آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 08:24 ص

كتابات واقلام


رحيل العظماء

السبت - 20 يونيو 2020 - الساعة 11:23 ص

محمد الموس
بقلم: محمد الموس - ارشيف الكاتب


مرت علينا خلال الايام الماضية ذكرى رحيل هامتين جنوبيتين كانت لهما بصمات لا تنمحي من الذاكرة الجمعية الجنوبية مهما انقضت الايام والسنين وسيظل تاريخهما محفور في سجل الخالدين.

هشام محمد علي باشراحيل (صاحب الشخصية الكارزمية) التي لا تخشى في الحق لومة لائم، كان صاحب نظرة بعيدة بكل معنى الكلمة، اتذكر انه قال ذات دردشة محدودة العدد بعض حضورها احياء، قل بالحرف (تنقطع يدي لو سمحت ان تنشر الايام اي اساءة لاي مسؤول جنوبي في السلطة)، وكأني به يقول، يكفي ما عانيناه من بعضنا كجنوبيين، واتذكر اننا ذكرنا هذه المقوله للعم ناصر منصور هادي (فك الله اسره) عندما كنا في زيارة له، الاستاذ القدير نجيب يابلي وانا.

عندما هاتفني الصديق العزيز احمد عمر بن فريد يسألني هل لا زلت في صنعاء ويبلغني بالاعتداء على منزل آل باشراحيل في صنعاء أثناء تواجد هشام فيه، كنا بصحبة الاخ احمد الميسري، وعند وصولنا الى المنزل كان محاطا بعدد كثيف من العسكر، وعندما سأل الاخ الميسري قائدهم عن سبب هذا التواجد قال (نحن هنا لحماية هشام يا فندم) فقال له الميسري، نزل عساكرك من فوق سطح البيت، واذا تعرض هشام لأي ضرر شوف با تقع (......).

عندما دخلنا الى البيت كان يعج بالجنوبيين وعلى راسهم عدد من اعضاء مجلس النواب، وحين سلمنا عليه همس لنا بقفشة من قفشاته المعهودة اضحكتنا كثيرا.

ولم تعد خافية على أحد واقعة تدبير عملية القتل التي دبروها زبانية (قرقوش صنعاء) للاخ احمد العبادي المرقشي، اما هشام فقد عاد الى عدن بصحبة عدد من اعضاء مجلس النواب، ومن يومها تأكد لنا ان قبر الوحدة قد تم حفره ولم يتبق الا دفنها.

اللواء سالم علي قطن، قائد معركة السيوف الذهبية التي قادها ضد التنظيمات الارهابية في الجنوب وعلى الاخص في محافظة ابين، صاحب المقولة الشهيرة (عادوا الى معسكراتهم) عندما سأله الصحفي (اين ذهب اعضاء القاعدة الذين طردتموهم من ابين).

قائد استثنائي من رعيل القادة العظماء الذين يفخر بهم الجنوب، وبرغم علو قدره الا انه شديد التواضع، صحيح ان الاعمار بيد الله، لكن تواضعه، عندما توقف بسيارته غير المصفحة ليرد على اشارة من يد عابر طريق يفجر نفسه فيه، هذا التواضع ربما كان سببا في اغتياله.

قبيل استشهاده، قابلته في عزاء المرحوم صالح القاضي سالم رحمهما الله، والقاضي قائد عسكري من رعيل الشهيد سالم قطن، واذكر ممن حضروا العزاء الاخ د الخضر لصور رئيس جامعة عدن الحالي، فسأل احد الضباط الحضور عن عدم قيام الجيش بمناورات كما كان يحصل زمان، فقال الشهيد قطن ان هذه المناورات عادة تتم باستخدام الذخيرة التي على وشك نفاذ صلاحيتها، فقال الضابط، والان ايش المانع من استخدامها، فتدخلت وقلت، الآن يبيعوها قبل نفاذ صلاحيتها، فقال لي العم سالم قطن ضاحكا (احسن لك يا ولدي) ثم قال (شوف رئيسكم عسكري وبا يزعل) يقصد الحبيب عبدالرحمن الجفري

رحم فقيد وشهيد الجنوب، هشام محمد باشراحيل وسالم علي قطن وكل شهداء وفقداء الجنوب الذين سقطوا على درب الجنوب العربي الطويل الذي لم يشهد استقرارا منذ ١٩٦٧م حتى اليوم، ويخوض شعب الجنوب نضالا مريرا منذ ١٩٩٤م ونتمنى ان يكلل نضاله بالنصر وان يصل بالجنوب العربي الى بر الامان الذي انتظرته الاجيال طويلا.

عدن
٢٠ يونيو ٢٠٢٠م