آخر تحديث :السبت - 04 مايو 2024 - 11:39 م

كتابات واقلام


الا تكفي ٧٥ عاما من النكبة دعونا نحلم بالعزة والكرامة

الجمعة - 10 نوفمبر 2023 - الساعة 10:09 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


قيل ان رجلا حكيما اراد ان يعلم اولاده درسا في التعاضد والتلاحم بين الاخوة فاعطى كل واحد منهم عصاة بيده فطلب منه كسرها فكسرها كل واحد منهما بسهولة ، فقال لهم اجمعوا العصي في حزمة واحدة وليحاول كل واحد منكم كسرها فلم يستطيعوا جميعهم ، فقال لهم كونوا هكذا مثل هذه العصي يصعب كسرها معا ، وقال الشاعر في ذلك
تأبى العصي اذا اجتمعن تكسرا
واذا افترقن تكسرت آحادا

هكذا تم استهداف فلسطين وهكذا تعرضت للنكبات ، فبعد ان كانت قضية الامتين العربية والاسلامية استفرد بها الكيان الصهيوني عندما تحولت الى القضية الفلسطينية ثم قضية غزة.

قضى الاستعمار الاجنبي على وحدة العرب والمسلمين وحولهم الى دويلات مفككة بعد سقوط دولة الخلافة العثمانية فتقاسم الغرب تركة الرجل المريض ، وبعد خروجه من ارضهم تحت عنوان التحرير والاستقلال رسم بينها حدود وحواجز سياسية واجتماعية لتتقسم بلاد المسلمين وبلاد العرب الى دويلات محصنة ضد بعضها البعض بجيوش وقوانين.

هكذا صارت كل دولة لها سياستها دون سيادتها على ارضها ولاتسمح بتجاوز حدودها الجغرافية التي تعززت بالفرقة والعداوة والبغضاء فيما بين الاشقاء العرب والاخوة المسلمين لتتباعد بينهم المسافات القريبة فيطير احدهم من بلاده الى الصين قاطعا آلاف الاميال بسهولة بينما يعجز عن تجاوز الحدود فيما بينه وبين الدولة المجاورة له فاستعصى على الفلسطينيين تجاوز المعابر مشيا على الاقدام بينهم وبين جوارهم العربي والاسلامي بينما يتخطى العدو الصهيوني تلك الحواجز ليطوف كل دول العالم بحرية وتسهيل لايجده المواطن العربي في وطنه.

الى هذا الحال وصل بالعرب والمسلمين الضعف والهوان والانكسار رغم انهم يحيطون بالكيان الصهيوني كاحاطة السوار بالمعصم وهم قوة لايستهان بها كالعصي في حزمة الا انهم ابعد مايكون عن الحلم بهذا ، فهم في فرقة وبعد وجفا وعداء لبعضهم البعض فصارت ارضهم وحدودهم وممراتهم واجواءهم مسرحا لصولات وجولات العدو الصهيوني في حروبه ضد الاشقاء العرب والمسلمين ، فالى متى سنظل هكذا نتكسر آحادا دولة بعد دولة ؟

دعونا نحلم بالعزة والكرامة بعد ان مضت ٧٥ سنة من التمزق والشتات العربي والاسلامي الذي اودى بفلسطين وغزة الى النكبتين التاريخيتين الاولى قبل ٧٥ سنة في عام ١٩٤٨م حين زرعت بريطانيا دولة جديدة اطلق عليها اسرائيل استوطنت في ارض الاسراء والمعراج في حين غفلة من العرب والمسلمين نكبت بالعرب في فلسطين واجلتهم من ارضهم الى الشتات ليتوسع السرطان الخبيث اسرائيل ويعيد فينا النكبة الثانية في غزة اليوم ، راسما بعلمه خارطة حدوده الجغرافية الطموحة من النيل الى الفرات تلتهم بعضا من اراضي مصر والحجاز والاردن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.

ماذا لو اجتمعنا كاجتماع العصي في حزمة واحدة داخل اي مسمى عربي له كيان حقيقي في اتحاد او مجلس او هيئة لايهم التسمية والتحم العرب في كيان واحد من الخليج الى المحيط وشكل اكبر تجمع سياسي وعسكري واقتصادي في العالم ؟

ماذا لو احكم العرب قبضتهم على المنافذ البحرية الاربعة هرمز والمندب والسويس وجبل طارق في قلب العالم وفرضوا معادلة امنية جديدة بالامر الواقع واسس العرب حلفا عسكريا اسموه حلف قوة الردع العربي يضاهي حلف الناتو ؟

ماذا لو عقدت القمة العربية في القدس وتوافد القادة العرب اليها بطائراتهم دون اذن من احد بكل تحد واقتدار واصدروا بيانهم الاستراتيجي باعلان المشرق العربي الجديد قوة في المنطقة لاتسمح بالتدخل بشؤونها ؟

ماذا لو نفدت القمة العربية برنامج الدعم الاقتصادي وبناء الدول الفقيرة واعادة تنميتها وبناء نهضتها وفرضوا سوقا جديدة في العالم هي السوق العربي المشترك وغيروا معادلة العلاقة الاقتصادية مع الشرق والغرب ؟

ماذا لو انفتحت الدول العربية على بعضها فالغت الحدود وجوازات السفر واعتمدت البطاقة العربية الموحدة يطوف بها المواطن الفلسطيني بين الدول العربية بالقطار او الطائرة او باليخت السياحي دون تأشيرة او تفتيش وكانه يتنقل من الدوحة الى المنامة ؟

ماذا لو غطت الصناعات والمحاصيل الزراعية العربية كل الاسواق العربية وخرجت الشاحنات والثلاجات العملاقة من السودان والصومال والاردن بمنتجات الالبان الطازجة واللحوم الى الخليج ودول المغرب العربي ؟
ماذا لو ارتبطت الخليج واليمن والعراق والشام بالربط الكهربائي المشترك ، وامتدت شبكة الاتصالات الارضية والفضائية من مسقط الى نواكشوط وانطلق القطار فائق السرعة من عدن الى جيبوتي عبر جسر رابط بين عرب آسيا وعرب افريقيا ليسافر المواطن العربي بسيارته يطوف بها كل الدول العربية متى شاء .

ماذا لو اصبحنا قوة عظمى اقتصاديا وعسكريا يحق لنا ان نلغي حق النقض الفيتو ونرسل المبعوث العربي الى اوكرانيا او ميانمار او بنما والمكسيك ونحول مقر الامم المتحدة من نيويورك الى الرياض ونعقد جلسات مجلس الامن الدولي في مقر الجامعة العربية في القاهرة ؟

ماذا لو تدخلت الامة العربية في الاتفاق النووي الايراني وغيرت معادلة توازن الردع وفرضت عقوبات على امريكا وبريطانيا لخرقهما الاتفاقيات الدولية واعلنت قائمة بالعقوبات على اشخاص وجمعيات وهيئات امريكية وبريطانية ؟

باستطاعة العرب وهم الاكثر نفوذا وقوة اقتصادية وعسكرية ان يصعدوا على ربوة العالم المتحضر بكفاءة ومصداقية بالقيم الانسانية والدينية السمحة التي تعطي كل ذي حق حقه فليس عليهم الا ان يعقدوا جلسة اخوية صادقة تجتمع فيها المصالح العربية المشتركة وستنهض في اليوم التالي وتعلن عن نفسها كرقم له قيمته في المنطقة فالجزيرة والشام والنيل والفرات والمغرب العربي اقليم عربي سيسبق الصين والولايات المتحدة ولن يعجز عن منافسة روسيا وسيتجاوز الدول الخمس العظمى بتحالف العرب مع المسلمين في كل دول العالم حينها سنعلن الامبراطورية الاسلامية العظمى بالحق والعدل في العالم.