آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 05:14 م

كتابات واقلام


معاناة جنوبية

الخميس - 23 مايو 2019 - الساعة 05:46 م

صالح فرج باجيدة
بقلم: صالح فرج باجيدة - ارشيف الكاتب


الوحدة أمر وشأن عظيم لا يمكن لأحد ان ينكره.. ولكن الجمع بين عسرين أمر صعب جدا تحمله حتى ان المثل يقول لاجمع الله بين عسرين، وما حدث بعد 22مايو1990م هو الجمع بين أكثر من عسرين في كل مجالات الحياة.. لو نظرنا فقط نظرة واحدة لقيمة العملة اليمنية كم كانت قيمتها مقابل الدولار في ذلك اليوم وكم اصبحت قيمتها اليوم، هذه الجزئية البسيطة تعتبر ركيزة من ركائز العيش والحياة التي بموجبها ممكن قياس مدى التقدّم او التأخّر الذي طرأ على حياة البشر في هذا البلد مع العلم ان قيمة الدينار الجنوبي كانت أقوى من الريال الشمالي.

لو تحدثنا عن يوم 22مايو وماتبعه من أحداث وكوارث مختلفة عصفت بحاضر ومستقبل البلد، بدأت بالرفض رفضا قاطعا من قبل فئة معروفة واصدار فتاوى تحرم قيام الاتحاد بين الدولتين، مرورا بالفترة التي سُمِّيَت انتقالية للتحضير للإندماج بين النظامين السائدين لتتحول بقدرة قادر تلك الفترة من انتقالية إلى (انتقامية) بكل مافي الكلمة من معنى وضع ماتشاء من خطوط تحت كلمة انتقامية.. فقد حدثت فيها الاغتيالات والقتل والتنكيل بالشريك، وكانت الحجة ان مايحدث من قتل وسفك للدماء انما انعكاس لسياسات سابقة انتهجها الشريك (الجنوب)؛ وكأن الطرف الآخر مجموعة من ملائكة الرحمة، ورفض الطرف الآخر (الشمال) الذي يعتبر شريكا في تلك العمليات رفض المساس بمن يقومون بها حتى لو كانوا يتواجدون بباب دار الرئاسة في مقولة شهيرة تم تداولها آنذاك على لسان عفاش الذي كان يترأس مجلس الرئاسة.

وبعد مخاض طويل وعسير من المعاناة شارك فيه كثيرين من ضمنهم زعماء عرب على رأسهم الملك حسين ملك الأردن تم التوصل إلى وثيقة العهد والاتفاق التي أججت الأمور أكثر من حلحلتها نتيجة التعنت الذي اتسمت به تلك الفترة والشعور بالقوة لدى الطرف الشمالي، وأدت إلى قيام حرب شعواء على الطرف الآخر (الجنوب) في العام1994م وهي الحرب التي انتجت وضعا مأساويا آخر وتم شطب والغاء ذلك اليوم (22مايو) واستبداله بيوم (7يوليو 1994م) الذي يحلو لصانعيه بتسميته يوم تعميد الوحدة بالدم، وبالتالي شُطب الشريك الجنوبي تماما من اي حدث سابق أو لاحق بل بلغت الامور حدّ مطاردة قادته ومسئوليه واستصدار الأحكام بإعدامهم وانهاء كل ابجديات واتفاقيات (يوم 22مايو1990م) التي أسست لقيام الدولة (الموحدة) وتعديل دستورها بما يتوافق مع هوى المنتصر ورغبته وارادته .. وهذه الحرب وما تبعها من أحداث وممارسات مأساوية انتقصت من كل مايمت للطرف الجنوبي بصلة من بشر وحجر ومدر، وتم استغلال كل الجنوب واهله لصالح فئة قليلة من أصحاب المصلحة الذين كرسوا ممارساتهم السيئة في مسائل تسيير الحياة العامة للبلاد وساد السيئ بدلا عن الجيّد برغم ان المتفق عليه هو العكس وأن يتم العمل بأفضل ما في البلدين.

كل تلك الاحداث وغيرها أنتجت اليوم حربا شعواء تتجاذب بلدنا فيها الأمم، واصبحنا نعيش تحت البند السابع؛ وتنعدم مقومات الحياة والعيش الكريم وهو الغاية التي يعيش ويحيا من اجلها الانسان السوي

لذلك لانرى اليوم من ممجد ليوم ال22من مايو غير مستثمريه ومستفيديه ومتفيّديه ممن اغتنم فرصة سُنحت له هنا او هناك أدت إلى رفع مستوى معيشته وغيرت مجرى حياته لتوليه مسئولية او تنفيذه مشروع حتى لو كان وهمي هنا أو هناك.. المشائخ والقادة والمسئولين في عهد عفاش كانوا متسيدين حتى على من يجب ان يعيش عيشة كريمة ومتطورة بإضطراد؛ لأنه حتى التجار نصبت لهم الكثير من القضايا التي بموجبها تم سحب او شطب وكالاتهم التي منحت لهم من شركات او مؤسسات خارجية وما يؤكد فساد النظام مقولة رئيس وزراء مرحلة من تلك المراحل عندما قال وهو في إجتماع بمسئوليه قولته الشهيرة (من لم يغتني في عهد علي عبدالله صالح فلن يغتني ابدا) كما ان له مقولة أخرى أكثر سوءا وهي ان : (الفساد ملح التنمية) حتى انها انتشرت النكات منها ان : (شخصا اجنبيا يسأل يمني عن مستوى الفساد فقال له اليمني هل ترى ذلك المشروع القائم امامك قال له أين ليس من شئ أمامي فرد عليه بأن هذا المشروع قيمته 20مليار)

ماذا لو كان ليوم(22مايو) من الفضل في انتشال حال معظم اهل هذا البلد الطيب وتصحيح الاعوجاج الذي كان سائدا قبل العام1990م على طول البلاد وعرضها، وتحسين الوضع المعيشي لهم؛ برغم انها كانت فرصة سانحة واجواء مهيّأة صافية منذ صبيحة اليوم التالي ل22مايو 1990م؛ وبعد فترة وجيزة تم الاعلان عن الاكتشافات النفطية التي بدلا ان ترفد خزينة الدولة واقتصادها وترفع المستوى المعيشي.. ولكنها لم تُستَغل الا للفتك بالشريك وتجريده وبالتالي انهاكه وتسليمه بما يملى عليه وشاءت الأقدار أن يختلف اولئك المتمصلحين مثلما يحدث بين أي مجموعات تمتطي السوء وتترك الفضيلة وجاء القدر بمشيئته سبحانه وتعالى بأن يمتلك اليوم الطرف الآخر (الجنوب) القوة والقدرة؛ ولأنه منطلقا من جرأة في الطرح ومعاناة صقلت نضاله الذي استمر لأعوام منذ مابعد العام1994م أصبح اليوم ندا لايستهان به ومقارعا رافضا لممارسات تلك الفئة التي بغت وتسيّدت على القرار طوال الفتره من 1990 وحتى العام2015م واصبح الواقع اليوم مختلفا تماما وباستطاعة الطرف الجنوبي فرض ارادته شاء من شاء وابا من ابا.

#صالح_فرج
الخميس23يوليو2019م