آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 02:02 م

كتابات واقلام


بين تاريخين عربيين

الثلاثاء - 30 نوفمبر 2021 - الساعة 09:46 م

د.علي محمد جارالله
بقلم: د.علي محمد جارالله - ارشيف الكاتب


حتفل ابناء الجنوب في 30/11 من كل سنة بعيد الإستقلال الذي تم في 1967م.
يحتفل أبناء الإمارات في 2/12 من كل سنة بعيد الإتحاد الذي تم في 1971م.
الفرق بين المناسبتين 4 سنوات فقط.
هنا السؤال المؤلم :
لماذا تمكن قادة الإمارات في 50 سنة من تطوير دولتهم لتصبح نموذجية محترمة متطورة و تتصدر الكثير من المؤشرات العربية و العالمية؟
و بالمقابل لماذا لم يتمكن قادة الجنوب في 54 سنة من حماية شعبهم من حروب الرفاق و من القهر و الجوع؟
ما الفرق بين الدولتين و الشعبين؟
هذا هو الجواب الأكثر إيلاما.
سبب الألم هو ما قاله لنا غاندي ان هناك أناس تبحث عن السلطة و اناس تبحث عن الوطن.
***
في 18 يوليو 1971م ذهب الشيخ زايد بن سلطان حاكم امارة ابوظبي حينها ليلتقي بأشقائه في (الإمارات المتصالحة سابقاً)، و قال لهم نحن إمارات صغيرة و كثيرون من يطمع فينا، و لو توحدنا سنصبح أغنى و أقوى، فأتفق الجميع على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971م.

اندفع قادة الإمارات لتطوير بلادهم، و لم يكن أحد من المواطنين يتفاخر بقبيلته او إمارته، بل كان الكل يفاخرون بدولتهم، رغم ان قبائل الإمارات تزيد عن 30 قبيلة قوية.
***
في 30 نوفمبر اعلنت الجبهة القومية قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، رغم ان توقيع وثيقة الإستقلال كان بين الجنوب العربي و بريطانيا، و تشكلت اول حكومة من اعضاء الجبهة القومية، و بعد شهرين، أتخذت حكومة الجبهة القومية قرارات تطالب بطرد الكادر الوظيفي العدني و الجنوبي من أجهزة الدولة المدنية و العسكرية و الأمنية و محاربة التجار و أصحاب الشركات من الجنوبيين و إستبدالهم بأعضاء من الجبهة القومية، و بالنتيجة لهذا القرار بدأ يتضح المستقبل القادم لعدن إن كان سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا أو خدميا، و بعد أن كانت عدن جوهرة المشرق العربي و منارة العلم و الحضارة و الاقتصاد و الفن و الأدب، هرب و غادر ابناء عدن و الجنوب بلادهم بحثاً عن مستقبل لهم و لأبنائهم.
و استمرت صراعات الحزب الحاكم منذ اليوم الأول للحكم الى مجزرة 13 يناير 1986م الدموية، إلى ان ذهبوا بالبلاد الى وحدة فاشلة يدفع ضريبتها ابناء عدن و الجنوب حتى اليوم بعد 7 سنوات حرب و جوع و إنقطاع الرواتب عن المواطنين و إنقطاع الخدمات الطبية و المياه و الكهرباء.
***
ذهب قادة الإمارات و أهل الخليج لبناء بلدانهم، و ذهب قادة الجنوب يرددون شعار "شعب واحد لا شعبين من عدن للبحرين"..!!!!

دولتان عربيتان استقلتا من نفس الإستعمار هكذا اصبحتا بعد 54 عام؟
لماذا؟
أن تحمي شعبك و توفر له الإستقرار المصحوب بالإنتماء للوطن دون إقصاء لأحد، و الغاء الفئوية و الطائفية و المناطقية هو الأسلوب الناجع لحماية المجتمع و توفير الإستقرار له.

أما ان تتسلح بخطاب متشنج و داعي لإقصاء الآخر او فكر الآخر، هو اسلوب يدعوا للتمييز و يقهر الشعب و يؤسس لإختلافات لا آخر لها.
هذا هو الفرق بين تجربة البلدين المشار اليهما في موضوعي هذا.
هل لأحد رأي آخر؟
د. علي محمد جارالله
30 نوفمبر 2021م