آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 09:19 م

كتابات واقلام


مجلس التعاون الخليجي والأزمة اليمنية

الثلاثاء - 24 مايو 2022 - الساعة 11:58 ص

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


دخل مجلس التعاون الخليجي على خط الازمة اليمنية من خلال مبادرة الأمانة العامة للمجلس وأنتج توليفة قيادية تتمثل في المجلس الرئاسي المؤقت وحدد مهام لهذا المجلس منها التفاوض لاستعادة صنعاء من الحوثي والمهمة الثانبة توفير الخدمات للمحافظات المحررة.

بطبيعة الحال تمت الهدنة لكنها لم تكن نتاج مشاورات الرياض لان الطرف الاخر المتمثل بالحوثي لم يكن حاضراً في تلك المشاورات ولكنه كان حاضر في منصة اخرى مع أطراف دولية واقليمية في مكان اخر نتج عنه تلك الهدنه حيث تمكن الحوثي من الحصول على حوافز كثيره منها فتح مطار صنعاء ووقف الحرب وفتح ميناء الحديدة كل هذه المعطيات التي نتجت لم يكن للمجلس المؤقت اي دور يذكر غير ان الأهم هو نقل السلطة من الثنائي هادي وعلي محسن الذي فشلا فشلا ذريعاً في ادارة الازمة مما مكن الحوثي ان يصبح رقم أساسي في العملية السياسية فرض نفسه على حساب الانكسارات والهزائم التي منيت بها الشرعية وتعدى الامر الى تهديد دول الجوار عبر منظومة الصواريخ والطائرات المسيرة والتي لم يستطع الإقليم وحتى العالم تحمل النتائج التدميرية لتلك الهجمات االتي اصبحت تضر بالمصالح الحيوية لهذة الدول وتضع المنطقة في بؤرة صراع وعدم استقرار .

حتى الان لم يظهر المجلس اي علامات لتحركه في اتجاه تنفيذ المهام المكلف فيها عدى انه يعيد منظومة الحكم السابق التي كانت احد الأسباب الرئيسة لانهيار الدولة وتسليمها لمليشيا الحوثي مما يعني ان المجلس لم يفهم مهامه على اكمل وجه وإنما وضع نفسه في دائرة الشك والريبة خاصة وهو وسط بيئة جنوبية لا تقبل ان يقابل تضحياتها باعادة تدوير تلك المنظومة الفاشله والفاسدة .

تتواصل المباحثات بين الحوثي كطرف رئيسي في المعادله وقوى إقليمية ودولية بعيدا عن المحلس الموقت ولا احد يدري ما هي الحكمة من استبعاده وحتى يستغرب المراقبون عدم محاولته حجز مكان له في تلك المفاوضات الذي ان نجحت او فشلت ستترتب عليها التزامات قد لا يستطيع الوفاء بها وخاصة عندما تكون على حساب الثوابت التي تخص اليمن بشكل عام او الجنوب بشكل خاص.

الازمة اليمنية شديدة التعقيد خاصة بعد حرب ثمان سنوات .. هزمت الشرعية نفسها ومكنت الحوثي من فرض الامر الواقع وهزيمة الشرعية كانت لها تداعيات من اثارها الهامة نقل السلطة ويقابله نصر الحوثي الذي يعني نصر للمشروع الايراني في اليمن وفي الوسط تم تجريف نصر الجنوب عندما تم ربطه قسرًا بالشرعية التي قابلته بأطباق الحصار المحكم على الجنوب ومعاقبته ولم يكتفي الامر عند ذلك بل تم ترحيل حل قضية الجنوب الى ما بعد استعادة صنعاء مما يعني تعويم قضية الجنوب لان هذه الاستعادة تشوبها الغموض وربما لم تتحقق في العقود القادمة
طالما الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي قامت مشكوره باحتضان مشاورات يمنية في الرياض نتج عن ذلك الإجراء الجريىء في نقل السلطة الى هذا المجلس الرئاسي المؤقت يتطلب منها في المدى المنظور ان لا تقف عند هذه النقطة ولكن عليها مواصلة العمل على تصويب بوصلة المجلس حتى لا يغرق في تفاصيل بعيدة عن المهام المسندة اليه ويتحول الى مسمار جحا لتعطيل الحياة في مناطق الجنوب المحررة وينسى ان مهامه مؤقته للاستعداد للعودة الى صنعاء وليس البقاء الدائم في عدن ومن أولوياته ان يستعد لكافة الاحتمالات سواء كان في ميدان المفاوضات او الاستعداد بشكل متوازي لخوض حرب استعادة العاصمة صنعاء وان ينفض عنه غبار الاسترخاء وفي نفس الوقت حجز مكان له في مفاوضات تجري بشأن اليمن والجارية في مسقط او اي مكان اخر الان مع اتخاذ إجراءات عملية لحشد القوات وسحبها من مواقعها في الجنوب واعادة تشكيل الرأس القيادي العسكري والامني لخوض عملية التحرير وهذا الامر بتطلب جهود استثنائية لإتمامها بل يتطلب منه ان يسابق الزمن لتحقيقها.

وفي المدى الاستراتيجي اعتقد بان مجلس التعاون الخليجي يفترض ان يكون مستوعب لابعاد الازمة اليمنية ويعمل على حلها حلًا عادلًا بما يضمن تعزيز استقرار المنطقة وأمنها وتنميتها وان يستفيد من تجارب الماضي التي جرت في السابق بحيث ان لا تتكرر عوامل الفشل فقد كانت كل الصيغ التي اتبعت من المبادره الخليجية الى مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء الى صيغة اتفاق السلم والشراكة وما بعدها من صيغ واتفاقات اثناء الحرب كلها تم الانقلاب عليها من قبل موقعيها بل وقادت الى الحرب التي لا زالت مفتوحة حتى اليوم وتجنباً لمزيد من الفشل لابد من تشخيص الأسباب التي ادت الى هذه الأوضاع بعمق واستنباط خارطة طريق يشجع القوى السياسية والمجتمعية في الشمال والجنوب كل على حده لإجراء حوارات داخلية لترسيخ المصالحة الوطنية الداخلية للتوافق على الدولة وشكلها ونظامها السياسي في كل من الجنوب والشمال. تتعايشان في وئام وتحت مظلة المصالح المشتركة ليس فقط بين الدولتين لما كانت عليهما ما قبل عام 90 وَلَكِن ايضاً تعزيز المصالح الحيوية المشتركة لدول الخليج والجزيرة العربية لإرساء اسس ثابتة للامن والاستقرار والتنمية.

سأم الناس من الحروب وحان وقت صنع السلام المستدام لكن ذلك لن ياتي الا بتحقيق العدل والإنصاف والتخلي عن الهيمنة والاستقواء من اي طرف كان والاهم ان يكون تدخل الإقليم القريب والبعيد إيجابي يخدم الاستقرار والأمن للجميع فالمرحلة القادمة ستطوي صفحة الحرب فيما يخص تدخل التحالف العربي لكن سيكون الباب مفتوحاً للدخول في حروب متعددة ان لم تكن هناك ضمانات إقليمية ودولية تلجم أمراء الحروب وتضع حد للطموحات الغير مشروعة لمن يريد ان يتعسف التاريخ والجغرافيا واعادة الحقوق المشروعة لاصحابها الحقيقيين ومن اهم العناوين حل جذر الازمة التي تتعلق بفشل المشروع الوحدوي وعودة الى الحل الصفري الى ما قبل مايو عام 90 م

قاسم عبدالرب العفيف
23/5/2022