آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 01:22 م

كتابات واقلام


من وحي الصراع الدبلوماسي في اروقة الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار بغزة

الأربعاء - 27 مارس 2024 - الساعة 03:44 ص

علي قاسم عاطف
بقلم: علي قاسم عاطف - ارشيف الكاتب


بقلم / العميد الركن علي قاسم عاطف

من خلال المتابعة المتأنية لوقائع جلسة مجلس الأمن الدولي يوم أمس الاثنين الموافق 25 مارس والخامس عشر من شهر رمضان المبارك والتي تمخضت بعد صراع دبلوماسي محتدم في دهاليز اروقة الأمم المتحدة امتد لخمسة اشهر فيما بين الدول العظمى صاحبة الحل والمنع في القضايا المصيرية للشعوب الفقيرة المغلوبة على أمرها.. بولادة قرار هزيل أبرز مافيه هو مطالبة مجلس الأمن الدولي لإسرائيل بإيقاف إطلاق النار في قطاع غزة خلال الأسبوعين القادمين والمتبقيين من شهر رمضان الكريم وهو القرار الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع من قبل الأعضاء الأربعة عشر في مجلس الأمن وامتنعت أمريكا عن التصويت لصالحه ولم تعمل على منعه بحق النقض الفيتو كعادتها التي تعود عليه المجلس من امريكا عند إتخاذه لأي قرار بالإجماع ضد إسرائيل .. وهذا ما عبر عنه بشفافية مندوب الصين الشعبية في كلمته التي اوضح فيها انه تم ممارسة الضغط على أمريكا للموافقة على تمرير هذا القرار .. الأمر الذي أظهر إلى السطح بعض من فقاقيع صراع الكواليس فيما بين الرئيس الامريكي بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو الذي يسعى للضغط على الرئيس الأمريكي حليفه الرئيسي ومموله الرسمي بالمال العتاد لخوض غمار هذه الحرب القذرة في غزة للموافقة على اجتياح رفح وامداده بالعتاد العسكري من الصواريخ والقذائف التي امتنعت بعض الدول الأوروبية بيعها لإسرائيل وبإيعاز مبطن من الولايات المتحدة.. حيث كان نتنياهو منتظرا من مندوب الولايات المتحده الامريكيه بمجلس الأمن الدولي تعطيل القرار بإتخاذ حق النقض الفيتو ضده.. ولأن هذا لم يحصل بفضل الضغوط التي مارستها الصين وروسيا على أمريكا لتمرير القرار.. فقد جاءت ردة الفعل الغاضبة للجانب الإسرائيلي قبل أن يرفع مجلس الأمن جلسته التي طالب فيها أسرئيل بوقف إطلاق النار في قطاع غزة بتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بمنع الوفد الإسرائيلي الذي كان من المقرر سفره للولايات المتحدة للتباحث مع الجانب الأمريكي في الخيارات المطروحة والمتاحة والبدائل المزمع طرحها من قبل الجانب الأمريكي للعملية العسكرية لإجتياح معبر رفح التي تصر عليها إسرائيل في ظل تحفظ وممانعة على استحياء على تنفيذها.. هذه العملية العسكرية التي تهدد حياة مئات الألاف من النازحين في قطاع غزة إلى رفح من قبل الجانب الأمريكي..
في كلمتي مندوبي روسيا الاتحادية وإسرائيل في مجلس الأمن برز جليا الاختلاف والبون الشاسع فيما بين المصداقية والوضوح والطرح المنطقي والواقعي الذي تظمنته كلمة مندوب روسيا الاتحادية وتجيير الأحداث والبحث عن قشة للنجاة من الادانة الدولية للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل على مدى خمسة أشهر ونيف في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية التي تضمنتها كلمة مندوب إسرائيل والتي كانت مصاغة بعناية لذر الرماد في العيون وتقمص دور المغلوب على أمره الذي فرضت عليه الحرب ودخلها مكرها لا بطل وتم فيها تجيير بعض العبارات التي تندرج في الإطار الفهمي تحت المصطلح الشائع - كلمة حق يراد بها باطل - مثل الحديث عن الجانب الأخلاقي وإتهام مجلس الأمن الدولي الكيل بمكيالين بإدانته للعملية الإرهابية التي حصلت مؤخرا في روسيا الاتحادية وعدم إدانته لحماس على إعتبار ان ما حصل في إسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023م عمل ارهابي.. وإن الضحايا كلهم من المدنيين الذي كانوا يحتفلون ويرقصون في إسرائيل مثلهم مثل ضحايا العملية الإرهابية في روسيا الاتحادية متسائلا عن الذنب الذي اقترفوه حتى يحصل لهم ماحصل من قتل وذبح وإختطاف واغتصاب (بحسب قوله) ووو وما إلى ذلك من سفسطة الكلام والتعالي والغرور والتمادي في الضحك على الدقون.. في ظل ما يشهده العالم كل يوم ويتابعه على مدار الساعة وعلى مدى خمسة أشهر ونيف من بشاعة لهذه الحرب الدموية الإرهابية الظالمة التي تقوم فيها إسرائيل بالابادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة مع سبق الأصرار والترصد وعلى مرأ من عيون العالم كله رامية عرض الحائط بإحكام وقرارات محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي .. وهذا ما تمت الإشارة اليه بشفافية في الكلمة التي القاها مندوب روسيا الإتحادية التي فندت الاكاذيب الأسرائيلية - الامريكية التي تتهم مجلس الأمن بالتملص عن تبني قرار بإدانة ما حصل في إسرائيل في 7 أكتوبر بالعمل الإرهابي.. وقال إن يوم 22 مارس كان يوما اسودا في تاريخ مجلس الأمن حينما تم الضغط وممارسة الابتزاز على بعض الدول الأعضاء في المجلس لتمرير مشروع قرار لمجلس الأمن حول الحرب في غزة لم يتضمن حتى الإشارة إلى المطالبة بوقف إطلاق النار.. ويعطي إسرائيل فسحة كبيرة للتمادي في الاستمرار بالقتل والإبادة الجماعية للمدنيين الفلسطينين في قطاع غزة وهو الأمر الذي جعل مندوب روسيا الاتحادية يرفض مثل هذا القرار والاعتراض عليه.. واردف قائلا : كان حريا بواشنطن في بداية الحرب الموافقة على مقترح القرار البرازيلي الذي طالب بإدانة هجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل واعتبار ذلك عمل ارهابي مع المطالبة بهدنة انسانية.. وهذا ما رفضته الولايات المتحدة وهي بذلك تتحمل المسؤولية ولا تلوم الا نفسها.. وفي سياق ذلك اوضح المندوب الروسي انه حتى القرار الذي تم التصويت عليه يوم أمس في مجلس الأمن بالمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة ولم تعترض عليه أمريكا بحق النقض الفيتو.. هو قرار محصور في الأسبوعين الباقيين من شهر رمضان ولا يتضمن وقف فوري ولا وقف دائم الإطلاق النار ووقف الحرب وهذا ما يعطي إسرائيل فسحة للتمادي في عدوانها والقتل الجماعي للمدنيين...
(.......)
أقر القرار وتمت المصادقة عليه بالإجماع وصار امر واقع مدته الفعلية اسبوعين إذا ما التزمت به إسرائيل.. وقبل ان يرفع مجلس الأمن جلسته جاء الرد الإسرائيلي مدويا برفض القرار من خلال اعلان الإستياء الإسرائيلي من الموقف الأمريكي في مجلس الأمن الذي لم ينسف القرار بحق النقض الفيتو .. وتواصل التصريحات لأعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي بضرورة مواصلة الحرب وحتمية تنفيذ العملية العسكرية في رفح التي يرى فيها نتنياهو وفريقه من المتطرفين اليمنيين والمتعصبين الدينيين من اليهود الصهاينة ضرورة لإستمرار بقاؤهم في السلطة على أمل حسم الحرب لصالح إسرائيل والتمكن كما يدعون من القضاء النهائي على حماس.. لأن بمنظورهم الآني أن توقف الحرب معناه إنتصار حماس.. وهذا ديدنهم الذي يجعلهم يقفون بكل صلف وتعجرف أمام الرأي العالمي ويرفضون كل القرارات والأحكام الدولية ويعلونها صراحة بتحديهم حتى لحلفاؤهم بما فيهم أمريكا التي لا تنصح إسرائيل ولا توافق على قيامها بالعملية العسكرية في رفح.. فعلى مدار اليومين الأول والثاني من صدور قرار مجلس الأمن الدولي المطالب لإسرائيل بإيقاف إطلاق النار غير المشروط لمدة 15 يوما الفترة الزمنية المتبقية من شهر رمضان لإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة الذين يعانون من المجاعة جرى الحصار الاقتصادي الإسرائيلي المفروض عليهم ناهيك عن حرب الإبادة الجماعية التي تستهدفهم فيها إسرائيل من البر والبحر والجو.. خلال يومي امس واليوم وخاصة اليوم الذي يعتبر اليوم الأول من الفترة الزمنية المحددة من قبل مجلس الأمن الدولي لسريان قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. لوحظ جليا ان إسرائيل قد تعمدت مضاعفة هجومها على قطاع غزة واستهدافها للمدنيين من الجو بالطيران الحربي والطائرات المسيرة ومن البر بالمقصف المدفعي العشوائي الذي أوداء بحياة الكثيرين من المدنيين العزل الذين لم يعد بمقدورهم الحصول على بقعة أمنة في قطاع غزة للجؤ إليها وقيامها بإرتكاب أكثر من مجزرة دموية جل ضحاياها من الأطفال والنساء .. حتى المستشفيات التي اضحت هدف رئيس من أهداف العدوان الإسرائيلي على غزة الذي أبرز اجندته تهجير أبناء غزة عبر رفح إلى سيناء المصرية.. على طريق تحقيق التوسع الصهيوني الحلم لدولة إسرائيل التي يريدون لها ان تكون من النيل إلى الفرات في ظل تهاون وانبطاح بل وتعاون معلن ومخفي من قبل البعض من الدول العربية والتي للأسف جلها من الدول العربية المعول عليها في مقدمة الصفوف العربية - الإسلامية للمواجهة العسكرية المصيرية مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.. الذي يخطط له للتمدد في المنطقة من خلال التطبيع مع الدول العربية والتغلل الاقتصادي في هذه الدول وأحكام القبضة الصهيونية على المنطقة عسكريا واقتصاديا إلى جانب السيطرة الجغرافية التي تعتبر هذه الحرب الدائرة في قطاع غزة واحدة من أبرز اسباب قيامها..
إنها لغة القوة التي قال عنها رئيس الوزراء البريطاني يونستون تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية.. ( عندما تتفاوض مع عدوك في الحرب فعليك التفاوض إلى المدى الذي تصل اليه مدفعيتك).. فاين مدفعيتنا نحن العرب من مدفعية إسرائيل التي حركت أمريكا وبريطانيا اساطيلها للمنطقة تحسبا لاي تدخل عربي أو إسلامي إلى جانب الفلسطينيين في قطاع غزة وجعل المواجهة حصرية فيما بين دولة الكيان الصهيوني المدجج جيشها بأحدث الأسلحة الحربية الفتاكة وحركة حماس في قطاع غزة التي استطاعت حقا من خلال هجومها المباغث في السابع من أكتوبر 2023م على المسنوطنات الأسرائيلية في غلاف غزة من تعرية الجيش الإسرائيلي على حقيقته الهشة وما كان يدعيه من قوة أسطورية..
خمسة أشهر من المواجهة المباشرة وغير المباشرة في قطاع غزة والضفة الغربية استطاعت فيها المقاومة الفلسطينية ان تقدم أنموذجا جدير بأن يدرس في قادم الأيام للأجيال القادمة في قدرة قوة الحق في مواجهة قوة الباطل على الصمود والثبات والحاق الضرر بها وكبح جماح تقدمها وتوغلها وافشال خططها العسكرية لتنفيذ اجندتها العدوانية رغم كل ما يمكن أن توتى به من قوة وما يمكن أن تحضي به من دعم ومساندة دوليه.
ليس هناك أمل
لن ينفذ قرار مجلس الأمن.. ولن توقف إسرائيل الحرب.. ويبقى السؤال الأهم : هل ستمضي إسرائيل قدما بتنفيذ ما تخطط له وتقوم بتنفيذ عمليتها العسكرية بإجتياح رفح؟ وهل هي مستعدة لتحمل تبعات ذلك في ظل إمتناع أمريكا عن مباركتها لهذه العملية وإبدائها لتخوفها من نتائجها الكارثة المحتملة والمتوقع حدوث إبادة جماعية فيها لإعداد هائلة من أبناء غزة النازحين في رفح..؟ هل إسرائيل قادرة ومستعدة لمواجهة الرأي العام والعالمي وخاصة الأمريكي - الأوروبي الشعبي الذي يضغط على حكوماته بقوة لإيقاف هذه الحرب والضغط على إسرائيل للقبول بذلك بإيقاف الدعم المادي لها والسلاح.
لقد جعل بن يمين نتنياهو دولة اسرائيل بحربه هذه في غزة في مواجهة مباشرة مع العالم .. ولا تلوح له في الافق بوادر النصر بالقضاء على حماس في غزة وهي لا تزال تحتفض بالاسراء الاسرائيلين في غزة.. وهي من تطرح شروطها في التفاوض معاه عبر الوسطى لأطلاق سراح الاسراء...
وللحديث بقية..