آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 03:13 م

عرب وعالم


أوباما يعود لرئاسة أمريكا بولاية ثالثة من بوابة بايدن

الأربعاء - 25 نوفمبر 2020 - 11:24 م بتوقيت عدن

أوباما يعود لرئاسة أمريكا بولاية ثالثة من بوابة بايدن

العرب

أسرّ الرئيس الأسبق باراك أوباما خلال حملته الرئاسية في صيف العام 2007 حول وجهة نظره في الشؤون العالمية، وكان ينظر إلى إدارة جورج بوش الأب كنموذج للاحتراف والإشراف على المصالح القومية الأميركية.

ويقول جيمس تروب، وهو زميل غير مقيم في مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك، في تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، إنه على الرغم من كل دوافع أوباما التحويلية، فقد أراد تشكيل فريق مثل الفريق الذي يقوده وزير الخارجية جيمس بيكر ومستشار الأمن القومي برنت سكوكروفت.

وعلى عكس بوش، وصل أوباما إلى البيت الأبيض بخبرة ضئيلة في مجال الأمن القومي وكان في ذلك الوقت بحاجة إلى إثبات جديته، وهكذا عندما حان الوقت لاختيار فريقه، لجأ إلى “النجمة اللامعة” هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية، وإلى جيمس جونز كمستشار للأمن القومي.

وقد اتضح لدى أوباما في ما بعد أن كلينتون كانت اختيارا جيدا، أما جونز فكان كارثة، وسرعان ما تم استبداله، وقام أخيرا بتشكيل الفريق الذي أراده رغم أنه لم ينسجم أبدا بسلاسة مثلما فعل فريق بوش.

واليوم يبدو أن نائبه السابق حقق له مبتغاه، فقد قدم الرئيس المنتخب جو بايدن رسميا “فريق الأحلام” للأمن القومي، والذي من الواضح أنه مصمم على التخلي عن الانعزالية القومية للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، ما جعل البعض يصف فترته بأنها “ولاية ثالثة” لأوباما.

خبرة عميقة
جيمس تروب: أدوات بايدن لتحقيق الغايات ستكون مختلفة عن ترامب
جيمس تروب: أدوات بايدن لتحقيق الغايات ستكون مختلفة عن ترامب
مع إعلانه تعيين أنطوني بلينكن وزيرا للخارجية، وجيك سوليفان مستشارا للأمن القومي، وليندا توماس غرينفيلد سفيرة بلاده لدى الأمم المتحدة، سيكون بايدن أول رئيس منذ وصول بوش الأب يمتلك خبرة عميقة في السياسة الخارجية، وربما يكون قد كوّن نوع الفريق الذي كان يتمناه أوباما، والذي يتوق إليه متخصصو الأمن القومي منذ عهد بوش.

ولا يُقصد بالاحتراف وجهة نظر ثابتة حول العالم، حيث سيكون هناك الكثير من التحليل الدقيق للتقارير الخاصة بآراء هذه الشخصيات الثلاث، وأيضا بآراء الشخصيات الأخرى التي عيّنها بايدن، وهي أفريل هينز التي ستكون على رأس جهاز المخابرات الوطنية، ووزير الخارجية الأسبق جون كيري الذي سيكون مبعوثا خاصا لشؤون المناخ، وكذلك نائب سكرتير سياسة الهجرة في وزارة الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركس، والذي بات على رأسها.

ولا يمكن تكوين انطباع فوري حول مناقشة بلينكن للسياسة الخارجية في معهد “هدسون” مؤخرا أو المقال الذي شاركت في تأليفه توماس غرينفيلد حول الدبلوماسية الأميركية في صحيفة “فورين أفيرز”، فكلامها لن يمتد إلى ما هو أبعد من “40 ياردة”، كما هو مفهوم في مجلس العلاقات الخارجية ومراكز الفكر الأخرى السائدة في السياسة الخارجية.

ويعد فريق بايدن بالترميم وليس التحول، فكل شخص يأمل في العدول الحاد عما قبل ترامب. وقد كتبت غرينفيلد وشريكها في التقرير ويليام بيرنز، وهما دبلوماسيان محترفان، يقولان إن “السياسة الخارجية الحكيمة سترفض استعادة الهيمنة الأميركية وتخفيض النفقات”.

ويعتقد تروب، مؤلف كتاب “ما كان الليبرالية الماضي والحاضر والوعد بفكرة نبيلة”، أن “السياسة الخارجية الإصلاحية لا تعني العودة إلى الوضع السابق، فقد تغير العالم بشكل جذري منذ العام 2016”.

ولا يساور الشك مستشاري بايدن الرئيسيين في أنهم يدركون حجم التحدي، ولكن ما تجب استعادته ليس مجموعة من السياسات بل هو الممارسة الفعلية لفن الحكم، وهو فن تطبيق الوسائل المتاحة لتحقيق الغايات المرجوة.

ويؤكد تروب أن ما كان غريبا بشأن السياسة الخارجية لترامب، لم يكن الغايات، فبعضها مألوف تماما، لكن الوسائل المختارة لتحقيقها والتي لا يمكن تفسيرها إلا بالإشارة إلى أهواء ترامب الخاصة.

ويضيف أن ترامب تساوم مع كيم جونغ أون في كوريا الشمالية دون أي خطة سوى الاعتماد على مهاراته التفاوضية؛ فسحب قواته من سوريا تاركا حلفاءنا الأكراد لكسب ود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ثم اقترح “خطة سلام للشرق الأوسط” مصممة لدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدلا من تحقيق السلام في الواقع. أما اليوم فيشعر فريق بايدن بالمسؤولية تجاه الغايات، والتي تتعلق باستعادة القيادة الأخلاقية والاقتصادية والدبلوماسية للولايات المتحدة.

ولن تختلف بعض هذه الغايات كثيرا عن أهداف ترامب، لكن الفريق الجديد ينتظر أن يختار الوسائل التي يرجح أنها قادرة بالفعل على تحقيق تلك الغايات. وعلى سبيل المثال، قال كل من بايدن وكبار مستشاريه، بمن فيهم بلينكن، مرارا إن طريقة حث الصين على التصرف وفقا لقواعد الاقتصاد العالمي وسيادة الدولة هي من خلال العمل بالتنسيق مع الحلفاء والإصرار على احترام سيادة القانون.

ملفات ساخنة
غراف

من المؤكد أن أي شخص كان من الممكن أن يعيّنه بايدن في مناصب رفيعة في الأمن القومي كان سيعود إلى الحياة الطبيعية. ومع ذلك فإنه لم يتضح بعد ما إذا سيكشف تعيين بلينكن وزيرا للخارجية وكان بإمكانه اختيار شخصية مشهورة عالمية مثل هيلاري كلينتون أو جون كيري أو كولين باول الذين يمكن أن يقفوا على قدم المساواة أمام رؤساء الدول.

وكان بإمكانه أيضا اختيار صانع صفقات قديم وحكيم مثل وارن كريستوفر أو حتى أكبر دبلوماسي في وزارة الخارجية، ويليام بيرنز لكن بايدن لا يحتاج إلى هذه الأشياء لأنه يعرف الجميع بالفعل.

وفي ما يخص المنطقتين اللتين تتمتعان بالمزيد من الأهمية الاستراتيجية على مستوى العالم، وهما منطقتا الشرق الأوسط والمحيط الهادئ الهندي، فإن الولايات المتحدة تواجه بيئتين مختلفتين للغاية، بحسب كريستيان لو ميير مؤسِس “أرسيبل”، وهي مؤسسة للاستشارات الاستراتيجية لها مقرين في لندن ولاهاي.

وبخصوص الشرق الأوسط، فإن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين باتوا في خصومة مع بعضهم البعض وغالبا ما يتصارعون من أجل النفوذ، وفي بعض الأحيان يقف كل منهم ضد الآخر عبر الحرب بالوكالة.

ويرى لو ميير، الذي شغل سابقا منصب كبير المستشارين في مؤسسة مستقلة بأبوظبي، أن منظومة التحالف الأميركي تواجه موقفا مختلفا للغاية، فحلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في المنطقة، مثل تركيا ومصر، يتبنون علاقات استراتيجية بديلة مع خصوم الولايات المتحدة مثل روسيا.

وفي الوقت ذاته تنخرط تركيا وقطر والسعودية والإمارات في منافسة من أجل النفوذ في عدة مسارح بالمنطقة، منها ليبيا واليمن، وحتى منطقة الخليج ذاتها تشهد قطع علاقات دبلوماسية بين قطر من جهة وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى والمستمر منذ 2017 ولا تلوح في الأفق أي إمكانية لحل تلك المعضلة.

أما بالنسبة إلى منطقة المحيط الهادئ الهندي، فيرى لو ميير أنه ستكون هناك خطوات ناجحة، تتمثّل في مجهودات دبلوماسية وتصريحات والتوقيع على معاهدات وصفقات أسلحة، وسوف تساعد تلك الأمور الدول المتحالفة مع واشنطن بشكل رسمي على التمسُك بفكرة مقاومة المد الصيني في تلك المنطقة.

وسيتعين على فريق بايدن مواجهة تحديات جديدة من الصين وروسيا، وإعادة التأكيد على مركزية الديمقراطية في النظام العالمي، وتنسيق الاستجابة العالمية لوباء كورونا، وإحداث تغييرات طويلة الأجل بشأن التجارة والضرائب والتنظيم لبناء اقتصاد عالمي عادل.