صرف العملات
مجتمع مدني
كتابات
فريق التحرير
من نحن
إتصل بنا
الرئيسية
اخبار عدن
أخبار وتقارير
تحقيقات وحوارات
منوعات
محافظات
عرب وعالم
إجتماعيات
قضايا
رياضة
ثقافة
صرف العملات
مجتمع مدني
كتابات
فريق التحرير
من نحن
إتصل بنا
آخر تحديث :
الجمعة - 19 ديسمبر 2025 - 12:20 ص
اخبار وتقارير
جبهات المجلس الإنتقالي الجنوبي
الإثنين - 07 ديسمبر 2020 - 06:33 م بتوقيت عدن
كتب/ د.خالد لقمان
تابعونا على
تابعونا على
2-3
جبهة مكافحة الإرهاب:
خلال العقد الماضي, كانت اليمن, والمناطق الجنوبية منها على وجه الخصوص مرشحة للسقوط في يد الإرهاب, القاعدة إبتداءاً والتي تمكنت من السيطرة على مناطق في أبين أثناء فترة حكم الرئيس صالح وفي حضرموت في عهد الرئيس هادي إلى داعش التي حاولت أن تجد لنفسها موطئ قدم مستغلة حالة ضعف الدولة وغيابها وضبابية جهود محاربة الإرهاب في اليمن. في 22 يناير2015 نشرت السي إن إن تقريراً لبريان تود عنوانه "تنظيم الدولة الإسلامية يكسب أرضاً في اليمن ويتنافس مع القاعدة" قال فيه "علمت شبكة سي إن إن أن داعش تنشط وتقوم بالتجنيد داخل اليمن والتي تعد بالفعل بؤرة للنشاط الإرهابي. تأتي المعلومات المزعجة من مسؤول يمني قال للشبكة أن داعش لها وجود في ثلاث محافظات على الأقل في جنوب ووسط اليمن ، وهناك الآن منافسة حقيقية بين داعش وتنظيم القاعدة الذي يتخذ من اليمن مقراً له في شبه الجزيرة العربية ، وقال المسؤول نفسه إن تلك المنافسة تجسدت في معركة بالأسلحة النارية بين الجماعتين في المحافظات الشرقية لليمن الشهر الماضي".
وفي 17 يوليو 2015 نشر مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد المشاريع الأمريكية وهو معهد أبحاث سياسية أمريكي تأسسس في 1943 تقريراً جاء فيه " هناك الآن سبع مجموعات معروفة لداعش في اليمن تعمل على طول الجبهات الأمامية لنزاع الحوثيين في المناطق الجنوبية الوسطى من البلاد" وجاء فيه أيضاً "دفع توسع الحوثيين في اليمن العديد من القبائل المحلية في وسط وجنوب اليمن للعمل مع القاعدة في شبه الجزيرة ". في 19 أكتوبر 2015 نشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وهو مؤسسة فكرية تأسست في 2007 ولها مكاتب في سبع عواصم أوروبية تقريراً كتبه آدم بارون قال فيه "في أعقاب انتفاضة اليمن عام 2011 ، استولى مسلحون تابعون للقاعدة ، يقاتلون تحت راية أنصار الشريعة على مساحات شاسعة من محافظة أبين الجنوبية. هناك أسسوا إمارات إسلامية في بلدتي جعار وزنجبار.على الرغم من طردهم من أبين في هجوم عسكري يمني تدعمه الولايات المتحدة في الربيع التالي ثبّتوا أنفسهم في جبال المحفد وعزان جنوبا" وجاء فيه أيضاً " رفع الفرع اليمني من تنظيم داعش من مكانته. وهو يدير معسكرات تدريب في بعض مناطق الجنوب".
العوامل المشتركة بين هذه التقارير والمقالات الصادرة -وغيرها الكثير- عن وسائل إعلامية غربية أو مراكز بحثية يعتمد عليها صانع القرار الغربي ولو على سبيل الإطلاع هي ما يلي: أولاً, أنها أظهرت وضع مزمن, ثانياً, أنها تدور حول الإرهاب, ثالثاً أنها تتحدث عن أن الجماعات الإرهابية وجدت موطئ قدم في الجنوب, أي أن الملخص لما سبق هو (الجنوب, سنوات طويلة, الإرهاب). لكن, بعيداً عن هذه التقارير, يتذكر مواطني الجنوب ولاية وقار في أبين أثناء حكم صالح, يتذكر المواطنين الإغتيالات والتفجيرات خلال العقدين الماضيين ومنها إغتيال اللواء الركن سالم علي قطن. وقبل ذلك يتذكر أبناء عدن تفجير السفينة الحربية الأمريكي يو إس إس كول في عدن عام 2000. كما يتذكرون أناشيد وعمامات وأعلام ونقاط تفتيش داعش والقاعدة في شوارع عدن بعد وفي فترة الحرب مع قوات صالح والحوثي. ويتذكرون كذلك سيطرة القاعدة على مدينة المكلا.
الحديث عن سقوط الجنوب في قبضة الإرهاب لم يكن حديثاً نظرياً أو نقاشاً أكاديمياً. كان حقيقة شاهدها الناس في الشوارع. كان الجنوب المرشح الطبيعي للسقوط في الإرهاب كما سقطت قبله أفغانستان والصومال والعراق وسوريا, لكنه لم يسقط.
قال تقرير صادر في 13 سبتمبر 2019 عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تناول نتيجة وأسباب مواجهات أغسطس 2019 بين القوات التابعة للمجلس الإنتقالي الجنوبي والقوات التابعة للشرعية في فقرة عنوانها "مساحة تنفس للقاعدة في جزيرة العرب" ما يلي "من المرجح أن تستفيد القاعدة من تراجع النفوذ الإماراتي وتحسن وضع هادي / الإصلاح. تضم بعض ميليشيات الإصلاح التي مكّنت الحكومة من الهجوم المضاد الأخير في صفوفها العديد من المتعاطفين مع القاعدة في شبه الجزيرة العربية". نفس المعهد قال في عن علي محسن الأحمر تقرير سابق صادر في 9 نوفمبر 2018 " دعم المجاهدين اليمنيين في أفغانستان في الثمانينيات ، ثم جند العديد منهم في الوطن لخوض حرب أهلية ضد الجنوب في عام 1994. وخلال هذه العملية ، أقام علاقات مع رجال الدين المتطرفين والمسلحين الذين ارتبطوا لاحقًا بأنشطة إرهابية داخل اليمن". في 24 فبراير 2004 ،
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية أمرًا يصف الزنداني بأنه "إرهابي عالمي محدد بشكل خاص". وقالت الوزارة إن الزنداني له "لدى الولايات المتحدة أدلة موثوقة على أن الزنداني ، وهو مواطن يمني ، يدعم إرهابيين محددين ومنظمات إرهابية." ، وأنه "عمل كجهة اتصال مع جماعة أنصار الإسلام وهي منظمة إرهابية مقرها في العراق وسوريا مرتبط بالقاعدة". للتذكير, علي محسن الأحمر هو نائب رئيس الجمهورية الحالي, وعبدالمجيد الزنداني هو عضو مجلس رئاسة اليمن سابقاً ورئيس مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح سابقاً.
وجد المجلس الإنتقالي الذي تأسس للتو والإمارات العربية المتحدة أمامهم أرضاً سقطت فيها دولة صالح/الحوثي وطُردت بإعتبارها دولة إحتلال, علاقات مشبوهة ومعقدة وقديمة لما يحسب على رجال الدولة بالمنظمات الإرهابية,جماعات سياسية تقف في المنطقة الرمادية بين الإرهاب والدولة, عدم وجود قوات مدربة تدريب كاف للتعامل مع الإرهاب, ووجود أطراف عديدة تعبث بأمن عدن وتتعامل معها كحلبة صراع لا بد وأن تبقى غير مستقرة. ومع ذلك, نجحت قوات الإنتقالي بدعم وإشراف الإمارات وتنسيق مع الولايات المتحدة من إنهاء سيطرة الجماعات الإرهابية على الأرض وإنهاء ظاهرة العمل العلني للجماعات الإرهابية كما حدث في أبين وشبوة وحضرموت سابقاً. نعم, أستمرت الجماعات الإرهابية بتنفيذ عمليات إغتيال إرهابية, ولكن هذه الإغتيالات, رغم ثقلها على الناس ووأرواحهم, إلا أنها دليل على عدم قدرة الجماعات الإرهابية على تنفيذ عمل علني وسيطرة على الأرض في الجنوب. اليوم, لا تنفذ الدرونز الأمريكية عملياتها إلا خارج مناطق سيطرة المجلس الإنتقالي, في مأرب والبيضاء بشكل أساسي. في تقرير لمؤسسة جيمس تاون صدر في 14 يونيو 2018 جاء ما يلي " من خلال قوات النخبة الشبوانية ، وقوات النخبة الحضرمية وغيرها من الميليشيات المتحالفة ، نفذت الإمارات والولايات المتحدة حملة واسعة وناجحة ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في يوليو وأغسطس 2017".
وصف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب في اليمن لعام 2019 قوات المجلس الإنتقالي بأنها "لعبت دورًا مهمًا في جهود مكافحة الإرهاب". ما تحقق في مكافحة الإرهاب أكبر من أن يُنكر وأقل من أن يقضي على الإرهاب بالكامل.
جبهة الخدمات والمرتبات:
المدن هي الأكثر تأثراً بسقوط الدولة وغياب مؤسساتها, فسكانها لا يملكون أنظمة إجتماعية وإقتصادية موازية للدولة كم هو الحال في المناطق ذات الطبيعة القبلية. المجلس الإنتقالي الجنوبي هو سلطة الأمر الواقع في عدن وفي المناطق التي يسيطر عليها, هو الواجة الأولى أمام المواطنين, في المدن خصوصاً, فكما هو المسؤول عن أمنهم هو أيضأ المسؤول أمامهم عن الخدمات والمرتبات, هو السلطة. لكنه وقف موقفاً ضبابياً من الخدمات والمرتبات, فتارة يتملص منها ويقول أنها مسؤولية الحكومة وتارة يصرح ويقوم بخطوات تدل على أنه يراقبها ويتدخل فيها ويقوم بتوفيرها. وهو مع ذلك فلم يوفر للمواطنين المعلومات الكافية عن المشاكل التي تقف خلف تدهور الخدمات وعن المتسبب بهذا التدهور. عندما قدم محافظ عدن السابق عبدالعزيز المفلحي إستقالته نشر رسالة علنية فصل فيها أسباب الإستقالة للرئيس وللمواطنين جاء فيها " غير أني ولشديد الأسف وجدت نفسي في حرب ضارية مع معسكر كبير للفساد كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر. إن كبريائي يمنعني أن أخوض في جدال مع رئيس حكومة يخطف الماء من أفواه الناس، والضوء من عيونهم". في المقابل لم يقدم الإنتقالي حتى الآن جهة محددة أو إسم محدد لمن يقف خلف تدهور الخدمات. هناك ضبابية في الموقف وضعف في التواصل مع الجمهور الذي يعاني في معيشته وقوت يومه. نعلم صعوبة أن تتوفر للمجلس الإنتقالي الموارد المالية الكافية لتوفير الخدمات والمرتبات, فمعظم موارد اليمن والجنوب تأتي من النفط والغاز التي لا يسيطر المجلس الإنتقالي على مناطق تواجدها, لكنه يسيطر على مناطق المؤسسات التي توفر هذه الخدمات, الميناء والمصافي ومحطات توليد الكهرباء على سبيل المثال. أقل ما يمكن للمجلس الإنتقالي توفيره للناس هو تقرير إعلامي أسبوعي عن وضع الخدمات والرواتب وعن الخطوات المتخذة من قبل المجلس الإنتقالي لتحسينها. سيقلل هذا التواصل والشفافية من غضب الناس وسيساهم في الضغط على الجهات المتسببة في تدهورها.
الشعارات وحدها لا تكفي, أكتشف أبناء المكونات المختلفة في العراق ومنها المكون الشيعي بعد سقوط صدام حسين وإمساك الأحزاب ذات الصبغة الشيعية بمقدرات الدولة العراقية أن الشعارات والرايات لا تشغل الكهرباء ولا تبني الجسور والطرقات ولا تحسن من مستوى الخدمات في المستشفيات. قد يصل الناس في عدن وربما هم قد وصلوا إلى قناعة مشابهة مفادها أن رفع أعلام الجنوب لا يولد الطاقة الكهربائية ولا ينظم المرور. في العراق المشكلة ليست مشكلة ميزانية, تراوحت التقديرات الصادرة عن جهات عراقية ودولية أن المبالغ التي تم إنفاقها لإصلاح أزمة الكهرباء هناك بين 40-60 مليار دولار, ومع ذلك لم تنتهي مشكلة الكهرباء في العراق النفطي, المشكلة مشكلة فساد وسوء إدارة. في عدن, أصبح الناس يتندرون في مجالسهم وفي وسائل التواصل الإجتماعي بأخبار وصول محطة كهرباء جديدة أو معدات صيانة للكهرباء من هذه الجهة أو تلك. عادة, تقوم الكيانات الثورية بالإشراف المباشر -إذا لم تسيطر عليها بالكامل أساساً- على مرافق توفير الخدمات عن طريق مندوبين منها. إشراف يضمن مكافحة الفساد وعدم تسرب الموارد وضمان التشغيل, لم يقم الإنتقالي بذلك. خلل آخر صاحب أداء المجلس الإنتقالي في المناطق التي يسيطر عليها هو غياب المحاسبة, يستأجر أحدهم جرافة لبناء في موقع عشوائي, يقطع توصيلات كهرباء لعدة أحياء سكنية أثناء الحفر, تأتي فرق الصيانة لإصلاح القطع ولا يُحاسب المتسبب فيه, لا يدفع غرامة, ولا تكلفة الإصلاح ولا يحال للنيابة والقضاء. أيضاً, هناك خدمات أخرى ليست مشكلتها مشكة موارد في المقام الأول, بل مشكلة إنضباط ومتابعة مستمرة, لا تحتاج إلى قرارات مؤقتة تدور في دائرة الإنفعال ورد الفعل والتصوير, بل متابعة مستمرة. فماذا يتطلب الأمر لتنظيم حركة المرور في عدن ؟ لتحسين النظافة؟ لتنظيم عمل الجهات الأمنية والعسكرية المتعددة؟ لمحاسبة المسؤولين عن حوادث الأطقم العسكرية؟ لتطبيع وتفعيل عمل أقسام الشرطة؟ لإيقاف البناء العشوائي ومحاسبة وتغريم المتسببين فيه؟ لتنفيذ صيانة لحفر الشوارع؟ هذه معظمها صلاحيات سلطات محلية في الأساس, سلطات يسيطر عليها حالياً المجلس الإنتقالي.
يتبع
ولمن فاتته مطالعة الجزء الأول من التحليل نعيد نشر نصه هنا :
1-3
مقدمة:
بالنسبة للجنوبيين المطالبين بالإستقلال, التحرير, الإنفصال, إستعادة الدولة, وحتى الجنوبيين اللذين لا يمانعون بقاء الكيان الجنوبي موحداً في إطار فضفاض مع الشمال, بالنسبة لهم جميعاً, فأن المجلس الإنتقالي الجنوبي هو الحامل الأقوى لمشروعم السياسي ولمطالبهم الوطنية, هو ممثلهم. حتى أن الكيانات والشخصيات الجنوبية المناوئة للإنتقالي أرتفعت قيمتها من حجم مناؤتها للإنتقالي وعملها أو إستخدامها ضده. كما كانت- بالنسبة للجنوبيين- كل الكيانات التي سبقت المجلس وحملت المطلب الجنوبي, من موج وحتم وتاج ولجان التصالح والتسامح وجمعيات المتقاعدين والحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية وصولاً الى تكوين المجلس الإنتقالي الجنوبي وتشكيل القوات العسكرية المحسوبة عليه. المجلس هو الكيان الجنوبي الأقوى والأكثر نضوجاً حتى الآن, ويعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فيم تحقق الى دماء شهداء الفعاليات السلمية وشهداء مقاومة الحوثيين, الى آلام المصابين وجراحهم وصبر الأرامل والأيتام والثكالى والمكلومين, وإلى الإمارات العربية المتحدة التي تدخلت في وقت كان الحوثيين فيه يقصفون نصف عدن ويحتلون نصفها الآخر, دعمت وحاربت ثم قدمت المجلس والقضية الجنوبية إلى العالم. ثم, إنما قيادات المجلس هم بشر مثلنا في آخر المطاف, يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق, وبالتالي فهم عرضة للخطأ تماماً كما هم عرضة للصواب. علينا كجنوبيين أن نؤسس ونؤصل لنقد وتصويب المجلس الإنتقالي الجنوبي وأي قيادة تتولى قيادة القضية الجنوبية وتتحمل مسؤوليتها وأثقالها, يجب علينا أن نلفت أنظارهم إلى معاناة الناس إذا أنفصلوا عنها أو أنعزلوا, كما يتوجب علينا أن نشيد بهم عندما يصيبوا. الجبهات أمام المجلس الإنتقالي متعددة, جبهات دبلوماسية وسياسية وعسكرية وأمنية وإعلامية وجبهة الخدمات الأكثر قرباً وأهمية عند الناس.
دبلوماسياً:
الجبهة التي حقق فيها المجلس النجاح الأكبر هي الجبهة الدبلوماسية, إذا نظرنا للمجلس كإمتداد للقضية الجنوبية التي بدأت منذ حرب 94 سنستشعر أهمية الإختراق الدبلوماسي الذي تحقق منذ أن كانت القضية حبيسة القلوب والسجون وتوزيع المنشورات مروراً بتنفيذ فعاليات سلمية في شوارع مدن الجنوب وأريافها تُسال فيها دماء الجنوبيين ولا تغطيها أي وسيلة إعلام عربية أو أجنبية الى أن وصل المجلس والقضية الى مقابلة ودعم قادة وسفراء الدول المؤثرة إقليمياً كالسعودية والإمارات ومصر وإلى مقابلة دبلوماسيي وسفراء الدول العظمى كنائب وزير الخارجية الروسي والسفير الأمريكي وباقي سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والمبعوث الأممي, وصولاً إلى تغريدة وزير الخارجية الأمريكي التي دعى فيها المجلس والحكومة اليمنية إلى العودة إلى العملية السياسية . دبلوماسياً, نجح المجلس أيضاً وبصعوبة بالغة في أن يظهر القضية الجنوبية كقضية مستقلة –إلى حد ما- عن المشكلة اليمنية. أيضاً, تحضى القضية والمجلس اليوم بتفهم المملكة العربية السعودية وهذا تطور مهم إذا ما قورن بالوضع منذ حرب 94. الإنجاز الدبلوماسي الآخر الذي أخذ في التكون هو إعتبار المجلس جزء من محور إقليمي يضم الإمارات والسعودية ومصر بالتوازي مع محور تركيا- قطر-الأخوان المسلمين ومحور إيران وحلفائها في لبنان والعراق وسوريا واليمن. مع الأخذ في عين الإعتبار خطورة التقارب والتنسيق المتوقع بين محوري إيران وتركيا وتأثيره على القضية الجنوبية.
أن يصبح المجلس الإنتقالي الجنوبي جزء من محور فاعل ومؤثر في المنطقة يعطي المجلس ومن خلفه القضية الجنوبية قدر لابأس به من التأمين أمام تقلبات السياسات الدولية وتعقيد الوضع السياسي والأمني في الشرق الأوسط ككل. إذ يفقد الشرق الأوسط أهميته بالنسبة للقوى العظمى, الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا خصوصاً, أكتفت أمريكا من نفط الشرق الأوسط وتستورد أوروبا نسبة بسيطة فقط من نفطها من الشرق الأوسط. بالتالي تقلل وستقلل الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا من دورها -الشرطي ورجل الإطفاء- في الشرق الأوسط. السبب الآخر لتقليل إهتمام هذه الدول بالشرق الأوسط هو عدم إحتياج إسرائيل إلى نفس مستوى الحماية العسكرية والدبلوماسية التي أحتاجت له في السابق. لن ينتهي تأثير الولايات المتحدة ودول أوروبا في الشرق الأوسط بكل تأكيد, فما زال للممرات البحرية أهمية عالمية وما زال تهديد الإرهاب قائم وعابر للقارات وكل ما يحدث في الشرق الأوسط يؤثر على هذه الدول بشكل أو بآخر. الحرب في سوريا على سبيل المثال أدت الى تدفق ملايين اللاجئين إلى أوروبا. لكن يبدو أن تأثير هذه الدول وإهتمامها بالشرق الأوسط ينحسر في نفس الوقت الذي يزداد فيه تأثير قوى إقليمية تعمل على تكوين محاور مختلفة الأجندات.
لا يملك المجلس الإنتقالي الجنوبي ولا الكيان الجنوبي المنشود رفاهية الحياد السويسري. تنضم كل دول العالم – حتى القوية منها- في محاور مصالح إقتصادية وعسكرية وأمنية ودبلوماسية, تتواجد في كل محور من هذه المحاور دول تتباين في أهميتها وتأثيرها وقوتها العسكرية ومساحتها وقدراتها الإقتصادية, يجمعها توجه إستراتيجي عام. الخيار الآخر فيم يتعلق بمحاور المنطقة هو خيار غير مطروح على الإطلاق لأسباب أخلاقية وتاريخية ومذهبية, خيار الإنضمام لأحد المحورين الآخرين في المنطقة. هناك صعوبة حد الإستحالة بين توافق التوجه الإستقلالي للجنوبيين وبين الطبيعة الجماعاتية القائمة على الولاء والطاعة لمحور تركيا-قطر-الأخوان, سيدعم الأخوان المسلمين إستقلال الجنوب في حالة واحدة فقط, هي ضمان سيطرتهم عليه, وهي سيطرة تنسف المشروع الإستقلالي نفسه وتفقده معناه. المحور الآخر, محور إيران, هو محور طائفي كامل الدسم, نادي مغلق, من يرفضه يُمطَر بالبراميل المتفجرة. قوة المجلس الإنتقالي الجنوبي والقضية الجنوبية من قوة محور السعودية- الإمارات- مصر, وهذا المحور هو بوابته الأكثر إنفتاحاً نحو الدول الكبرى, لن تصل القضية الجنوبية إلى الدول الكبرى عبر إيران أو تركيا لكن تصل إليها اليوم عبر الإمارات والسعودية.
سياسياً:
مبدأياً, لا يمكن إغفال النصر السياسي الكبير الذي حققه الإنتقالي في فرض أن تكون نصف الحكومة من الجنوب وإن لم تكن من الإنتقالي, علينا أن نتذكر أن الجنوب كان فرع عاد إلى أصل في خطاب وعقلية نخبة الشمال الإستيلائية. في أحسن السيناريوهات السابقة كان الجنوب يمثل بعدد السكان فقط, أي أنه كتب عليه ان يبقى كأقلية على الدوام. أن تصبح نصف الحكومة من الجنوب في إتفاق أشرفت عليه القوى الإقليمية وباركته الأمم المتحدة والقوى العظمى فهو إعتراف ضمني أن الجنوب هو نصف الجمهورية اليمنية لا خمس سكانها. هذا إنتصار وجزء من رد إعتبار للجنوب ككل قبل أن يكون إنتصاراً للمجلس. ومع ذلك فعلى الجبهة السياسية لم يحصل المجلس على الدرجة الكاملة, السبب الأول يعود الى رفع السقف في "إعلان عدن" خصوصاً فيم يتعلق بإدارة وتمثيل الجنوب. والسبب الآخر هو أن المجلس لعب في دوري المحترفين أمام علي محسن الأحمر بفريق شباب حسن النية وثق في الرئيس هادي. أحد مكامن قوة المجلس هي نفسها أحد مكامن ضعفه, كون معظم قيادات المجلس من الشباب حمى المجلس من موروث الصراعات السابقة في الجنوب إلى حد كبير, كما أنه أنعكس عدة مرات في تعامل الإنتقالي مع خصومه الجنوبيين عند إنتصاره عليهم. وقع أو أوقع المجلس في فخ تحويل الصف الأول من قياداته المقاتلة الى موظفين في شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي يستطيع إقالتهم, كمنصب محافظ عدن ومدير أمنها بعد تحرير عدن. ربما يمكن الجدال حول هذه النقطة ما إذا كانت خطأ إستراتيجي أم حسن نية أم فرصة للمشاركة في القرار. الخطأ الآخر الذي وقع فيه المجلس أنه أنشغل في الصراع مع أدوات جنوبية نفخها علي محسن وأستخدمها لكسب الوقت بينما المعركة الحقيقية هي معه هو. كل يوم تأخير في حل قضية الجنوب واليمن بشكل عام يعطي علي محسن براميل نفط إضافية. ماذا لو أشترط المجلس وتزمت ولو من باب المناورة في إقالة علي محسن الأحمر كما أقيل بحاح وشلال؟ ماذا لو اشترط المجلس أن يحدد هو أو يوافق على تعيين نائب رئيس الجمهورية مع التوقيع على عدم إقالته دون موافقة المجلس؟ أشترط جون جرنج والحركة الشعبية لتحرير السودان أن يكون نائب رئيس الدولة السودانية من الحركة.
ضعف آخر كان في تعامل المجلس مع أبين وما عرف سابقاً بالمحمية الشرقية, بإستثناء نجاحه في سقطرى. ففي أبين, لم يحسب الإنتقالي حساب الرئيس هادي ورجاله من أبناء أبين, فتح هذا الخطأ في الحساب الباب أمام إستحضار حرب 86 بشكل عبثي ومراوغ من خصوم الإنتقالي. يتشابه الوضع الإجتماعي في أبين مع الوضع في شبوة ووادي حضرموت والمهرة. هناك, القبيلة ومصلحتها أولوية, هذه الأولوية تتقدم على أي أولويات أخرى, ببساطة كما تتقدم مصلحة الأسرة على أي مصلحة أخرى. كما أن تأثيرشيوخ القبائل والوجاهات على أبناء تلك المناطق يجعل في إستمالتهم المفتاح السحري. عرف علي عبدالله صالح هذه الخلطة السحرية ومارسها قبله الإنجليز بينما لم يمارسها المجلس وتعامل مع كل منطقة من هذه المناطق -أبين, شبوة, وادي حضرموت والمهرة- ككتل واحدة, كتل مضمونة. تسلل الآخرون من خلال هذه الخصوصية القبلية. خصوصية أخرى هي الجغرافيا, الطبيعة الجغرافية المفتوحة لهذه المناطق تجعل السيطرة عليها مستحيلة دون تعاون سكانها الكامل. واجهت الدولة المصرية القوية نفس المشكلة مع الطبيعة الإجتماعية والجغرافية لسيناء.
سياسياً, سيصبح موقف المجلس الإنتقالي الجنوبي أقوى لو تمكن من تمثيل وضمان أبين وشبوة ووادي حضرموت, حينها قد تخف حدة الصراع على المهرة. يحتاج ملف المناطق الصحراوية الجنوبية إلى مراجعة شاملة, إلى تشكيل لجنة حكماء حقيقية, تقوم بالتواصل والتنسيق وإجراء لقاءات مكثفة تنتهي بتوصيات حقيقية مزمنة وقابلة للتنفيذ. لقاءات تتحسس مخاوف الناس ومطالبهم, تحمي مصالحهم وتغلق الباب أمام الإختراقات, توصيات تعترف بالخصوصيات والإختلافات والتاريخ والجغرافية. مثلاً, لا بأس من توسيع هيئة رئاسة المجلس لصالح هذه المناطق. لهذه المناطق أهمية كبرى للجنوب, فمعظمها ينتمي للتقسيم الإستعماري للجنوب في المحمية الشرقية, ومنها من حُسب على الطرف المهزوم في صراعات سابقة, ومعظمها يحتوي الثروات الأساسية للجنوب ما يجعلها في عين الصراع مع النخبة الإستيلائية اليمنية, وتشكل هذه المناطق المساحة الجغرافية الأكبر للجنوب. هناك شخصيات مهمة من هذه المناطق ضمن قيادة المجلس الإنتقالي السياسية والعسكرية, لكن هذه الشخصيات لن تتمكن وحدها من ضمان ضم (كل) مكونات هذه المناطق للمجلس الإنتقالي الجنوبي وسد الثغرات. لا بأس ولا بد من توسيع تمثيل المكونات والفئات المختلفة لهذه المناطق في قيادة المجلس وإشراكها في صنع القرار.
مواضيع قد تهمك
وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي.. ما هي الرسالة التي حمله ...
الخميس/18/ديسمبر/2025 - 11:46 م
غيب الموت السفير محمد عبدالرحمن العبادي ، القائد العسكري والسياسي في دولة الجنوب ، حيث شغل فيها عددا من المراتب العسكرية ومنها مديرا لمكتب وزير الدفاع
غياب المادة يضاعف معاناة المواطنين ويتسبب بأزمة في المواصلات ...
الخميس/18/ديسمبر/2025 - 10:20 م
طوابير طويلة للمركبات جراء تفاقم أزمة الغاز تتفاقم أزمة مادة الغاز في معظم محافظات البلاد، جراء نفاد المادة في معظم المحطات، وتأخر وصول حصص المحافظات
أكاديمي مغربي : المجلس الانتقالي يقف اليوم أمام مرحلة حاسمة ...
الخميس/18/ديسمبر/2025 - 09:39 م
إعتبر الأكاديمي المغربي البروفيسور توفيق جزوليت تبنّي المجلس الانتقالي الجنوبي للإعلام الخارجي باللغة الإنجليزية أداة استراتيجية وركيزة بناء التفهم ال
الزُبيدي: تأمين حضرموت والمهرة خطوة حاسمة… والوجهة النهائية ...
الخميس/18/ديسمبر/2025 - 07:28 م
جدّد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، التأكيد
كتابات واقلام
م.يحي حسين نقيب اليهري
الأحداث عاصفة ومتسارعة والمتغيرات كبيرة..رسالة لأبناء الجنوب في المهجر
علي سيقلي
وطن مؤجَّل مقابل رصاصة غدر
د.أمين العلياني
معركة الحسم في أبين.. بين صَولَةُ انتصارات قواتنا المسلحة، وهزائم التنظيمات الإرهابية
المحامي جسار فاروق مكاوي
قلق طهران… حين يتحدث صانع الانقسام بلسان الوحدة
عبدالله الشرفي
ثلاثون عامًا على بوابة العدالة.. أرض مؤجلة وأعمار ضائعة: مأساة عمال ميناء عدن منذ 33 عامًا
أصيل هاشم
شرعية الميدان تسحق شرعية الفيسبوك ومن يقاتل على الأرض هو من يقرر مصير الوطن
حافظ الشجيفي
حسم ملف الوافدين الشماليين.. ضرورة استراتيجية لبناء دولة الجنوب المستقلة
صالح علي الدويل باراس
خيارات الزبيدي .. رفض لشرعنة الهزيمة