آخر تحديث :الأحد - 05 مايو 2024 - 07:01 ص

كتابات واقلام


إستمرار تجاهل حقيقة إنفصال صنعاء وعدن يضر بمصالح شعبيهما

السبت - 25 نوفمبر 2023 - الساعة 12:32 ص

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


هناك انفصال غير معلن بين حكومة صنعاء الحوثية برئاسة الجنوبي عبدالعزيز بن حبتور، وحكومة عدن المناصفية برئاسة الشمالي معين بن عبدالملك وهما تجسدان التوزيع الجغرافي الانفصالي فكلتا الحكومتان لاتؤديان واجبهما الوظيفي تجاه شعبيهما ، فالشعبين المنفصلين عن بعضهما متساويين في المعاناة وضنك العيش والتضحية المستدامة ، فالشعب في الشمال يرزح تحت وطأة قيادة تدير حربا وتسخر كل الطاقات والامكانيات والجهود الشعبية للمجهود الحربي ، وكذا الشعب في الجنوب هو الآخر يرزح تحت وطأة قيادة تدير ازمة وليست حربا ( ازمة تتجسد في التباين الجيوسياسي بين المناصفة الغير منطقية ) .

الجنوب فرضت عليه حالة مشوهة من التسوية هي الاغرب في العلوم السياسية واالاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، ليعطى الانفصال وفك الارتباط لصنعاء بدلا عنه تتحول الى دولة مستقلة ذات سيادة ونظام حكم ساري المفعول داخليا وخارجيا بمقومات الدولة متكاملة الاركان يحكمها السيد صاحب الولاية يخضع الشعب في الشمال من اقصاه الى اقصاه لتعاليمه وارشاداته ، وليترك الجنوب مشوها محكوم زيفا بالمناصفة بتشكيلة مضطربة فيزيائيا والتنافر بين اعضائها طبيعيا وجغرافيا وسياسيا ، فكيف لها ان تنجح في تحقيق اهداف لايمكن الاتفاق عليها او ان تهيأ لاستعادة الجمهورية اليمنية وتجمع ماتبقى منها في عدن كبديل لدولة الحوثيين في صنعاء المستقلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودبلوماسيا وعسكريا.

ان الضحية بين الانفصال المقلوب غير المعلن لليمن المتحوث بيد السيد عبدالملك الحوثي بفريقه الخاص ومليشياته وبين الجنوب المشوه بهجين وحدوي غير متجانس الضحية بين العاهتين اليمنية والجنوبية هما الشعبين في صنعاء وعدن ، فالشعب في صنعاء يعيش حالة بؤس شديد لم تمر في تاريخه عبر العصور ، جائع فقير مكمم مقيد ذليل يتم طلاء وجهه وملابسه وسيارته وواجهة منزله ودكانه وثياب اطفاله باللون الاخضر او الاحمر تبركا باعياد الدولة المجيدة ومناسباتها الطائفية ، شعب الزمته مليشيات السيد بدفع التبرعات خارج الضرائب والزكوات وكأنه شعب غني لديه مايتبرع به لصالح مشاريع الطائفية لماوراء الحدود ، وموظفيه لاتصرف لهم حكومة بن حبتور الحوثية رواتب لسنوات ، وبيده عملة ممزقة لها قيمة خاصة وحدود جغرافية خاصة تدفع صنعاء فارق صرفها عن عدن.

وماذا عن الشعب الجنوبي في عدن والواقع تحت ادارة مجلس رئاسي وحكومة من الجنوبيين الانفصاليين الى النخاع ومن الهاربين من اليمن المتحوث الى اليمن الاتحادي والشرعية اليمنية المزالة من الخارطة الطبيعية الا في اتفاق الرياض الذي ابقاها عبر التنفس الاصطناعي مابين مطار عدن وقصر المعاشيق للاحتياجات الخاصة.

حكومة المناصفة الوهمية التعويضية عن اليمننة المفقودة في صنعاء اخضعت شعب الجنوب بمعاناتها ومآسيها يتجرع بالاكراه تبعات الارتباط بها ينتظر استعادتها من الانقلابيين الحوثيين وهو معطلة مصالحه مغلقة موانيه ومطاراته ومجمدة حساباته وايراداته يتجرع الفاقة والفقر بانتظار المستحيل تحقيقه منطقيا وعسكريا وسياسيا ولايعقل لعجلة الزمن التراجع للخلف الى ماقبل ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م ، فكيف يجبر شعب الجنوب على البقاء في رصيف المحطة التاريخية ينتظر عودة الشرعية اليمنية من جديد.

ان بقاء الحكومتين في صنعاء وعدن بعيدا عن الواقعية وملامسة احتياجات الشعبين في الحدود الجغرافية الطبيعية التي تديرها كل حكومة يستنزف طاقات ومعنويات الشعبين ويدمر شعورهما بالوطنية والانتماء ويسلبهما الرغبة بخدمة الوطن وحماية مصالحه مايتطلب من الحكومتين الخروج العاجل من الارتباطات الافتراضية في استعادة الجمهورية اليمنية لحكومة اليمن الاتحادي في عدن او استعادة المملكة اليمنية لحركة انصار الله وتخلي الحكومتين عن مشاريعهما السياسية لصالح ادارة شؤون الشعبين اليمني في صنعاء والجنوبي في عدن وتطبيع الحياة وتوفير كل الاحتياجات والاقرار بحكم الامر الواقع والانطلاق نحو آفاق التعاون وحسن الجوار بين الشعبين الجارين وازالة كل مظاهر التحريض والتحشيد والتصعيد المتبادل واستبدال ذلك بالتعامل الطبيعي بين دولتين جارتين تربطهما اواصر الدين والعروبة والانسانية والعلاقات المتبادلة المحققة للمصالح المشتركة والتنمية الاقتصادية للشعبين والبحث عن شراكة حقيقية مع الجوار والاقليم قائمة على الجوار الندي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

ان ما على الارض لايمكن تغييره ويستحيل عودة الحرب الى ماقبل ٢٧ رمضان وتحرير عدن ولا اجترار الزمن والعودة به الى ماقبل ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م ، ان الباسط على ارض لن يفرط بها وهي في حيازته وتحت ادارته ، ولايتوقع ان يدفع الاقليم بحلفائه الى أعادة المشهد من جديد فالسيناريو لاتتكرر مشاهده الا على الاجهزة التشغيلية فقط وليس على ارض الواقع فما انقضى فات ولايعود فالجنوب قد صار بيد ابنائه ولديهم مايدفعهم للاستبسال في الدفاع عنه والشمال بيد الحوثي ولديه ما يمكنه من الاحتفاظ به وحكمه فلا داعي لجر الشعبين الى مقاصل الاعدام وغرف التعذيب فقد انقضى الامر وتحقق لكل طرف مبتغاه ، لنكن واقعيين ولنعترف بواقع الانفصال الحقيقي بين صنعاء وعدن فعدم الاقرار بذلك يضر بمصالح الشعبين المنفصلين اليمني في صنعاء والجنوبي في عدن ويزيدهما ارهاقا ومعاناة فدعوا الشعبين يعيشان حياتهما الطبيعي ورتبوا انفسكم ايها السياسيون للتعامل مع هذا الامر الواقع فلا شيئ امامكم غير ذلك فاختصروا المسافة ليذكركم التاريخ.