ..ييزهق فيها الباطل وينتصر الحق لخير البشرية والانسانية ..ولكن بعد معجزات سوف تتحق وقد بدات تباشيرها كما اسلفنا الذكر.

اهل الشر والباطل سوف يزولون الا من آمن واناب الي الله.. واهل الخير والحق سوف ينتصرون ..لقد بات ذلك قريبا الوعد.. قال تعالى: وترونه بعيدا ونراه قريبا.

هناك امم وجماعات تعتقد انها على الحق والصراط بينما هي على غير ذلك الا من رحم الله.. فعند الله مقاييس مختلفة للايمان ..والايمان ليس بالمظاهر الشكلية او الطقوس التعبدية وانما ما وقر في القلب وصدقه العمل.

اذن نفهم من ذلك ان اعمال الناس هي التي توزن في ميزان الله وليس مظاهرهم وطقوسهم… والامم لايستقيم ايمانها الا بتحقيق العدالة في الارض واذا اختل ميزان العدالة اختلت كل المؤازين، ونحن العرب نعيش في اغتراب وبعد حقيقي عن العدالة، ومع ذلك نقدم انفسنا اننا اصحاب دين وموروث ثقافي وفكري وسيرة نبوية، حتى اصبحت حكوماتنا محل تندر وسخرية الامم..

اذا تحققت العدالة، تحققت الحرية والمواطنة والمساواة، واذا اختلت العدالة حضر الاستبداد والفساد والانحلال من القيم، وفسدت الدنيا، وتصعبت امور الذهاب الي الجنة والخلود فيها.

ان الله ينصر الامة العادلة وان كانت كافرة ويذل الامة الظالمة وان كانت مسلمة ..ان سبب هذا الذل والهوان الذي نعيشه كعرب ومسلمين هو ابتعادنا عن العدالة في الحكم وفي التعاملات اليومية وفي تصريف شئون الناس، ثم بعد ذلك لايكون هناك معنى للصلوات والصيام والحج وغيرها من العبادات اذا كنا لا نزن بالقسطاس المستقيم.

يقول عدد من المفكرين ان الليبرالية هي نهاية التاريخ.. واعتقد انهم يقصدون بذلك الحرية والتحرر من المعتقدات والحرية في الترشح والاختيار والقول والعمل.. واذا نظرنا لذلك سنجد انهم اقتربوا من التوصيف الدقيق لنهاية التاريخ ولم يلموا به كاملا، اذ انهم اغفلوا شي مهم وهو الايمان بالله، فاذا تحقق الايمان بالله وتحققت العدالة ستكون الحرية قيمة مضافة لذلك وسراج منير يكتشف به الناس طريق البلوغ الي درجات الايمان حتى الوصول الي قمته .

ومن هنا نجد ان المتحدثين عن دولة كونية ومشروع انساني عالمي يعيد توحيد العالم في قرية واحدة، كانت احد شروطهم هي الايمان بالله وبكتبه ورسله، والا فان الامة غير المؤمنة لن تفوز بل ستتحول الي اثر بعد عين حينما تحل المعجزات، ويعلن الله قيامة نهاية التاريخ الذي تتبدل فيه الارض والسماوات.

اذن الايمان هو شرط اساسي وليس الاسلام كما يعتقد البعض فالله يقول على لسان الاعراب :قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولم يدخل الايمان الي قلوبهم.

ومن هنا تتحقق البينة والمعجزة، وهو ان المؤمنين بالله من اي ملة او ديانة او امة هم الذين سينتصرون، واما الاسلام وحده دون ايمان لن ينجي اصحابه من معجزة الفنى والخلود..

لهذا يمكن التاكيد ان الايمان والعدالة في الارض شرط اساسي للنصر والبقاء والخلود في جنة الله، ثم تاتي القيم الاخرى لتعزز ذلك المعطى وتوكد ان الايمان هو عمل صالح لايبلغه الا الصالحون ..اما الاسلام هو دين وهوية، فالاديان حرفت، والهويات ليست قادرة على ادخال اصحابها الجنة او الفوز بالخلود في نهاية التاريخ من دون ايمان حقيقي وعمل صالح يتبعه..

ان الدين عند الله الاسلام هذه اية قرانية لها مغازي وابعاد عديدة توكد ان الدين عند الله واحد وما اختلف فيه يعاد الي الله.. وكل الانبياء كانوا مسلمون ..ابراهيم كان حنيفا مسلما وكذا موسى عليهم السلام وغيرهم.

ومن هذا المعطى ندرك ان الله يختبر العباد ويمحص النفوس ليعرف من هم المؤمنين حقا قبل ان تحل المعجزات، وتطوى السماء وتبدل الارض، ويصبح الاسلام هو الدين الاول والاخير في نهاية التاريخ، ويصبح المؤمنون من كل الملل والنحل هم المؤمنون اولا والمسلمون ثانيا.

ومما سبق يمكن القول ان الحدث الابرز في نهاية التاريخ وحدوث المعجزات هو الايمان، فهو سفينة النجاة وعلامة العبور الي جنة عرضها السماوات والارض، ثم تاتي العدالة والحرية وتبدل الخلق، ويتحول الانسان الي اكرم مخلوق خلقه الله في الكون ..ولقد كرمنا بني ادم..


باسم فضل الشعبي

باحث في مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام-عدن