آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 07:10 م

قضايا


البسط والتوسع العمراني العشوائي يهدد طواحين هواء عدن

الجمعة - 26 فبراير 2021 - 10:50 ص بتوقيت عدن

البسط والتوسع العمراني العشوائي يهدد طواحين هواء عدن

عدن تايم - الشرق الأوسط:

بعد نحو 60 سنة على تأسيسها ما تزال طواحين الهواء في عدن شاهدة على الانتعاش التجاري والحضور العالمي في المدينة، حيث كانت صناعة الملح بالطريقة التقليدية واحدة من أهم الأعمال التجارية، كما تكونت حول أحواضه محميات طبيعية تأوي إليها الطيور المهاجرة، لكن الزحف العمراني الذي جفف مواقع إنتاج الملح، يهدد محمياتها الطبيعية أيضاً.
ويرجع إنشاء المملاح في مديرية خور مكسر، حسب المصادر التاريخية، إلى عام 1886. حين أنشأت شركة «الملح الإيطالية» الجهة الشرقية من المملاح وطواحين الهواء والجسور والقنوات التي لا تزال قائمة حتى الآن. وكانت هذه الطواحين تعمل بالطاقة المتجددة من الرياح. من ثمّ توالى إنشاء الشركات تباعاً، وفي عام 1908، أنشئت الشركة الهندية - العدنية للملح في الموقع الحالي للمؤسسة بجانب مطار عدن الدولي.
ويقول الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد في مذكراته: «أنشئ المملاح بالقرب من خورمكسر، حيث المستنقعات والأراضي السبخة، وهي مؤسسة اقتصادية استفادت من طبيعة هذه الأرض بتبخير الماء المالح المحتقن في برك واسعة لصناعة ملح الطعام المترسب عنه. ويغطي المملاح مساحة واسعة شمال خورمكسر على ساحل الخور، ويجب التمييز بين مملاحين في هذه المنطقة أحدهما يعرف باسم (حسوة السيد) نسبة إلى متعهدها والآخر هو المملاح، حيث توسع إلى جنوب خورمكسر في نهاية القرن التاسع عشر واستغلته شركات هندية وإيطالية. وبنيت عليه طواحين الهواء لضخ الماء وقد بقيت عاملة إلى الستينيات من القرن العشرين، وما تزال هياكلها باقية حتى الآن تمثل أحد معالم عدن المشهورة».
ويذكر مؤلف تاريخ كتاب ثغر عدن أنّ طواحين الهواء، بنيت في خمسينات القرن الماضي، واستخدمت هذه الطواحين لضخ مياه البحر إلى الأحواض، حيث يسمح لها أن تتبخر وتترك وراءها بللورات الملح الخام، وتُدار هذه الطواحين عبر الرياح.
وتمتد منطقة المملاح على مساحة واسعة منبسطة ومفتوحة من الجهة الشمالية الشرقية لعدن، وكانت تتميز بمرور تيارات الهواء القوية لأنّها منطقة مفتوحة، وبسبب استمرار الرياح فإنها استغلت لتحريك المراوح الضخمة التي كانت تدير الطواحين، ومعها تدور دواليب داخل المبنى الحجري وتسمح بمرور مياه البحر إلى الأحواض.
وعلى أطراف هذه الأحواض تشكلت مناطق رطبة جاذبة للطيور المهاجرة من خمس محميات تتوزع في المناطق التالية: محمية الحسوة، ومحمية المملاح، ومحمية بحيرات عدن أو بحيرة البجع، ومحمية الخليج الفارسي (مصب الوادي الكبير)، ومحمية خور بير أحمد.
وتعد محمية الأراضي الرطبة بشكل خاص، أحد المواقع الهامة عالمياً للطيور. وتوجد فيها قرابة 30 نوعاً من الطيور المقيمة والمتكاثرة التي يمكن رؤيتها طوال العام. منها: النورس أبيض العين، وملك العقبان، وأبو المغزل، وأبو ملعقة، والنحّام (فلامينغو).
وقد سُجّل 170 نوعاً من الطيور المهاجرة المائية والبرية في عدن، حسب دليل الطيور المائية في المحافظة، الصادر عن الهيئة العامة لحماية البيئة في عام 2010. لكن أحدث البيانات تشير إلى رصد سبعين نوعاً فقط من الطيور المهاجرة من أصل مائة وسبعين نوعاً كانت تحط رحالها على شواطئ مدينة عدن، وأثبتت عمليات الرصد والمتابعة للطيور المهاجرة، التي تحط سنوياً على المسطح المائي لعدن في الخامس عشر من أكتوبر (تشرين الأول) ثم تشرع بالرحيل في نهاية شهر يناير (كانون الثاني)، أنّ أعداد الطيور تناقصت بشكلٍ كبير، كما هو الحال أيضاً مع السلاحف المائية الخضراء التي بدأت بالاختفاء كلياً. ويعود ذلك إلى الدمار الذي تسببت به الحرب وزيادة أعمال الردم والبناء العشوائي في الأراضي الرطبة للمحميات. كما تسبب التلوث الناتج عن ضعف تنقية ومعالجة مياه الصرف الصحي، التي تصب في بحيرة البجع، في أضرار لحقت الغطاء النباتي، وسط مخاوف من أن يؤدي الانسداد الذي حل بثمانية أنابيب إلى جفاف هذه البحيرة ومحمية المملاح بالكامل، كما تعرض لتسجيل وفيات لبعض الطيور النادرة والمهددة بالانقراض مثل طيور أبو منجل والنورس أبيض العين وزقزاق السرطان.
ومع الانهيار الذي أصاب أجهزة الدولة أثناء غزو الحوثيين للمحافظة وما ترتب على المواجهات معها حتى طردها فإن محمية المملاح، ومحمية الخط البحري، تحديداً للردم والبناء العشوائي.
ومن أربع محميات للطيور والنباتات في المدينة ردم أحدها في مديرية خورمكسر والثانية وردم جزء من الثانية، فيما الثالثة الواقعة في منطقة المنصورة يتواصل الردم فيها، والمحمية الرابعة التي تحتوي على نباتات وطيور كثيرة في منطقة الحسوة في مديرية البريقة، لم تسلم أيضاً من الاعتداء، وهو أمر يلقي بأعباء ثقيلة على السلطة المحلية التي ورثت تركة كبيرة من الإهمال والعبث، وعلى الهيئة العامة لحماية البيئة المعنية أساساً الحفاظ على البيئة وصون المحميات الطبيعية من أي اعتداء لما لذلك من آثار مدمرة على البيئة والتنوع.