آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 04:29 ص

كتابات واقلام


سقطرى أنموذجآ

الأربعاء - 01 نوفمبر 2023 - الساعة 04:27 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


التردي الحاصل اليوم على مختلف الصعد لم يعد مقتصرآ على تدني مستوى دخل الفرد الذي يندرج بسببه 99% تحت خط الفقر حسب تصنيف الأمم المتحدة ولا على تدني مستويات الخدمات والأمن والأمان وعدم الاستقرار، وإنما (وهذا الأخطر) امتد هذا التردي ليشمل عقل وذاكرة وانتماء وهوية الإنسان اليمني ، وبالذات منه الأجيال الصاعدة، التي تخلت بعمد وغير عمد المؤسسات السيادية من دولة وحكومات عن فعل شيء يذكر في المحافظة على صلة الأجيال الناشئة بجغرافية وتاريخ مدنهم التي أنمحى ذكرها والإشارة إليها بصورة مصنوعة وممنهجة، لا من المناهج التعليمية التربوية ولا من خلال المطبوعات والبرامج التلفزيونية الإذاعية وإنما من خلال تغييب أي دور للأجهزة الرسمية كالسياحة والفعاليات المدنية الأدبية والاجتماعية الأخرى.

فقد أصبح اليوم بمقدور أي باحث أو دارس أن يقف على هذا التراجع المريع والمفزع في فهم وصلة الأطفال والشباب حتى ممن أكملوا الدراسة الثانوية والجامعية في الإجابة عن اسم ومكان وأهمية أثر تاريخي يراه ويعيش بقربه، كما يمكن لأي كان أن يقف على هذا التجهيل المتعمد والسافر في تجهيل هذا الجيل بجغرافية وطنه عبر سؤال بسيط يوجه له عن موقع ومكان منطقة أو مدينة أو جزيرة وفي أي اتجاه تقع وما أهميتها هذا فضلآ عن عدد سكانها ومساحتها وما تتمتع به من مقدرات ومزايا جمالية وطبيعية نادرة.
ومع هول الصدمة التي قد تتلقاها عندما يأتيك الجواب من شاب أو خريج جامعي (لا أعرف) أو (لا أدري) أو (يمكن كذا) أو (أعتقد كذا) وما عليك حينها إلا أن تتصور المأساة التي ينتظرها المجتمع في الأيام القادمة الذي يمكن أن تتعرض فيه جغرافيته ومدنه للنهب والمصادر والاستغلال بكل سهولة ودون اعتراض أو حتى شعور بالغيرة.
ويمكن هنا أن نورد تساؤلات عديدة في هذا المضمار لصالح من؟ ولأي سبب يجري السكوت على مثل هذا الحال من قبل حكومتنا وأحزابنا وهيئاتنا الأكاديمية ومثقفينا وإعلاميينا؟
وللإجابة عن تساؤلات كهذه يصبح من مسؤولية الجميع وفي المقدمة، مسؤولية وزارة السياحة في إصدار كتيبات في وعن الجزر والمدن والمواقع الأثرية ومقومات كل مدينة ومحافظة ومسؤولية وزارة النقل في تنظيم رحلات بحرية وبرية وجوية بنظام الجروبات للشباب وأطفال وطلاب المدارس والجامعات وبالذات منها المحافظات والجزر البعيدة مثل جزيرة سقطرى والمهرة وغيرها من المدن السياحية الأخرى.

ومسؤولية وزارة التربية والمحافظين والمجالس المحلية في تسيير مثل هذه الرحلات ودعمها وإقامة الندوات، وتشجيع الرسامين للنشاط في توثيق وعكس هذه الجزر والمدن في لوحات تحكي عن عادات وبنى وإنسان هذه الجزر والمدن وبالذات منها محافظة أرخبيل سقطرى كأنموذج حي.