آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 03:01 م

كتابات واقلام


منى (البرونزية)

الجمعة - 12 يونيو 2020 - الساعة 02:46 م

محمد الموس
بقلم: محمد الموس - ارشيف الكاتب


هي (منى احمد الدهي)، فتاة عدنية ذات بشرة سمراء، كانت متفوقة في دراستها حتى انهت تعليمها الجامعي، تتمتع بقدر عال من الثقة بالنفس، وبلسان عذب الكلام يبهر سامعيها حد الذهول.

لم اتشرف بمعرفتها عن قرب، لكني شاهدت لها مقطع فيديو تتحدث فيه في احد المحافل، ذكرت فيه معاناتها مع لون بشرتها التي سببت لها كثير من صور التمييز المهين ومن المضايقات، وكان حديثها جسورا بصورة يعجز صاحب اي بشرة كانت ان يعبر بنفس شجاعتها.

الاستاذة منى الدهي عبرت (الخط الوهمي) الذي تصنعه بعض المجتمعات السقيمة لتميز بين افرادها بسبب اللون او المنطقة او الفكر او حتى المعتقد، لتثبت لنا ان ايا من صور (التمييز)هذه لا تعني (تميزا)، بقدر كونها ضرب من الوهم بلغ حد التعسف الذي يمكن ان ينفجر في وجوهنا ذات يوم، عبرت هذا الخط الوهمي قبل خمسة عشر عاما بروح المحارب، كما قالت.

المجتمعات التي تحمل بذور رفض الاخر، هي في واقع الحال تحمل في جوفها قنابل موقوتة لا يفصلها عن الانفجار الا بعض الوقت، يقصر او يطول، وهكذا تتوارث هذه المجتمعات سلوك الانتقام وفي كل دورة عنف تفتح الجرح الذي ظن البعض انه برئ تماما.

ما نراه اليوم في الديمقراطية الاعتى في العالم، الولايات المتحدة الامريكية، لم يكن الاول في العالم ولن يكون الاخير، وهو نتاج لإرث طويل من التمييز، وقد اصبح هذا الانفجار الشامل يملي شروطه ويفرضها على الارض، ليس اقلها ازالة تماثيل رموز التمييز من الساحات والمباني العامة، كالكونجرس، بما ذلك تمثال كرستوفر كولمومبس بوصفة العنصري الاول الذي بدأ بتصفية سكان امريكا من اصحاب الارض، الهنود الحمر، ولا نتوقع ان يتوقفون عند ذلك.

قد يكن بعضنا تأخر كثيرا في سماع صوت الاستاذة منى الدهي، لكننا سمعناه على اي حال، وقد حذرتنا من كل صور رفض الاخر ومن الوقوف ضد التنوع الذي جعله الخالق، جل في علاه، من سمات الكون.

الفتاة السمراء، منى الدهي، تنشر من الطاقة الايجابية ما يكفي محيطها ويزيد، وقد تملأ هذه الطاقة الايجابية الآفاق بفضل وسائل العصر، ويكفي انها اثبتت لنا ان اللون المختلف ليس اقل شأنا عن باقي الالوان.

https://youtu.be/VBOemvkTjrU
عدن
١٢ يونيو ٢٠٢٠م