آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 02:27 ص

كتابات واقلام


الهدنة ومجلس الرئاسة المؤقت

الإثنين - 25 أبريل 2022 - الساعة 06:01 م

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


الهدنة لا تعني توقف الحرب ولكنها فترة استراحة وتأمل لما يمكن عمله لاحقا هل سيكون من المصلحة مواصلة الحرب ام ان المصلحة تقتضي الجنوح للسلم وكل خيار له تكاليفه البشرية والمادية وكل طرف يحسبها من حيث الفايدة التي يجنيها او الخسارة التي يتحملها.

قبل الهدنه حصل الحوثي بلا شك على ضوء اخضر من الرعاة الذي يساندونه بان يكثف الحملات الصاروخية والطائرات المسيرة باتجاه المنشاّت السعوديه والهدف التأثير على مجرى الحرب في مركز التحالف الذي يقود الحرب وهذا العمل يحمل اهداف على عدة مستويات منها ما يخدمه نفسه حيث يظهر قوته ويحاول ابتزاز السعوديه للرضوخ لمطالبه والتي حقق بعضها ومنها ما يخدم ايران في ضغطها بشأن ملفها النووي ومنها ما يخدم امريكا والغرب بسبب رفض السعوديه زيادة انتاج النفط لتعويض النقص في الامداد العالمي للطاقة بسبب العقوبات التي فرضت على روسيا
في المقابل فهمت الشرعية الهدنه على انه استراحة استرخاء للولوج في مفاوضات السلام ومعتمده على اندفاع المجتمع الدولي نحو إنهاء الحرب باليمن ولَم تكلف نفسها البحث عن خيارات اخرى تستطيع ان تؤثر على مجرى العملية السياسية التفاوضية لصالحها من خلال احراز تقدم عسكري على الارض لتقليص الفارق بينها وبين الحوثي الذي اصبح يملك زمام المبادرة الاستراتيجية في الميدان بينما الشرعية إضاعتها وهذه هي نقطة ضعفها الكبير التي وضعت نفسها في معادلة الحرب والسلم وهي ايضا نقطة ضعف التحالف الذي ركن على جيش الشرعية الذي لم يحصد غير الهزائم طوال سنوات الحرب الماضيه
الحرب ممكن ان تستأنف في اَي وقت وخاصة وشهية ايران والحوثي انفتحت على مصراعيها عندما تم إعلان الهدنه بهذه الطريقة التي تنم عن انتصار حققه الحوثي من خلال موافقة التحالف والشرعية على شروطه ومع الاسف كان ضغط المجتمع الدولي مؤثر والذي مارس على التحالف والشرعية نحو إنهاء الحرب بينما يغض النظر عن ممارسات ايران والحوثي في الميدان.

بعدها حاولت السعوديه على عجل وعبر دعوة الامانه العامة لمجلس التعاون الخليجي اجراء عملية جراحية تشاوريه سياسية لإعادة الامور الى نصابها وأنتجت نقل مهام الشرعية الى مجلس قيادي رئاسي مؤقت مهمته اجراء عملية تفاوضية مع الحوثي لانهاء الحرب باليمن ولكن دون وضوح في كيفية التفاوض وكذا عدم الوضوح في التعامل مع فشل المفاوضات والتي حتما سيفشل الحوثي مساعي السلام لانه حتى الان غير معترف بالمجلس الرئاسي المشكل وفي نفس الوقت غير مستعد لان يسلم ما حققه من مكاسب اثناء الحرب بالسلم وعبر التفاوض.

الحوثي اصبح بعد ثمان سنوات حرب حاكم فعلي لغالبية جغرافية الجمهورية العربية اليمنية وهو يبني نظام لا هو ملكي ولا جمهوري ولكنه خليط من هذا وذاك وطبق الأصل لنظام ولاية الفقيه ويتطابق معه شكلا ومضمونا السؤال كيف يمكن إجباره على المثول لنظام الجمهورية اليمنية ومن جانب اخر كيف يمكن إجباره على التفاوض دون تغيير ميزان القوى على الارض.

الان المجلس الرئاسي امام امتحان صعب هل سيسرف في هدر الوقت بالشكليات المراسيمية وبممارسة السلطة في عدن ليفرض امر واقع جديد على الجنوب لصالح شرعية لم تستطع ان تغير ميزان القوى على الارض في جغرافية الجمهورية العربية اليمنية والتي كانت ستجبر الحوثي على تغيير نهج سلطته التي تتعارض مع نهج ومسار الجمهورية وهنا تكمن المعادلة الصعبة فالحرب أفرزت ساحتان شمال يسيطر عليها الحوثي وجنوب يسيطر عليها المجلس الانتقالي ولا يوجد مخرج امام المجلس الرئاسي للتحرك في تلك الساحات الا بالعمل على ثلاث اتجاهات رئيسية ... في الشمال يكون العمل عسكري وفي الجنوب يكون العمل فيها تنموي وخدمي
الاتجاه الاول ان يشكل ادارة للعمليات القتالية في نطاق الجمهورية العربية اليمنية للتعاطي مع الوضع القائم مهمتها القيام بحشد القوات من مناطق حضرموت والمهره وشبوه وشقره من القوات التابعة للجيش الوطني ويتم توزيعها على الجبهات وهذه الادارة العملياتية مهمتها التخطيط والتجهيز العسكري لاستعادة الأراض لتعديل ميزان القوى لصالح المجلس والهدف هو تعزيز الموقف التفاوضي للمجلس واظهار الجدية اللازمة لاجبار الحوثي للامتثال والعودة الى لثوابت الجمهورية.

الاتجاه الثاني بهدف تطمين الجنوبيين بان لا يكرر هذا المجلس ما مارسته الشرعية من حصار قاتل للجنوب وضياع البوصله على المجلس الرئاسي إصدار مرسوم يكلف فيه المجلس الانتقالي ادارة المحافظات الجنوبية المحرره بمشاركة توليفة جنوبية من بقية القوى السياسية تعطى فيها صلاحيات لا مركزية في ادارة الامن والتنمية والخدمات وادارة الموارد لتلبية متطلبات الادارة الناجحة في كافة المجالات
الاتجاه الثالث ان يشكل فريق تفاوضي سياسي موسع للتفاوض مع الحوثي ويكون معزز بكافة الكوادر السياسية والقانونية والعسكرية والاقتصادية المقتدرة ويضع لهذا الفريق مهمة مزمنة لإجراء المفاوضات وسقف زمني واضح بعيدا عن التسويف او المماطلة
وفي المقابل يجب ان يضع في أولوياته اجراء تغييرات فعلية في الجانب العسكري من خلال تغيير ادواة الفشل في قيادة المعارك السابقة على ان يجري فوراً حشد القوات واعادة توزيعها وفقاً لمتطلبات الجبهات وفي اسرع وقت وبالتزامن مع سير المفاوضات ان تمت ويظهر قوته وجديته في ارغام الحوثي للجلوس على طاولة المفاوضات وان لم يبداء على الفور بهذه الإجراءات الضرورية فسيكون قد عرض مصداقيته للفشل الذريع.

المجلس من كونه مؤقت عليه ان لا يضيع الوقت في الشكليات او الاعمال الغير هادفة ومن اجل ان ينجح عليه ان يعيد تشكل حكومة مصغرة تعينه على تسهيل مهمته في اجراء المفاوضات وفي التحشيد للقوات وتوزيعها على الجبهات وتامين الضرورات اللوجستية لنجاح المهام الكبيره في استعادة العاصمة صنعاء سلمًا اوً حربا فان قام بهذه الإجراءات فهو يسير على السكة الصحيحة فان لم يقم بها فلا يعدو الامر غير ضياع للوقت وهدر للإمكانيات وحسب المثل الشائع سيكون الوضع بمثابة ديمه قلبنا بابها وعندها سينهار الوضع تماما ولن يستطع احد التنبؤ بما سيحصل مستقبلًا.

قاسم عبدالرب العفيف
23/4/2022