آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


عن: ثلاثية الضابط والعميل والمهمة وعودة مساوئ الماضي الاجتماعية

الإثنين - 25 أغسطس 2025 - الساعة 03:00 م

اللواء علي حسن زكي
بقلم: اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


إن هناك أنواعًا للعملاء، وبحسب ما يُسند إليهم من المهام والتكليفات؛ إذ ليس بالضرورة أن يكون العميل/الجاسوس فقط هو من يتم كسبه/زرعه بواسطة ضابط مخابرات بلدٍ ما في هدفٍ ذي أهمية بالنسبة لجهاز أمن بلده في بلد العميل لتقديم المعلومات وإرسال الإحداثيات، طالما كان هناك أيضًا عملاء من نوع آخر يتم كسبهم في مرافق سيادية مفترضة في بلد ما بقصد الإضرار بها من داخلها، لأهميتها بالنسبة للبلد الآخر، مثل: الرئاسة – رئاسة الحكومة – وزارات الخارجية – الدفاع – الداخلية – وأجهزة الأمن، حيثما تطلبت حاجة البلد الآخر ذلك.
وفي ذات السياق – كنموذج – يُحكى عن جهاز مخابرات أحد البلدان أنه لاحظ ارتفاع رصيد مدير عام الكادر في إحدى وزارات بلده في البنك، وقد كان ذلك كافيًا لتوافر الشبهة. فقام الجهاز بمتابعة ومراقبة المدير وتحركاته واتصالاته ولقاءاته، فلم يجد أي خيط يقود لشبهة النشاط. وبعد جهد من المتابعة النوعية الدقيقة توصّل الجهاز إلى حقيقة أن الرجل كانت لديه مهمة "تطفيش" الكادر المؤهل وذوي الخبرة والتجربة والكفاءة، واستبدالهم بمن هم دون ذلك، وهو ما أثّر على سير عمل وأداء الوزارة وفروعها المختلفة.
ولما كانت تلك المهمة من المهام التي تُوصف بـ((الثابتة))، والتي تُعطى فيها المهمة وتُسند التكليفات لمرة واحدة فقط ولا تحتاج إلى استمرار التواصل، فقد واجه الجهاز صعوبة في اكتشاف الحقيقة. بخلاف المهمة التي تُوصف بـ((المتحركة))، مثل تقديم المعلومات وإرسال الإحداثيات التي تحتاج إلى تواصل مستمر بين الضابط والعميل، حيث يقوم العميل بتسليم المعلومات للضابط واستلام التوجيهات.
وفي الحالتين – المهام الثابتة والمتحركة – فإن فاعلية جهاز المخابرات، وتأهيل وقدرات قيادته وضباطه، ومدى دقة المراقبة والتتبع، إلى جانب تكامل وإسناد الجهد المجتمعي للجهد الأمني باعتبار أن الأمن مسؤولية الجميع، يعتمد عليها كشف هذه القضايا (وكشف الجريمة قبل وقوعها).
إن عدم الاهتمام بالكادر المؤهل وذوي الخبرة والتجربة والكفاءة، لصالح من هم دونهم، يترتب عليه إضعاف الأداء، وربما لا يقل ضرره (المفترض) عن ضرر المدير العام نفسه من حيث ضعف الأداء، وذلك بسبب عودة موروث الماضي قبل دولة الجنوب عام 1967م ومساوئه الاجتماعية، مثل: الثارات – الجهوية – المناطقية – القروية – القبلية، كإحدى نفحات وبركات حرب قوى الحرب والاحتلال عام 1994م الكارثية وما تناسل عنها، والتي لا يزال وطننا وشعبنا يعاني منها حتى اليوم، بعدما كان كل ذلك قد صار في خبر كان في ظل دولة الجنوب.
وفي محاضرة له، حذّر المناضل الوطني الكبير الشهيد علي عنتر مما وصفها بـ((الجرثومة التي تجرّك إلى منطقتك وقبيلتك وقريتك)).
لقد حان الوقت للتخلص من مساوئ الماضي أينما وحيثما وُجدت، وفي سياق استعادة وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المدنية؛ دولة المؤسسات والأمن والاستقرار والنظام والقانون، دولة المؤهلات والكفاءات، والعدالة الاجتماعية، والمواطنة المتساوية.