آخر تحديث :السبت - 04 مايو 2024 - 03:09 م

كتابات واقلام


عتاب من خريجي روسيا الإتحادية

الأربعاء - 03 مارس 2021 - الساعة 08:51 م

د. لؤي عبدالباري قاسم
بقلم: د. لؤي عبدالباري قاسم - ارشيف الكاتب


سعادة سفير جمهورية روسيا الإتحادية... المحترم
نهديكم نحن خريجي روسيا الإتحادية (الإتحاد السوفيتي سابقاً) خالص التحايا والوفاء والشكر لكل ما قدمتموه لنا ولسنوات طويلة من العلم والمعرفة والثقافة والمحبة مع الشعوب، وكان نصيب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وما سبقتها جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وما جاورها من العربية اليمنية من حظ وافر من مخصصات الجامعات السوفيتية حينها للطلاب والباحثين بدراسات تخصصية مختلفة المجالات والفترات الدراسية ومستوياتهم المختلفة أيضاً، كما نود الإشارة إلى أننا ولازلنا نشعر بتلك الحفاوة والإهتمام الكبيرين من قبلكم و الذي يقابلهما منا كل الشكر والعرفان.
سعادة السفير وأنتم نيابة عن دولة روسيا الإتحادية شعبا وقيادة نتوجه إليكم وبقدر لكل هذه المحبة نوجه لكم عتابنا الكبير والذي يكمن في إهمال هذه التجربة التاريخية وهذا الكم الهائل من الجهود الجبارة بين البلدين وهذا الكم من الكادر المحب والوفي لمن مد له يد العون والمساعدة وخاصة في سنوات تلك المراحل التاريخية التي مرت بها أوطاننا...
إننا ونحن نبعث لكم بهذا الخطاب إنما نود أن نلفت إنتباهكم في أنه قد أصابنا الإحباط الشديد والتدمر منذ العام 1990م بالذات لماتمت فيه من مجريات للأحداث والمتغيرات التي أوصلتتنا الى ما نحن عليه اليوم، ومع كل ذلك كان عشمنا بكم بل وبكثير من الأمل أن تقوم الصديقة الكبرى روسيا بلم شمل كافة من حظي بإهتمامها ورعايتها مقابل الكثير من التضحيات على سبل كثيرة نعلمها جميعاً، وبحيث كان أملنا أن يكون هناك تواصل ومواصلة لفتح مكتب الصداقة اليمنية الروسية في عدن على الأقل ومركز ثقافي أيضاً تابع لقنصليتكم هناك ليجمع من يرغب من هولاء الخريجين ليعيشوا شراكة ثقافية متنوعة تعبر عن مدى التزام هذه الدول العظمى كروسيا بالذات في أنها على عهدها وسياستها في الإبقاء على كل من عاش وتعلم على أرضها، وأن تمنحهم بعض من إهتمامها لتعوض عنهم معاناة التركة التي تحملوا وزرها، و على أثر ذلك قتل من قتل وهجر وهاجر من هاجر وتدمر من أصابة اليأس في صحته وحياته الأسرية وخاصة بعد العام ١٩٩٠ و ١٩٩٤، بحيث لم تكن هناك آفاق ولا رؤى لكل هذه الخسارة لفقدان كفة الميزان في ضبط الأمور ووضع إحتياطات أو إحتمالات العودة لمربع قد يكون من الأهمية بمكان وعليه سيكون من الصعب الإستفادة منه بشكل سريع ورابح سياسياً، ولأن أهمية التواصل مع الكادر وخاصة أننا قد قمنا بإعداده بمختلف التخصصات والمؤهلات العلمية الرفيعة فإننا يجب بالمقابل أن ننظر لهولاء الخريجين على مدى سنوات طويلة قادمة بأنهم مكسب وطني وإستراتيجي سياسي هام... وغيره كما تعمل على هذا الأساس دول أوروبية كثيرة، وبالمقابل وبما نعتقده يقيناً بأن عدم خضوع أغلب هذه الكادرات لتبعية سياسية ما أو لمتغيرات النظام السياسي في الوطن الذي ومع تغيره للأسف تم أستثنائهم بل وهمشهم وأقصاهم كثيراً وخاصة الأكاديميين منهم وذوي الرأي والتحليل السياسي خاصة، وبدرجة رئيسية العسكريين أصحاب المواقف والمبادئ الذين تربوا وتعايشوا على أساس التربية والتعليم في ظل برنامج التأهيل المشترك حينها فكان للأسف مستقبلهم كارثي بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وبما آل إليه الوضع بعد الوحدة اليمنية بحيث بلغوا حد الإنهيار خاصة بعد أن أقيلوا من وظائفهم قسراً ولم يتوفقوا حتى بأي أعمال جانبية تدر عليهم بعض من الدخل لرعاية أطفالهم، وأصلا هم من كانوا يحمون دولة بالفعل كما تعلمون جيداً وخاصة مع موقف روسيا وتوجهها الكبير حينها نحو كثير من بلاد العالم ومنها بلادنا لما تقع عليه من موقع متميز جغرافياً ولما كنتم عليه في عدن خاصة والجنوب بشكل عام ثقافياً وعسكرياً وغيره.
إن ما نمر به بعد الوحدة وخاصة بعد حرب 1994م وما تلاه من إكتساح للأرض وإستباحة للإنسان في كافة أراضي الجنوب إنما هو ما جعلنا نتوقف قليلا ونعيد حساباتنا تاريخياً لما هو لنا وما هو علينا، وكذلك من واقع متطلبات اليوم للنجاة بما يمكننا أن نحققه لأجل سلامة وصيانة ماتبقى والإنتقال لمراحل أكثر مصداقية وجدية مع شركاء تجمعهم بنا مصالح الأوطان والشعوب وبما يضمن تأمين الكثير من الجوانب وخاصة الحساسة منها إقليمياً ودولياً وعلى رأسها الكثير من المصالح التي يتصارع عليها الكثير من الجوار والبعيد والقريب كباب المندب وغيرها من الثروات و المواقع الجغرافية الهامة بحيث يجب وضع سقف لكل هذه الصراعات بل وإيقافها حتى نتمكن من تحقيق الإستقرار والنماء، ولكي نتمكن أيضاً من الوصول إلى تسويات يكون المستفيذ الأول فيها صاحب الأرض ومن ثم من يساندها من حيث المبدأ موقفاً إنسانيا خالصاً نحو التنمية والبناء، وبما يمكنه من توفير الحماية والدعم والمساندة بإتفاق جاد تلتزم به الأطراف.
نرجوا منكم قراءة دقيقة لرسالتنا هذه بكل تفهم وتقدير لما توجهنا به اليكم، والعمل كفريق واحد من أجل ترميم الفجوة التي حدثت لأسباب خارجة عن الإرادة كما و إنه ليس بالتوقيت المناسب للخوض فيها حالياً، بل لنستفيد من التجارب وأن نتجه جميعاً لإستعادة العلاقات فيما بيننا بشتى السبل وبمجالاتها المختلفة، وأن نكون أصدقاء بل وإمتدادا لصداقة قديمة بين دولتين وإن تغيرت بعض ملامحها مع مرور الزمن إلا أنها لازلت محتفظة بكل جميل ولو متأخر قليلا... وكما يقول المثل الروسي :"متأخر أفضل من لاشيئ": Поздно Лучше Чем Не Когда

د. لؤي عبدالباري قاسم صالح
خريج جامعة سانت بطرسبورغ
أستاذ القانون الجنائي
كلية الحقوق -جامعة عدن-.