آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 03:18 ص

كتابات واقلام


تحويل مصالح الشعب ساحة للصراع السياسي جريمة لاتغتفر

الخميس - 02 سبتمبر 2021 - الساعة 08:47 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


يكتبه/ جمال مسعود

ابتدعت الاطراف السياسية ادوات جديدة في صراعاتها ، فلم تعد تعتمد على تلك الادوات القديمة المعروفة المستنزفة لطاقاتها وامكانياتها المادية والمعنوية ، ونظرا لتنوع الصراع واستحداث قضايا سياسية ، لم تجد اطراف الصراع غير ساحات المصالح الخاصة بالشعوب لتنقل اليها صراعاتها لتخفف من الخسائر والتضحيات التي سيفقدها هذا الطرف السياسي أو ذاك.

كثير من الدول التي تشهد صراعات سياسية من على المنابر السياسية اوخلف المتارس العسكرية حولت الصراع من المنابر والمتارس الى ساحات جديدة لاعلاقة لها بالصراع السياسي ، بل وجد فيها اولئك متكئا يستندون اليه للحيلولة دون تكبدهم خسائر مادية أو معنوية في صفوفهم فاستخدمت الاطراف السياسية تلك مصالح الشعب ساحة للمبارزة فيما بينها فيعتدي هذا الطرف على الكهرباء ويعرقل كفاءة الخدمة ليستفز الشارع الشعبي ويحرضه ضد خصمه ليكسب نقاط سياسية عند التفاوض باتهامه لخصمه السياسي بالفشل وقد يلجأ الطرف الآخر لتهييج الشارع ضد خصمه وقيادة حركة الاحتجاجات الشعبية لاسقاط احد القرارات السياسية أو ممارسة الضغط الشعبي على ذلك الطرف السياسي لابتزازه من اجل الحصول أيضا على نقاط لصالحه في التفاوض السياسي ، بمعنى ان مصالح الشعب صارت وسيلة للابتزاز والارتزاق السياسي فالخدمات الاساسية وتحصيل الموارد وصرف الرواتب وتوفير السلع وضبط الأمن وتفشي الفساد كلها صارت وسائل بيد السياسيين يستخدمونها ضد بعضهم البعض.

في الاونة الاخيرة تعرضت مناطق الصراع السياسي في لبنان والعراق وسوريا وليبيا واليمن حالات متشابهة في استخدام مصالح الشعب ساحة للصراع فتعرضت الكهرباء الى مايمكنك القول عنه انه فعل مشترك بين الدول يدار بالة واحدة ومحرك واحد لاتعلم في اي بقعة يتواجد ، حيث يتحكم عن بعد في تحريك الازمات وافتعال أحداث يظن البعض انها مصادفة عندما تشتعل في عدة دول فتعرض ابراج الكهرباء للتخريب في العراق ونقص امدادات الوقود لمحطات الكهرباء في لبنان وازمة الطاقة المشتراة في اليمن وكذا تعرض الكهرباء للتخريب في سوريا وليبيا هو مشهد درامي يقدم بتوقيت واحد اضافة الى ازمة صرف المرتبات وانهيار العملة ونقص المؤن والادوية كلها أحداث متشابهة تدار من داخل غرفة عمليات مشتركة في ساعة غفلة من السياسيين المغرر بهم والمخدوعين بالصراع الداخلي الوهمي المحتدم فيما بينهم في الوقت الذي يدار الحدث فيه من خارج البلد وبادوات قد تكون محلية بايعاز خارجي من قبل القوى المحركة للاحداث في المنطقة والتي دفعت الاطراف السياسية دفعا وجرتهم جرا الى ساحات نجسة غير شريفة ليست بساحات صراع مشروعة ولايجوز استخدامها لذلك العرض فمصالح الشعب وموارده الحيوية وعوامل استقراره المعيشي ليست بساحة صراع ومبارزة بين اطراف الصراع السياسي فرواتب العمال والجنود وتوفير الوقود والمؤن والادوية والمساعدات والنقود والعملات وحماية الآثار كلها مهام يجب على الدول تحييدها عن الصراع السياسي وكل ما من شأنه الاضرار بمصالح الشعب ونقل بؤر التوتر بعيدا عنها.

ان خروج الشعوب الى الساحات تئن من جور السلطات واقحام مصالح الشعب الحيوية في الصراع السياسي والتضييق على معيشة الناس لاغراض ذات صلة بالصراع السياسي ومحاولة كسر العظم أو لوي الذراع أو ممارسة الضغط والابتزاز من اجل تغيير المواقف لهذا الطرف أو ذلك جريمة من الجرائم الخفية التي توقع الآثار وتلحق الضرر بالخصم دون ان تجرحه أو تصيبه في صفوفه ومناصريه بل ان الايلام والجراحات تصيب الشعب فقط وتلحق به اضرار جسيمة مادية ومعنوية ونفسية وبدنية وتلك الجريمة لاتترك بصمة فاعليها مايجعلها في الغالب جريمة تقيد ضد مجهول.

ان التاريخ يسجل في يومياته وبصفحات مليئة بالأزمات والمكايدات السياسية والحزبية بين اطراف كان الأحرى بها ان تجتهد في تذليل الصعاب واستخدام كل مايمكنها من اخراج شعبها من تلك الازمات والمعاناة وتنحت في الصخر وتعتصر عصرا لتنتشل الشعب مما يعاني منه لكنها اختارت الطريق الذي يحقق لها غايتها حتى وان استخدمت ابخس الوسائل وانجس الاساليب واقذرها وداست باقدام المصالح السياسية على جسد المصالح الشعبية والاهداف الوطنية لن يرحم التاريخ اولئك الذين لعبوا رقعة الشطرنج وشد الحبل فوق معاناة شعبهم وعلى ظهر فقره وجوعه واناته ، وتلك الايام نداولها بين الناس ، وكل قد وضع بصمته في المرحلة التي هو فيها ولكن اي بصمة قد وضعها في سجل التاريخ هل كان ممكن ساهم في نهضة الوطن وانتشاله من الازمات ام كان ممن استثمر معاناة الوطن وكان واحدا ممن افتعل الازمات ليرتفع رصيده.