آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 03:18 ص

كتابات واقلام


شبه دولة حاربت الدولة

الخميس - 01 يوليه 2021 - الساعة 10:45 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى - ارشيف الكاتب


احترام النظام والقانون والمدنية هي ثقافة متجذرة في الجنوب منذ فترة ما قبل الاستقلال عن بريطانيا ، واستمر الحال حتى بعد 30 نوفمبر 1967 ، ومن جيل الى جيل ، حتى جاءت حرب 1994 المشؤومة ، حين شبه دولة حاربت الدولة ، وحاول بعدها شيوخ الهضبة تدمير هذه الثقافة والاسس و تحويل الجنوب الى " ظل " دون قيمة خلفهم ، متجاوزين بذلك وفي محاولة انتحارية الفرق الشاسع بين ثقافة القبيلة في صنعاء و المدنية في عدن ، وقد اجتهد رجال الهضبة عبر ثلاثة عوامل رئيسية لتحويل الجنوب الى قرية قبيلة متخلفة ، هددت هذه العوامل بالفعل الثقافة والتقاليد الجنوبية ، وحتى حياة المواطن ، هي كالتالي :



العامل الاول : عامل الحقوق المدنية والملكية ، حيث خضعت الحقوق الاساسية دائما لرقابة و موافقة صنعاء واستخباراتها ، اما ممتلكات المواطنين والدولة الجنوبية ( بيوت ، محاكم ، مدارس ، جامعات ، مصانع ، مؤسسات حكومية ، أراضي ، ثروات ، موانئ ، مطارات ،فنادق ... ) فقد ذهبت " فيد " للمنتصر وشركائه باسم الدين والوحدة والباقي تم تدميرها ، اما الجيش الجنوبي فقد حولوه الى رماد .



العامل الثاني ، تطبيق سياسة الافقار والاذلال، هذا العامل استخدمته القبائل بطريقة الاقصاء والفصل للجنوبيين من وظائفهم بعد ان سيطروا على مفاصل الاقتصاد وتلاعبوا بالعامل الديمغرافي الجنوبي وسرقوا ثرواته و اوقفوا أي تنمية او استثمارات في البنى التحتية في المحافظات الجنوبية ، و ببساطة تركوا الجيش والاستخبارات الشمالية لا دارة الجنوب باسم عفاش وشركائه ، الذين مارسوا الظلم والتهميش و اعتقال كل شخص يفكر في انشاء الهياكل المدنية الجنوبية السلمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية .



العامل الثالث ، هو تهديد الهوية الوطنية الجنوبية ، وهذا كان واضح من خلال شطب اسماء الشوارع والمدارس الجنوبية واستبدالها بشمالية ، كذلك التعامل بمصطلحات الهضبة " الفندم ، السيد ، الشيخ ، عاقل الحارة " و تغير طابع البناء المعماري وربط كل شيء في عدن بصنعاء ، كما تم فرض نظام تعليم شمالي في الجنوب ، كانت نتيجته انتشار الغش والرشوة و البطالة والتطرف والسلاح والارهاب واجيال من الشباب الفاشل المحبط يتعاطى المخدرات والشمة والقات .

اصبحت اليوم الجمهورية اليمنية مثيره للشفقة إذ لم يتبقَ منها سوى الاسم والازمات تخرج منها في المنطقة والى خارجها ، والصراعات فيها تتصاعد بسرعة إلى أكثر خطورة ، بسبب فقدانها لسيادتها و غياب خصائص الاتحاد ، وشكل الدولة الذي لا ينتمي لا الى " البسيطة او المركبة " ، بينما في الجنوب رغم الصعوبات والمؤامرات ،فأن المجتمع خليط موحد من الأجناس تتشابه تشابها كبيرا في هياكلها الاجتماعية و الاقتصادية والعادات والتقاليد ، تجاوزوا نقطة اللاعودة الى " شعار " الوحدة او الموت واصبح لديهم وسائل إقناع جادة للمجتمع الدولي لاستعادة دولتهم واخراجها من الظل الى النور.