آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 04:40 ص

كتابات واقلام


صقور الامارات.. صانعو السلام

الثلاثاء - 11 فبراير 2020 - الساعة 04:16 م

محمد خلفان الصوافي
بقلم: محمد خلفان الصوافي - ارشيف الكاتب


من حقنا نحن الإماراتيين، قيادةً وشعباً، أن نشعر بالفخر والاعتزاز تجاه قواتنا المسلحة، بمختلف أسلحتها، التي عادت مؤخراً من اليمن الشقيق بعد أن أدت، بكل أمانة ومسؤولية تاريخية، واجبها القومي تجاه نداء الاستغاثة لمساعدتها في استعادة شرعيتها التي كانت قد اختطفتها مليشيات الحوثي الموالية لإيران.

مصدر هذا الشعور أن هذا الجيش صار اليوم عنوانا كبيرا في الدفاع عن الحقوق الوطنية والعربية في زمن يعاني فيه العديد من المجتمعات العربية "ضياعاً" وفقداناً للبوصلة بفعل البعض ممن قبل أن يلعب أدوارا غير مسؤولة، ومصدره أيضاً، أن هذا الجيش صار رمزاً عريضاً يحتذى في خدمة الإنسانية أينما كانت في العالم وجعلت منه "يدا طويلة" في تخفيف معاناة البشرية.
وبالعودة لليمن تحديداً، فقد حقق الجيش الإماراتي جائزتين (الحسنيين) مع أن تحقيق واحدة منهما كانت تكفي لأن نشعر بذلك الإحساس الجميل، فكيف يكون الحال عندما يتحقق الاثنتان. حيث تمثلت الجائزة الأولى: في منع هذه القوات من خلال تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية سقوط الدولة اليمنية في أيدي مليشيات الحوثي حلفاء إيران في الجنوب العربي.

بل وصل الأمر إلى التضييق على تنظيم القاعدة من أن يكون اليمن أحد "أوكاره" الذي ينطلق منه في تهديد الاستقرار العالمي، بل الرائع في الموقف الإماراتي أنه أجبر المجتمع الدولي على الانتباه إلى هذه الدولة التي كانت تصنف في مرات كثيرة بأنها دولة فاشلة وقد استغل ذلك الفشل في تهديد الممرات البحرية الدولية من خلال جماعات إرهابية والقراصنة.

أما الجائزة الثانية التي حققتها هذه القوات والتي ربما تكون فرحتنا، بهذه العودة، ناقصة إذا لم نتذكرها، فهي شهداؤنا الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن أعدل قضية؛ وهي الدفاع عن الأمن الوطني، باعتبار أن الخطر لم يكن يهدد اليمن وحده بقدر أنه كان مدخلا لتهديد الأمن العربي بأكمله، بما فيه دول الخليج العربي كلها.

وقدموا أغلى ما يملكه الإنسان دفاعاً، عن أفضل قيمة وهي الإنسانية؛ حيث إن الإنسان اليمني لم يكن يعرف نهاية لحالة المأساة التي يعيشها ولم يكن يتوقع أي أمل للعيش الكريم؛ هم اليوم (الجيش الإماراتي) العنوان الرئيسي في هذا المشهد الوطني الذي لم يكن عادياً ونحن نتابع حفاوة استقبال قيادات دولة الإمارات "لصقور الدولة الأوفياء".

وتحول دور "صقور الإمارات المخلصين" بجانب الجوانب العملياتية العسكرية إلى صناعة الفرحة ورسم الأمل على وجوه الشعب اليمني، ولعلها المهمة الأصعب كما يعرفها الكثيرون، إلا أنها لم تكن بالمهمة المستحيلة على أبناء زايد الذين اعتادوا الوقوف بجانب أشقائهم العرب وشعوب العالم منذ الأيام الأولى لتأسيس دولة الاتحاد، حيث وقفت القوات الإماراتية بجانب أشقائها في الأيام الأولى لتأسيسها في السبعينيات؛ حرب 1973 والحرب الأهلية في لبنان.

ثم لا يمكن لأحد أن ينسى تلك الوقفات مع شعوب أفغانستان والبوسنة والهرسك والصومال وحتى العراق، إلى أن وصل الأمر مع الأشقاء في اليمن.

إن العبرة في هذا الاحتفاء لا تقتصر على الانتصارات العسكرية وهزيمة العدو وإجباره على العودة وردعه عن سياساته التوسعية رغم أهمية كل ذلك، ولكن الأمر يتعدى إلى أن تزرع - لدى شعب بأكمله - شعورا بالفرحة والسعادة والأمل، فهذا الأمر بحق يحمل معاني ودلالات عديدة لا يمكن تفسيرها في كلمات بقدر ما تجدها في عيون الإنسان اليمني البسيط وغيره، فهذه فرحتنا في الإمارات لمن لا يعرف فلسفة قيادتنا.
لقد حجزت القوات الإماراتية مكانة إنسانية متقدمة ضمن الفاعلين الأساسيين في العالم وليس لدى الأشقاء العرب فقط، وذلك من خلال مد يد العون في أماكن الأزمات والكوارث؛ سواء بتقديم مواد إغاثة أو إنقاذ إيماناً منها برسالتها الإنسانية العالمية، وأصبح الانطباع العام والصورة الذهنية عن الجندي الإماراتي في مكان في العالم من أجل تقديم مساعدة وحمايته أكثر مما هو معروف عن دور الجيوش وهو القتال.
في المقابل، فإن هذا الجيش الذي هو يمثل "الصقور" في مساعدة الإنسانية ويبطش على كل من يتعدى على هذه القيمة، يتحول إلى "الصقور" الجارحة والحازمة لكل من تسول له نفسه المساس بالأمن الوطني لدولة الإمارات والقومي، والرسالة، أجزم، أنها وصلت في احتفالات واستقبلها المعني بها.

لا تقتصر دلالات العودة المظفرة للقوات الإماراتية من اليمن على الاعتزاز والفخر بالانتصارات، ولكن المهم أنها حملت معاني قوية لدول وجماعات اعتادوا استغلال الفراغات السياسية العربية للتمدد في الشأن العربي.