آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

كتابات واقلام


المرحلة الانتقالية القادمة لن تكون موحدة

الخميس - 22 أكتوبر 2020 - الساعة 09:03 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى - ارشيف الكاتب


تسمى المراحل التي يتم فيها تغير الانظمة السياسية الاستبدادية و الشمولية الى ديمقراطية بالمرحلة الانتقالية والاصلاحات الدستورية ومفهوم هذه اللحظة التاريخية يأتي من العقيدة الغربية ومن تاريخ التحول الديمقراطي فيها من انظمة شمولية الى ديمقراطية بالذات في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، وتعزز حضور هذا المصطلح في الساحة الدولية بقوة بعد نهاية "الشيوعية" ، او ما يعرف بعلم " السوفيتولوجيا " في فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات .

احيانا تمر عملية بناء النظام السياسي في المرحلة الانتقالية بنوع خاص من اللعبة السياسية على يد مجموعة من النخبة و الفاعلين بمواردهم واستراتيجياتهم و ادواتهم ، وقبل الوحدة في الشمال والجنوب مرت الانظمة السياسية في الشطرين في عدة مراحل انتقالية ، لكنها انحصرت في شكل انقلابات بين مفاهيم الاشتراكية و الجمهورية و القبلية وباسم اعادة تصحيح مسار الدولة ونظامها السياسي دون التخلص من فكرة هيمنة القبيلة الواحدة او الحزب الواحد من التحكم بمسار المرحلة الانتقالية ، مع انه كان من الممكن تفادي اخطاء المرحلة الانتقالية الواضحة في الشطرين واهمها كان يكمن في البدء اولا بالاتفاق السياسي الوطني الحقيقي للتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ، الذي يليهما استقرار سياسي دائم .

بعد الوحدة في اليمن ارتبطت المرحلة الانتقالية بدفن النموذج الجنوبي وإعادة إنتاج "الإرث السياسي" الشمالي ، الذي كان كذلك بعيدا عن اسس ومفاهيم الديمقراطية وأعاق إلى حد كبير ظهور المشاركة السياسية "المدنية" وفي نفس الوقت عزز من نشاط الاحزاب الدينية وتطرفها ، وبذلك اصيبت المرحلة الانتقالية بانتكاسه وبمعوقات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة ساقت البلاد الى اول حرب في 1994 . التي اسست مرحلة انتقالية "استبدادية " وانقسام حاد في المجتمع .

ليس لدى اليمن الموحد الحالي اي فرصة جديدة لمرحلة انتقالية مشتركة ، فغالبية نخبة الشطرين غير قادرة على البناء والادارة ولم تتخلص من السياسات الاقصائية المتجذرة في ثقافتها ، وهذا واضح في الحروب و الانقسامات الداخلية حتى على مستوى اتفاق سياسي نحو السلم ، كذلك الانقسام بين "المركز" و "المحيط الاقليمي" ، بالإضافة إلى منطق " استحالة " التحول الديمقراطي بوجود النخب الحالية من موميات السياسة اليمنية ، الذين يعتبرون أنفسهم " ديمقراطيين " دون ان يكون لديهم اي نية لفقدان مناصب السلطة .

البناء القادم النشط لآليات الدولة الجديدة وتشكيل هيئات ومؤسسات الدولة التي تجمع بين ملامح الماضي والحاضر والمستقبل في يمن موحد مهمه مستحيلة ، بسبب الحروب وحالة النفور المجتمعي والسياسي والتأثير الاقليمي والدولي، كما ان الدولة اليمنية الحالية نفسها خالية من الاستقرار والقرار ، ولا يتمتع شكل الحكومة الحالية بنظام فعال من الضوابط والتوازنات وبروز اختلالات واضحة في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , والسؤال هو بعد هذه المنغصات السياسية والفشل المتكرر خلال 30 سنه هل لازال من الممكن السير في مرحلة انتقالية جديدة في يمن موحد ام ان المهمة مستحيلة ؟ .