آخر تحديث :الأحد - 05 مايو 2024 - 02:26 ص

كتابات واقلام


مستقبل الجنوب تعلق بحبال ثلاثة

الأحد - 10 ديسمبر 2023 - الساعة 03:11 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


مفاهيم مختلفة عن الحبال واستخداماتها وهي ايضا رمزية يفهم منها مقصد معين عندما تربط استخدام الحبال بحالة من الحالات المشابهة لها في طبيعة الحياة والمعاملات البشرية . فهناك حبل يعقد حولك وتربط بطرفيه فيقيدك ، وحبل آخر يمد لك طرفه كي تتمسك به حين يتم انقاذك ، وهناك حبل آخر تنشر فيه ثياب الغسيل كي تجف ، فهذه نماذج لاستخدامات الحبال الثلاثة
قد يقول القائل وما علاقة تلك الحبال الثلاثة بمصير الجنوب بكل بساطة بامكاننا ربط وظائف الحبال الثلاثة المذكورة باستخداماتها في قضية الجنوب.

فالحبل الاول حبل الربط المعقود طرفيه هو حبل الاتفاقيات والعهود والالتزامات التي ربط بها سياسيو الجنوب مصير قضيتهم ، وقيدوا مصالحهم وادارة شؤونهم بتعهدات والتزامات واتفاقيات الحبال التي التفت حولهم وربطتهم بوثاق مشدود قيد حركة ايديهم وارجلهم والسنتهم ، ومنها على سبيل المثال الشراكة في حكومة المناصفة التي صاروا بموجبها يمثلون الشرعية التي يوما ما خرج الجنوبيون في الساحات رافضين تواجدها في عدن وهم اليوم بهذه الشراكة ربطوا قضيتهم بحبل معقود طرفيه باقدامهم قيد حركتهم ومصير شعبهم فلايستطيعون فك العقد المربوطين بها بالتعهدات والالتزامات المجحفة بحقهم وشعبهم وليس بيدهم شيئ فالعقد المربوطين بها لاتسمح لهم بفكها او الاستعانة باي طرف يساعدهم في فكها كونها ملزمة وموثقة لاتفتك الا بيد من عقدها وربط مصير الجنوب بها ولس امامهم الا احد الخيارين اما اقناع رابط الحبل ومعقده باقدام سياسيو الجنوب ان يغير موقفه من استخدام الحبل بهذه الطريقة بحق الجنوبيين او باضطرار الجنوبيين انفسهم الى الخروج عن المألوف وفك العقدة وقطع الحبل المربوط باقدامهم يمنع حركتهم وهذا يتطلب منهم تضحيات جسيمة وتحمل ردات الفعل ومواجهتها والخسائر الكبيرة التي ستلحق بهم اذا ما قرروا قطع الحبل المربوطين به فسيظل الجنوب والجنوبيون مربوطين بهذا الحبل لايستطيعون سبيلا.

الحبل الثاني وهو الحبل الممدود احد طرفيه للجنوبيين في عاصفة الحزم واعادة الامل وسهام الشرق وباقي وسائل المساعدة التي قدمها التحالف العربي السعودي الاماراتي للجنوبيين لمساعدتهم في حربهم ضد الحوثيين والقاعدة سيطروا على حركتهم وارادتهم وصار لهم اليد والجميل عند الجنوبيين ، اخجلوهم به وكسروا نفوسهم ، لايستطيعون به رد طلبا للتحالف او الاحتجاج عليه وهذا ما سيجعل مصير الجنوب والجنوبيين معلق بهذا الحبل حتى يغير التحالف من سياسته تجاه الجنوبيين ويعفيهم من الحق الواجب علىيهم برد الجميل ، والجنوبيون كما نعرفهم اوفياء يحفظون المعروف ويردون الجميل ولهذا علقوا مصيرهم ومستقبلهم بهذا الحبل.

الحبل الثالث وهو الحبل الممدود طرفاه في اتجاهين وينشر عليه ثياب الغسيل وهذا الحبل علق فيه الجنوبيون مصيرهم بين استعادة الشرعية اليمنية وانهاء الانقلاب الحوثي وظلوا طيلة ثمان سنوات بانتظار ان تجف المواقف الضبابية والرغبة المنعدمة عند اليمنيين في اقتحام مضمار المواجهة ضد بعضهم ، وبالاخص بعد تحرير الجنوب ، فلا الشرعية عادت ولا الانقلاب الحوثي انكسر ، ومن جانب آخر ظلت الشرعية اليمنية مراوحة مكانها بين الرياض والمعاشيق السعودية الاماراتية ، كا ان الحوثي لم يقتحم بقايا المديريات اليمنية في مأرب وتعز ليسيطر سيطرة تامة على اليمن قبل ٢٢ مايو ١٩٩٠م ، بل اتجهت محاولاته اليائسة والمتكررة صوب الجنوب يناور عسكريا لكسر الحواجز الترسانية في الحد يافع وسناح الضالع الصبيحة.

هذه الحبال الثلاثة التي تعلق مصير الجنوب والجنوبيين بها طيلة ثمان سنوات فقد فيها مالم يفقده في حرب التحرير وخسر فيها كثير من المصالح التي كانت يوما ما بيده وتحت سيطرته ليتم ربطه رباطا وثيقا بثلاثة حبال معا قيدت حريته وزمام المبادرة واتخاذه القرار وظل مكبلا باثقال لاطاقة له بحملها وهو مقيد بالحبال الثلاثة وسيظل كذلك حتى يتخذ القرار الذي يتطلع اليه وناضل سلميا لتحقيقه وخاض حربا لانتزاعه فهو اما ينجح باقناع من ربطه بتلك الحبال ان يفكها عنه او ان يتحمل ماسيجري ويمزق الحبال الثلاثة او ان يتكيف معها ويتعود على الحركة البطيئة وعذاباتها المريرة فقد بدأ يألفها .

ثمان سنوات تدهور اقتصاد الجنوب المقيد بالحبال الثلاثة الى مستوى لا يطاق وهو حليف صادق مع اغنى دول العالم ، الا ان انهيار الاقتصاد خصه فقط وعملته انهارت من ٢١٤ ريال للدولار الواحد قبل مارس ٢٠١٥م الى ١٥٥٠ ريال للدولار الواحد في مارس ٢٠٢٣م ، فماذا يعني ذلك ايها الجنوبيون ..؟