آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


ضبط إيقاع الشراكة بحكومتين على طريق حل الدولتين، جذر الحل

الخميس - 18 سبتمبر 2025 - الساعة 08:06 ص

اللواء علي حسن زكي
بقلم: اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


إن الجنوب وطن، أرض وشعب ودولة وسيادة وهوية وتاريخ، بما هو هدف شعب الجنوب الاستراتيجي الذي ناضل وقدم لأجله سيلًا من الدماء والتضحيات وأنهارًا من المعاناة في معيشته وخدماته (استعادة دولته الجنوبية كاملة الحرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل 22 مايو 1990م).
إن الشراكة قد كانت شراكة الضرورة استدعتها عوامل وأسباب محلية وإقليمية ودولية ومرتبطة بمدى توفقها في إنجاز مهامها ومدى التزام أطرافها بما ورد بمضامينها ومهامها، وليست شراكة مفتوحة، فضلًا عن كونها قد قامت على الندية والمساواة وليس على تجاهل الحقوق المشروعة للشريك أو الانتقاص من وجوده في المعادلة. ولذا فإن الخروج على ثوابت الشراكة بقدر ما يعتبر تقويضًا لها وإخلالًا بمضامينها، بقدر ما يعطي الشريك الحق في التعبير عن معادلته في الشراكة بالطرق التي يراها مناسبة ولإعادة ضبط إيقاعاتها أيضًا.
لقد عانى شعب الجنوب في ظل الشراكة وكل أطرافها من أوضاع اقتصادية حياتية ومعيشية وخدمية مؤلمة: فقر وعوز ومرض ومجاعة وارتفاعات في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والأدوية وغاز الطبخ والوقود والمحروقات، وإيجار المواصلات وإيجار العقارات السكنية، ولا زال، إذ هي رغم ارتفاع العملة المحلية وهبوط العملة الأجنبية لا تزال مرتفعة قياسًا على ذلك، لا ماء، لا كهرباء، لا مرتبات موظفي الخدمة المدنية والعسكرية لأربعة أشهر متتالية يونيو - سبتمبر بدون راتب، لا تربية وتعليم وصحة عامة قياسًا بسابق عهدها وحدث لاحرج.
وفي السياق، انتشار ظاهرة الفساد كمنظومة تسند بعضها بعضًا، وكذلك انتشار ظاهرة تهريب المخدرات، وأمن الغيضة بالمهرة يكتشف مصنعًا بمواصفات وأجهزة وخبرة أجنبية لإنتاج حبوب المخدرات (الكبتاجون) طاقته الإنتاجية المفترضة لا تستهدف الجنوب فقط ولكن بلدان المحيط الإقليمي أيضًا.
ما أحوج شعب الجنوب اليوم إلى الخروج من نفق معاناته ومن حالة الخيفة والتوجس من ارتدادات (عكسية) في الوضع الاقتصادي وعودة ارتفاع العملة الأجنبية وهبوط العملة المحلية والارتفاعات السعرية، ما أحوجه إلى مواصلة الإصلاحات والبناء عليها لضمان ثبات استمراريتها وديمومتها، ما أحوجه لمحاربة الفساد الإداري والمالي بكل أنواعه وأشكاله وصوره وحيث وجد، وإلى إغلاق ووقف تسرب الدولار تحت مسمى الإعاشة والمرتبات لأصحاب الحظوة والنفوذ، وإلى أهمية وضرورة التزام كل الهيئات والمصالح والمؤسسات والوزارات والسلطات المحلية في إيداع كل الموارد والعائدات السيادية والمحلية والجبايات والأوعية الإيرادية الأخرى إلى البنك المركزي بعيدًا عن أي عبث أو تجنيب أو استئثار بها، لا سيما وأن نتائج ذلك تنعكس على تحسين مستوى معيشته والإيفاء بالخدمات العامة ودفع المرتبات.
ما أحوج شعب الجنوب إلى كل ذلك وليس إلى اختلالات/أزمات سياسية وما في حكمها، لا تطعم جائعًا ولا تروي ظمآنًا، ولا تعالج مريضًا، ولا تنير ظلامًا، ولا تلبس عاريًا، ولا تسكت نواح طفل أو طالب لم يستطع والده إعطاءه مصروف المدرسة وعواف بعد العصر. كل ما أنتجته حتى الآن (وفقًا لما يتم تداوله) توقيف السعودية وديعة مالية بقيمة مليار دولار كانت مقررة تحويلها إلى البنك المركزي، كان من شأنها دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي والتسريع بدفع المرتبات، إن صح ما يتم تداوله.
لقد حان الوقت إلى تغليب مصلحة شعب الجنوب وحقه في الحياة الحرة والعيش الكريم، وإلى إعادة ضبط إيقاع الشراكة بحكومتين: حكومة جنوبية في عدن وحكومة شمالية في مأرب على طريق حل الدولتين (العودة إلى وضع ما قبل 22 مايو 1990م) باعتباره جذر الحل وأساس أي تسوية سياسية قادمة وشرط نجاحها، ولاريب في ذلك.