آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 03:18 ص

كتابات واقلام


فلسفة الصراع للعقدين المقبلين..

الأربعاء - 25 مايو 2022 - الساعة 03:53 م

صايل بن رباع
بقلم: صايل بن رباع - ارشيف الكاتب


ترى سينزلق الدولار في عشق "العولمة" أم بإثارة "الشعوبية"؟
فلسفة الصراع للعقدين المقبلين..

يشهد العالم اليوم إستقطاب إقتصادي حاد في دوافعه ووسائله وأهدافه، يسبح هذا الصراع في مدارات قيادة الدولار لإقتصاد العالم،
ويستمر هذا النزاع الإقتصادي ذو المشاهد المتوترة أحيانا كما نشهد بين الروس والامريكان من جهة، والصين وامريكا من جهة اخرى، وتجاذبات أوروبا وأمريكا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتحالفات الصين وتحالفات الهند والتحالفات في الشرق الاوسط. إلا أن هناك تسويات أيضًا تحصل في وسط هذه الحدية وتنازلات تقدم من الجميع،
سيخسر الدولار جزءا من هيمنته على السوق العالمية، لكنه لن يفرط بهذه الهيمنة بسهولة،
وسيستنزفه المعارضون، ويستنزفهم حتى النهاية.

لن تنتهي هذه الصراعات الفكرية والإقتصادية قريبًا وستستمر برهه من الزمن،
وهنا تظهر الفلسفات الاقتصادية الشعوبية، للتسعير بغير الدولار، حيث يسعى كل المنتجين بالعالم للتسعير بعملاتهم المحلية دعمًا لها وهي وسيلة ناجعة بشرط أن يكون غطاء هذه العملات بسلة من المعادن الثمينة والعملات الصعبة، أما الدول التي لا غطاء لعملتها غير الدولار، فهي بالحقيقة تبيع بالدولار بالحالتين،
يبدو أن هناك فلسفة عالمية تسعى لتقليص دور الدولار في الهيمنة، وهو دور يتقلص فعليًا بواقع 2% سنويًا تقريباً، وتقدر المعاملات بالدولار حاليًا بحدود 68% من الاقتصاد العالمي.
وفي مؤتمر جاكسون هول - وهو اجتماع سنوي ضخم يلتقي فيه محافظو البنوك المركزية، عُقد في شهر أغسطس/آب 2019 بمدينة وايومنغ - ندّد محافظ بنك إنجلترا المركزي، مارك كارني، بالدور "المزعزع للاستقرار" الذي يلعبه الدولار في الاقتصاد العالمي.
مما يظهر جلياً التوجه العالمي لاستبدال الدولار بسلة من العملات العالمية، تمثل عملات الدول الصناعية الأكبر بالعالم ودمجها، من خلال إصدار عملة عالمية موحدة يديرها بنك مركزي موحد "عولمة اقتصادية" يعمل ويتنافس على تصميم هذا المدار الامريكان بأنفسهم وحلفائهم وعلى رأسهم الألمان ويسبح في هذا المدار معهم الصينيون والروس والدول الصناعية الكبرى.

يعارض هذا المشروع اتجاهات شعوبية لإقتصاديين وسياسيين يرون في هذا المشروع سيطرة على مقدرات العالم، قد تحرم كثيرًا من الأسواق من القدرة على المنافسة وتحول العالم إلى أثرياء يملكون النقد ومنتجين يعملون بالأصول النقدية لهؤلاء الأثرياء، مما سيزيد الأغنياء غنًا بدون حتى إنتاج حقيقي وسيضعف قدرة المنتجين على منافستهم،
وسيستمر خلال العقدين القادمين على الأقل هذا الجدل الفلسفي الفكري وتجاذبات التوجهات الإقتصادية، مدعوم بصراع قوى ولوبيات سياسية بما يلمح لظهور فترة تشبه فترة الصراع بين الرأسمالية والإشتراكية العلمية بعد الثورة الصناعية.

بلا شك إن أمريكا كقوة عالمية تتفهم إنها لم تعد تستطيع لعب دور القطب الاوحد في العالم ولكنها تريد ان تستبدل دورها القيادي بقوة عالمية (موحدة) قوية تحمل نفس القيم الأمريكية وتكون هي وحلفاؤها اللاعب الاكبر بهذه القوة أو ما يصح ان نسميه (الحكومة العالمية) وعلى الحصص بهذه القوة القادمة تتصارع الصين وامريكا وروسيا والمانيا واسرائيل ودول اخرى،
ليعزز كل منهم مكانته في عالم الغد، وعلى هذه الأفكار والفلسفات ستبنى جبهات المستقبل السياسية والعسكرية والإقتصادية....

لا عزاء للفقراء في عالم الغد، وللحديث بقية.....