آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 12:49 ص

كتابات واقلام


عودة الزعيم باعوم والتساؤلات  المثارة حولها  

الإثنين - 18 أكتوبر 2021 - الساعة 11:32 م

فرج عوض طاحس
بقلم: فرج عوض طاحس - ارشيف الكاتب


من الصعب جدا أن ينكر أحدٌ الدور النضالي  للزعيم حسن باعوم  في غرس بذور  الحراك السلمي الثوري  في حضرموت في وقت مبكر جداً ، هو ورفاق له من  منظمة الحزب في محافظة حضرموت ، كالفقيد  فؤاد بامطرف وغيره ، حيث تحدى  سلطة سبعة يوليو  بعد حرب صيف ١٩٩٤ م  وهي في قمة قوتها وبطشها وعنفوانها  ، و لعب دوراً كبيراً في إعادة ترتيب أوضاع منظمات الحزب في المديريات  ، حيث طاف مدن المحافظة  وقراها لترتيب الأوضاع الحزبية وعقد اللقاءات مع المواطنين ، وكان يصف سلطة سبعة يوليو بأنها سلطة إحتلال ، وقد اكتسب شعبية كبيرة ومؤيدين كثيرين لحراكه في حضرموت كلها، بل وعلى مستوى الجنوب ، وصار الزعيم  الذي لا يُنَازَعُ  ، إلى جانب رصيده النضالي السابق كمناضل جسور من مناضلي حرب التحرير ضد الإستعمار البريطاني ، وكشخصية وطنية بارزة  تحمل العديد من المسؤليات  بعد الإستقلال الوطني .

ونتيجة لمواقفه المعارضة  لنظام سبعة يوليو  والأوضاع التي وجدت في الجنوب  بعد حرب  صيف ١٩٩٤ م ، ودعوته للثورة عليها ، فقد تعرض  للأعتقالات والملاحقات والزج به في السجون عدة مرات  ، كماتعرضت حياته للإستهداف أكثر من مرة ، مما أكسبه  مكانة  نضاليةخاصة بين أتباعه  والمواطنين  الرافضين للأوضاع  في الجنوب التي فرضت بأسم الوحدة  ،  وقد أكتسب لقب  الزعيم بحق وحقيقة  وامتلأت الجدران بالكتابات التي تبايع الزعيم  وتهتف بحياته  وألتف حوله الكثير من الشباب المتحمسين الذين  يفتقدون  إلى الخبرة  والحنكة السياسية  بما فيهم أولاده .

مع مرور الأيام  ولكبر سنه  وتدهور صحته ، حيث يعاني من أمراض متعددة ، أنخفظت قدراته السياسية والقيادية  والفكرية  وضعفت ذاكرته لدرجة  أنه صار كثير النسيان ، فقد نسي  رفاقاً له ، كانوا حتى وقت قريب تربطهم به علاقات قوية ، كانوا معه في إطار حزبي  واحد ، لذلك كثيرا مايقع  في بعض المواقف السياسية المتناقضة والتي تثير الشكوك ،  ولاتليق به وبمكانته السياسية  كزعيم معروف في الجنوب ، بحكم تأثره بمن حوله من الشباب  ، ويُتَّهَمُ  بأنه ومن حوله  تربطهم علاقات  خارجية  مشبوهة بكل  من الحوثيين وقطر  وإيران ويتلقون   الدعم منهم ، ويؤكد هذه الفرضية ، سلبيتهم  وصمتهم أثناء   عدوان قوات الرئيس  السابق  وقوات الحوثيين  على الجنوب  وإجتياحهم  له  في 2015 م، وإرتكابهم المجازر ضد المدنيين ، حيث وقف هو وحراكه  متفرجاً ، ولم يصدر عنه موقف  مندد بهذا الغزو  والجرائم ، في الوقت الذي هبت فيه كل قوى الحراك الأخرى مع كل أحرار  الجنوب للتصدى للعدوان  والإنخراط  في كتائب المقاومة الجنوبية  بدعم ومساندة من قوات التحالف العربي ، بقيادة المملكةالسعودية والإمارات ، حتى تم طرد القوات المعتدية ، كما إن َّأحد أبنائه كان  يُقِيمُ  في الضاحية الجنوبية للبنان  برعاية حزب الله اللبناني  ، ويُدْلِي بين فترة وأخرى بتصريحات مُسْتَفِزِّة للتحالف العربي  والجنوب ،هذه المواقف المتناقضة  وصمته الطويل  حيال العدوان  الذي تعرض له الجنوب  من قبل الإنقلابيين في عام ٢٠١٥م ،  أفقده قاعدته الشعبية  ومكانته كزعيم في الجنوب  ، كان يصول ويجول فيه ،  وحتى في حضرموت  معقل نشاطه أختفى  دوره  وصوته ، هو وأتباعه  ولم نعد نسمع لهم صوتا إلا  ما ندر  .  

وتأتي عودة  الزعيم  باعوم  في هذه الايام في ظل التطورات العسكر ية  والسياسية التي تشهدها  البلاد  ،تقدم عسكري للحوثيين في كل جبهات الحرب مع الشرعية وأصبح  سقوط مأرب آخر معاقل الشرعية   بأيديهم مسألة وقت لا غير ، وتمدد  نحو الجنوب  وإحتلالهم عددا من مديريات  شبوة بتواطئ  من قبل قوات  الشرعية وجناحها  الإخواني المهيمن عليها    ، ولن تسلم  حضرموت بواديها وساحلها  من الخطر الحوثي  القادم ،حيث ستُعلن  كل الألوية  المنتشرة  فيها التي رفضت   الذهاب إلى مأرب  لمحاربة الحوثي  ولا ءها للحوثي ، لتثُيْرَ هذه  العودة  أكثر من سؤال وعلامة  أستفهام ،  هل هذه العودة تأتي  ليشكل باعوم مع  قوى الثورة  التحررية الجنوبية الأخرى بمافيها الإنتقالي  جبهة موحدة  للتصدى للخطر والعدوان  الحوثي الذي بات  يهدد بإجتياح الجنوب  بما فيها حضرموت ؟   لا أعتقد ذلك   ،  كما تأتي هذه الزيارة في ظل إرتفاع الصوت الجنوبي  ونجاحه في الوصول  إلى مركز  صناع القرار  في العالم  والأقليم وبعد زيارة المبعوث الأممي الجديد الناجحة للعاصمة عدن ومقابلته رئيس المجلس الإنتقالي ، لتؤكد بان قضية الجنوب هي قضية محورية وأساسية لابد من الإستماع للصوت الجنوبي وإيجاد حل عادل لها  يتماشى مع طموحات وتطلعات الجنوبيين وحقهم في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم بعد فشل مشروع الوحدة  السلمي .

  لا أحد يعارض مطلقا  عودة المناضل حسن باعوم   إلى أهله وبلده في أي وقت وليس من حق  أي جهة كانت  ترفض هذه العودة  ، لكن عودته  في هذا الظرف بالذات وفي ظل  المستجدات العسكرية  والسياسية  المُعاشة  ،  ،يضع أكثر من علامة إستفهام حول هذه العودة وتوقيتها  وتحت حراسة أطقم  من كان يصفهم  بالأمس قوات إحتلال ،  مما يزيد  في الشكوك حول هذه الزيارة وأهدافها  اصطحابه لعناصر معروفة بعدواتها الشديدة للجنوب. وقضيته العادلة والبعض منها متهمة بالإرهاب ، لا ننكر ان حسن باعوم كان رمزا وسيظل رمزا من رموز الثورة التحررية الجنوبية ،لكن فقدانه لقدراته السياسية والفكرية والقيادية  بحكم كبر سنه  وظروفه  الصحية  ، جعله  مُسْتَغَلا من قبل مَنْ حوله ومن دول أقليمة وجهات  حزبية  ، لضرب وحدة الصف  والصوت الجنوبي  ،  وبالتحديد ضد الإنتقالي  ،فعودته في هذه الظروف  حيث  يتعرض الجنوب  لمؤامرات قذرة من قبل أطراف  محلية وأقليمية  لا تخدم الجنوب وقضيته ،بقدر ماتخدم   الشرعية والإخوان الذين فشلوا في حربهم مع الحوثي.  لعلهم. يجدون في الجنوب الوطن البديل بعد  سقوط. آخر معاقلهم ، كما لايُسُتَبْعَدُ  أن تأتي  هذه العودة   وفق ترتيبات  أقليمية ودولية ومحلية لتسوية سياسية  لإنهاء الحرب في اليمن  بعد فشل عاصفة الحزم  على النموذج الإفغاني  من خلال تمكين الحوثي من الشمال   وتمكين ماتبقى  من فلول الشرعية  بجناحيها  الإصلاحي والمؤتمري   وبشراكة باعوم وحراكه  من   الجنوب  بعد إزاحة الإنتقالي الذي يطالب  بإستعادة الدولة الجنوبية،   وفي  إطار  دولة إتحادية من أقليمين أومن عدة  أقاليم  ،  لكن هذا الإحتمال  يظل صعب التحقيق،  فالإنتقالي. في الجنوب بما يمثله  من ثقل عسكري وسياسي  وتعاطف  شعبي ،  أصبح رقما  صعبا في اي  معادلة او أي  ترتيبات . سياسية قادمة من الصعب تجاوزه أو تحييده . 

   حضرموت /   سيؤن / الإستاذ  فرج عوض طاحس
الإثنين :   الثاني عشر من ربيع الأول  1443هجرية   
         الثامن عشر من أكتوبر  2021 ميلادية
.