آخر تحديث :الأحد - 05 مايو 2024 - 05:55 ص

كتابات واقلام


لا فقر في جنوبنا ولا جوع بل افقار وتجويع

الأربعاء - 06 ديسمبر 2023 - الساعة 11:39 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


كذب من قال باننا في دولة فقيرة او من الدول الاشد فقرا في العالم وان شعب الجنوب يعاني من قلة الموارد ، كاذب والف كذاب من يدعي ذلك او يروج له ، كيف يكون ذلك ونحن الى عهد قريب ذوي الدخل المحدود من موظفينا يعرفون حساب التوفير والمدخرات ، ويرممون مساكنهم ويشترون آثاث جديدة ويلحقون ابناءهم بالمدارس والجامعات وياكلون ويلبسون ويتهادون مع جيرانهم بفضائل الطعام ويتنهزون ويهلون ويسهلون ويرحبون بالضيوف ويستضيفون الاصدقاء في المقاهي والمطاعم دون تحرج وقد يفاجأ الرجل شريكة حياته ليعرض عليها السفر لأداء فريضة الحج ، كيف لمن يعيشون في هذا المستوى وهم من ذوي الدخل المحدود ان يجوعوا او يصنفوا بانهم فقراء ، كاذب من يقول ذلك.

نحن لم نكن نعرف مصطلح الفقر الا عند المعدمين الذين لاعائل لهم نعتبرهم فقراء لكننا لانهملهم فهم يحضون بعناية ابناء الحي يمدون لهم الطعام ويكسون اولادهم ليكفوهم ذل التسول ، ماعرفنا قط وجود المتشردين ولا اطفال الشوارع ولا تسول النساء والرجال في الاسواق والجولات كالذي انتشر بشكل مخيف في بلادنا ليعطي للزائر صورة قبيحة ومشوهة عن البلد والذي يصوره البعض باننا نتسول فيها رجال ونساء واطفال بظاهرة تصور الجوع والفقر في البلد.

اننا لسنا كذلك وجنوبنا وعاصمتنا عدن بالذات كانت تسمى ام المساكين من دخلها لايجوع ومن عمل بها لايفتقر وظلت على هذه الحالة سنين ملاذا للآمنين من الجوع والفقر يأتيها احدهم عائلا فتغنيه يعود الى بلده وقريته تاجرا محملا بالهدايا والعطايا العدنية فكيف لها ان يجوع اهلها او يفتقرون ، ليس الفقر والجوع من حل في عدن والجنوب كلا والف كلا ، انه الخسة والدناءة والاجرام الشنيع والحقد الدفين هو من ينخر في عبق تاريخ المدينة الكونية عدن ام المساكين يريد ان يحيلها بخبثه وحقارته الى بؤر للمتشردين والمتسولين واطفال الشوارع ومرتع الجريمة وهي مدينة السلام من دخلها امن على نفسه وماله وولده وعرضه، الخائف فيها يؤمن والجاهل فيها يعلم والجائع فيها يطعم والعاري فيها يكتسي.

انها سياسة الافقار والتجويع الممنهجة والمعدة من قبل مختصين وخبراء محليين ودوليين يسعون لافراغ المدينة من محتواها الفكري اقتصاديا تجاريا تنمويا ليسدوا الفراغ بالعجز والاتكالية والتبعية والانهزامية المحبطة ، يعصرون الشعب بالتجويع والحرمان والافقار ليحولوه الى عالة ينتظر الهبات والتبرعات والمنح ارقى مايفكر فيه شاب طموح يجيد للغة الانجليزية هو ان يحصل على وظيفة مرافق يحمل حقيبة احد الموظفين في منظمة دولية . او ذاك الذي يحمل شهادة جامعية في الهندسة او ادارة الاعمال حظي بوظيفة بالهندام والراتب المغري لحارس امني على باب فندق فخم او نادل في مطعم راقي يتطلب شهادة جامعية وخبرة في استخدام الحاسوب واجادة اللغة الانجليزية بطلاقة ، او ذاك الذي انهى دراسته الجامعية ليلتحق بابعد معسكر حدودي يفارق اهله وذكريات الجامعة ليتساوى في التجنيد مع زميل لم يدرس للصف الخامس الابتدائي لم يهتم لذلك بسبب الراتب المغري، او تلك الشابة الحسناء من كانت تزدري زملاءها في الجامعة حين يرمقونها بنظرات الاعجاب والانبهار بجمالها تتخلى عن ذلك كله وتترك احلامها الوردية وفارس الاحلام لتقبل بالزواج من رجل لايهتم اهلها لاصله وفصله وشكله وسنه الا انه سينتشل الاسرة من وضعها الاقتصادي ويدفع في الحسناء الفاتنة ثمنا باهضا قيمة الجمال والشباب والوداعة ، لماذا يفكر ابناءنا بهذه الطريقة لاغرابة في ذلك ،

انها سياسة الافقار والتجويع المذلة هذه نتيجة من نتائجها فقد احبطت احلام الشباب ببناء مستقبل مشرق فلا مصنع سيعملون به ولا شركة تستوعبهم ولا توظيف لدى الحكومة فالمصالح الحيوية في الجنوب معطلة ميناء متوقف عن العمل ومصانع اطلال عشعش فيها الغراب واستوطنت الكلاب في اروقتها ، ومصافي النفط لم توقد الشعلة منذ زمن ، حقول النفط والغاز متوقفة عن الانتاج وموانئ التصدير مهددة والمحاجر والمناجم مخفية عن الانظار لاترى بالعين المجردة والصيد في البحر لازال بدائي لاتوجد سفن اصطياد عملاقة تستوعب ساحل ممتد من الطرف الشرقي الى الطرف الغربي للجنوب يمر بكل المحافظات، ومزارع لكل انواع الحبوب والخضار والفاكهة والتمور والقطن والتبغ فكيف يجوع شعب هذه خيراته وكيف له ان يفتقر وتلك ثرواته انه خاضع لسياسة الافقار والتجويع مكرها غير راغب.

ياترى هل سيتسنى لهذا الشعب الثائر العزيز صاحب النخوة والانفة والكبرياء ان ينفض عنه غبار التبعية ويرفض الانهزامية ويواجه اعداءه الذين فرضوا عليه العقاب الجماعي واغرقوه في وحل الاستبداد والهيمنة المحلية الجاثمة ككلب الحراسة على ثروات الشعب المنهوبة ، تهاجم كل من اقترب من مواقع التسلط والهيمنة والنهب من تمارس سياسة الافقار والتجويع للشعب من اجل زرع الانهزامية والاستسلام والرضوخ مقابل عظمة قد امتصتها كلاب الحراسة ثم ترميها لعامة الشعب عبر الهبات والمنح والتبرعات والاعانات النقدية والسلال الغذائية ومشاريع الدعم الخيرية التي منذ سنوات طوال لم تشغل كهرباء لمدينة ولم تمد المياه اليها ولم تحرك السفن لمينائها ولم توقد شعلة مصافيها ولم تصرف رواتب مقاتليها ولم ترفع قدر سياسيوها امام شعبهم بل اذلتهم قبل ان تذل شعبهم فنحن وهم سواء بسواء نعاني من الافقار والتجويع وليس الفقر والجوع فمثل بلادنا لايجوع اهلها ولا يفتقر شعبها لو ان قادتها يعرفون ذلك ولاشيء غير ذلك.