آخر تحديث :الإثنين - 11 نوفمبر 2024 - 08:27 ص

كتابات واقلام


همسة صادقة

السبت - 05 أكتوبر 2024 - الساعة 04:28 م

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب



شعب الجنوب، الذي عانى طويلا من الأوضاع المعيشية القاسية والضغوط الاقتصادية والاجتماعية، لم يعد يقبل بأنصاف الحلول أو تجاهل مطالبه الأساسية. العدالة الاجتماعية، التنمية المستدامة، والاستقرار الأمني والاقتصادي أصبحت الأولويات التي يبحث عنها الشعب في أي قوة سياسية تسعى لتمثيله. لن يكون هناك دعم شعبي لأي تيار لا يعمل بجدية للتخفيف من المعاناة المستمرة التي يواجهها الناس يوميا من ارتفاع الأسعار، تدهور العملة، وتفشي الفقر والمجاعة التي باتت تهدد استقرار حياتهم.

الأحزاب والقوى التي تتجاهل هذه الحقائق أو تفضل مصالح قياداتها ومناطقها على حساب المصلحة العامة، لن تجد لها مكانا بين الجماهير. الجنوب لن يقبل بمنطق المكافأة على أساس القتال في الجبهات وحدها؛ فالجبهات شارك فيها كل أبناء الشعب و لا تقتصر فقط على حمل السلاح، بل تمتد إلى ميادين الفكر، الكلمة، والمواقف الصادقة. النضال من أجل الوطن لا يقتصر على الحروب، بل يشمل أيضا محاربة الجهل، الفساد، ورفع مستوى الوعي السياسي والاقتصادي بين أبناء الشعب.

شهداء الجنوب ليسوا فقط من قاتلوا في الخطوط الأمامية؛ بل هناك الآلاف ممن استُشهدوا في صمت، وأبناء مناطق أخرى لا تزال تعاني من التهميش والإهمال. فالشعب خرج لينهي الظلم بكل أشكاله، لا ليستبدله بظلمٍ أشد. القيادة السياسية اليوم مطالبة بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب بأكمله، وليس تجاه نخبة معينة.

على القيادة السياسية أن تدرك أن دورها الحقيقي يتجاوز تمثيل فئة أو منطقة معينة، ليكون تمثيلا لمصلحة شعب الجنوب بأكمله، من أقصى المحافظات إلى أقصاها. الشعب الجنوبي بأطيافه المختلفة يطالب بالعدالة والإنصاف، ولا يمكن تحقيق الاستقرار والتقدم إلا من خلال مراجعة شاملة لسياسات وتوجهات القيادة.

من الضروري إصلاح منظومة العدالة الانتقالية قبل فوات الأوان، فهي الأساس لتحقيق المصالحة الوطنية وبناء دولة القانون التي تضمن حقوق الجميع. العدالة الانتقالية ليست مجرد خطوات قانونية، بل هي عملية شاملة تشمل معالجة المظالم التاريخية، تحسين الأوضاع المعيشية، وضمان التوزيع العادل للموارد والتنمية.

القيادة التي تعي هذه الضرورة ستكسب دعم الشعب وثقته، بينما التمسك بالسياسات الضيقة سيؤدي إلى مزيد من التوترات والانقسامات والتشردم، وهو ما لا يمكن للشعب تحمله في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية الراهنة.