آخر تحديث :الأحد - 05 مايو 2024 - 03:13 ص

كتابات واقلام


مأساة مابعد الحرب في الجنوب

الأربعاء - 13 مارس 2024 - الساعة 03:02 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


يكتبه / جمال مسعود علي


هل هو الحظ وسوء البخث ام خفة العقل والسذاجة ام كبر حجم المؤامرة والمشاركين فيها ضد هذا الشعب المسكين الواقع في محيط قد يراه البعض أنه كثير عليه ولايستحقه ، كل من في الجوار شرقه وغربه وشماله وجنوبه ينظر إلى جنوب الجزيرة العربية المطل على خليج عدن وباب المندب موقع منافسة الأقوياء من أجل الاستحواذ عليه ، وشاءت الأقدار الإلهية أن يسكن هذه البقعة من الأرض شعب الجنوب العربي قبل أن يدخل في عالم اليمننة فمنذ الازل وهو محط نظر واطماع الشرق والغرب وتعرض هذا الجزء دون سواه لأكثر من غزو واحتلال أبرزها البريطاني واليمني فالدويلات شمال الجزيرة العربية منذ ما قبل مئات السنين حركت جيوشها لغزو عرب الجنوب في عدن ولحج وأبين وحضرموت واستولت عليها وتمددت قوات الغزو الشمالية حتى وصلت إلى سواحل عدن لأكثر من مرة لكنها لم تستقر فيها طويلا فسرعان ماتنتفض الأرض بهم وتلفظهم منها وتعيدهم إلى حيث كانوا وتشهد صفحات التاريخ بذلك حتى لما توجه الجنوب بمحض إرادته ودخل مع اليمن في وحدة اندماجية تامة تحركت نوازع الغزو والاحتلال في صنعاء نحو الجنوب وهو في وحدة آمن ومسلم للاتفاق المبرم في ٢٢مايو ١٩٩٠م ، لم يطب للسياسيين في اليمن وجود هذا الحق للجنوبيين في الشراكة بالوحدة فقرروا ضم الجنوب بالقوة لتسقط أحقيته بالمشاركة في جزء من الحق وكان الإقصاء والمصادرة والغاء الحق هو الحل ومنح شراكة صورية ديكورية لاتعني شيئا من مما هو في وثائق الوحدة المبرمة بين دولتين فقد تحول الاتفاق إلى منح بعض الجنوبيين حق المشاركة في الدولة الواحدة اليمنية عاصمتها صنعاء منة وتكرم وطيبة نفس بعد أن كانت لدى الجنوبيين دولة كاملة السيادة .

لقد كانت النكبة فيما بعد الحرب وليست في الحرب فالحرب سجال كر وفر هزيمة وانتصار لكن مابعد الحرب كان بمثابة المسح الاجرائي لكل ماهو جنوبي شكلا ومضمونا ونقل ملكيته إلى الشمال بالحق عن طريق الاستمالة والاغراء والخديعة والباطل عن طريق السلب والنهب والاغتصاب بالقوة .

اليوم يعود نفس السيناريو بعد الحرب ولكن الغريب في هذه المرة أن الجنوب هو المنتصر عسكريا وأمنيا ولكنه تعرض لنفس الأحداث التي قد تعرض لها في حرب الهزيمة في ١٩٩٤م ، الجنوب اليوم لم تقم له قائمة بعد الانتصار الكبير الذي حققه في تحرير أرضه من القوى الغازية اليمنية القادمة من كهوف صعدة وجبال صنعاء ودمار وسهول اب وتعز والحديدة وصحراء مأرب والجوف غزو جديد شاركت فيه كل القوى اليمنية ضد الجنوب في لحمة تشاركية متفقة في الأهداف وان بدى اختلافها في الأساليب.

اليوم يعاني الجنوب من تداعيات مابعد الحرب وهو أكثر تضررا في شتى المجالات يكاد يكون الانتصار الذي حققه ضد الحوثيين تحول إلى نقمة ووبال عليه فلاندري ماهي الاسباب ؟ احظ الجنوبيين وسوء بختهم في موقعهم الذي هم فيه جغرافيا ، ام هو خفة العقل والسذاجة لدينا نحن الجنوبيين الذين نكرس كل الطاقات والقدرات والإمكانات وحتى التضحيات كلها نجمعها في سلة واحدة ونقدمها دفعة واحدة في محرقة الحروب ، ونخسر كل ما لدينا من قدرات وإمكانات التأسيس والبناء لدولتنا بعد الحرب فالتجارب السابقة مؤلمة ومريرة فقد حل بنا ماحل من تقديراتنا الخاطئة لمابعد الحرب حتى أنه لم يفرق لدينا نتائج الحرب اكنا منتصرين ام مهزومين فتداعيات مابعد الحرب تظل كما هي.

أيعقل أن تنتصر دولة في حرب وتستعيد أراضيها وتبسط سيطرتها على الأرض ثم تترك إدارة شؤون الدولة لغيرها تحت مبررات !!!!

اتتمكن مقاومة مسلحة من حماية وإدارة مورد حيوي ضخم بحجم مصفاة عدن قبل الحرب وايام الحرب ثم تسقط القدرة على الإدارة لما يشبه الدولة بإدارة ذاتية غير معلنة نتيجة لتداعيات مابعد الحرب وتستمر سنوات معطلة دون تحرك.

أيعقل أن تحاصر التجارة المحلية والاستيراد والتصدير وحرية حركة الملاحة دون حصار معلن بعد الحرب واليوم وقد أعلن الجيش المنهزم بأيدينا على فرض حصار علينا بحري وجوي وبري ماهذه اللغة التي يتم تداولها في المعترك السياسي.

حقا انها واحدة من اثنتين أما حظ وبخت سيئ ولعنة كلعنة الفراعنة على شعب الجنوب ام هي سذاجة وخفة عقل لدينا نحن الجنوبيين مقاتلون اشاوس في كل الجبهات الا في جبهات الدفاع عن السيادة الوطنية والمصالح الحيوية وحماية الإيرادات ودعم قدرات بناء الدولة.

لقد تأخرنا كثيرا جدا وكما يقال إن الحماس يذوب عند طول الانتظار ثم يتلاشى ويحل محله التعايش والقبول بالأمر الواقع وهذا مالايقبله عاقل.