آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


"خطوتان إلى الأمام وخطوة إلى الوراء "

الأحد - 03 يناير 2021 - الساعة 10:01 م

د. ياسين سعيد نعمان
بقلم: د. ياسين سعيد نعمان - ارشيف الكاتب


ظل الأدب شعراً ، رواية ، بلاغة ، مسرح مصدراً لإثراء مناهج التفكير السياسي والعلوم الأخرى ، وإكسابها الخيال الواسع لاستيعاب قضايا المجتمع . ولم تتطور السياسة على النحو الذي نشهده اليوم في كثير من دول العالم إلا بارتباطها الوثيق بما قدمه الأدب من روائع مستخلصة من واقع المجتمعات وقضاياها المختلفة .
قام الأدب بدور الكاشف لقضايا المجتمع وحاجته ، وقامت السياسة بتعميمها ونقلها إلى برامج سياسية ، وشكل التشابك بين الإثنين قوة ضاغطة للتغيير . وشهدت أوربا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أوضح علاقة بين الأدب والسياسة ، كان الأدب فيها بمثابة الملهم لصياغة مناهج التغيير السياسي التي أطاحت بالانظمة الدكتاتورية والمستبدة .
وفي محطات تاريخية هيأ الأدب المجتمع وسلحه بالوعي للتفاعل مع دعوات التغيير بالثورة والإصلاح ، وكان مع كل دعوة للتغيير يتحول إلى قوة مادية تختزن حاجة الناس إلى حياة أفضل .
ومثلما ألهم فكتور هيجو الثورة الفرنسية في روايته "البؤساء"، وجان جاك روسو صاحب فكرة العقد الإجتماعي في روايته الشهيرة " جوليا" ..وغيرهم الكثير والكثير .. فقد استعان قائد الثورة الروسية "لينين"بالأدب الروسي الخصب ليستعير منه أهم ما كتبه في مرحلة حرجة من مراحل الثورة ، وهو كتاب " خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء" والذي عالج فيه كثير من عقبات التغيير السياسي في روسيا إبان الثورة الروسية ، وهو عنوان مأخوذ من رواية الكاتب الروائي الروسي الشهير انطوان تشيخوف " المبارزة" ، مع تحوير بسيط ، حيث يقول تشيخوف صاحب الفكرة " يخطو الناس بحثاً عن الحقيقة خطوتين إلى الأمام وخطوة إلى الوراء . تدفعهم الالام والأخطاء وملل الحياة إلى الوراء ، لكن الشوق إلى الحقيقة والعزيمة الصلبة تدفعهم إلى الأمام قدماً " . لقد كانت الفكرة التي كتبها تشيخوف بمثابة إلهام لوضع منهج سياسي بمخيال إجتماعي مؤثر .
هكذا يسعف الأدب السياسة في أهم محطاتها بفكرة يتم استخلاصها من واقع المجتمع في حركته .
الأدب يخصب حياة الأمم ويؤسس لنهضتها .