آخر تحديث :الجمعة - 14 نوفمبر 2025 - 05:43 م

كتابات واقلام


ذكرى الثورة والاستقلال عنوانًا للحرية والسيادة والقرار المستقل

الخميس - 16 أكتوبر 2025 - الساعة 02:37 م

اللواء علي حسن زكي
بقلم: اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


إن البلد الفاقد للحرية الاجتماعية وكل مقومات حق العيش الكريم ويعاني من القهر والظلم يكون بالضرورة فاقدًا لاستقلاله وسيادته الوطنية وقراره المستقل.
وبمناسبة الاحتفالات بذكرى الثورة والاستقلال وإعلان وقيام الدولة الجنوبية في 30 نوفمبر 1967م، يكون من الأهمية بمكان تجسيد قيم ومعاني الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية والقرار المستقل التي تمسك بها مناضلو شعبنا الجنوبي الأبي وقيادته ومناضلوه (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً).
لقد كانت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل تحصل على معونات عسكرية ولوجستية مصرية، وفي أوج عنفوان وزخم الكفاح المسلح، انطلقت شرارة الثورة الأولى من جبال ردفان الشماء بقيادتها ومشاركة بقية رفقاء السلاح والنضال التحرري الجنوبي، وفي مقدمتهم جبهة التحرير والتنظيم الشعبي للقوى الثورية والتفاف كل أبناء شعب الجنوب التواق أبدًا للحرية والاستقلال وحق العيش الكريم وقيم السيادة الوطنية والقرار المستقل.
ولقد كان البطل الشهيد راجح ابن غالب لبوزة أحد أبرز قيادات الجبهة القومية/قيادات تشكيل القبائل، الذي تأسست منه ومن تنظيم الضباط الأحرار وجبهة الإصلاح اليافعة وعدد من التنظيمات الجنوبية الأخرى في أغسطس 1963م عشية انطلاقة الثورة، وكان أول شهيد للثورة والجبهة القومية.
في أوج ذلك توقف الدعم لأسباب ربما ترتبط بالاختلافات بين حركة القوميين العرب والناصرية واحتساب الجبهة القومية على الحركة، إذ كانت الحركة تريد من خلالها وضع موطئ قدم في عدن بأهميتها الجيوسياسية، ودون الحاجة للتفاصيل طالما بيت القصيد هو القرار المستقل.
لقد أقرت قيادة الجبهة القومية الاعتماد على الذات، على اشتراكات ومساهمات أعضائها، ودعم التجار الوطنيين الجنوبيين، وعلى قياداتها وأعضاءها/قيادات وأعضاء تنظيم الضباط الأحرار أحد الفصائل الرئيسية التي تأسست منها الجبهة القومية، والموجودين في قوام قيادة الجيش والأمن الاتحادي، حيث أسهموا في مدها بالسلاح وفي نقله وتنقلات ثوارها الأبطال وفدائييها الأفذاذ من الريف إلى المدينة والعكس بحسب متطلبات النضال المسلح في الريف والعمل الفدائي في المدينة على ظهر سيارات عسكرية تمر في نقاط القوات البريطانية المنتشرة دون خشية الانكشاف.
كانت بريطانيا قد أوعدت بتعويض الجنوب وتمويل موازنة دولته الوليدة بملايين الجنيهات الإسترلينية، وحين أبقت على مستشارين عسكريين بريطانيين في عدن، قد تكون دولة الجنوب وقيادته اعتبروا وجودهم غير ضروري، وتم خروجهم، وكان المناضل علي سالم البيض وزيرًا للدفاع، فأوقفت بريطانيا التعويض، وقد خسرّت دولة الجنوب وموازنتها تعويضًا في وقت كانت في أمس الحاجة إليه. ولكن ربما رأت في ما قامت به حفاظًا على السيادة الوطنية.
وسارت الأمور ودارت عجلة المنجزات وسادت التنمية المستدامة. لا شيء أمام الشعوب مستحيل طالما توفرت الإرادة المجتمعية والقيادة والإرادة السياسية.
وعلى صعيد القرار المستقل أيضًا، أثناء حرب أكتوبر بين مصر أيقونة القومية العربية التحررية والكيان الإسرائيلي، قررت قيادة دولة الجنوب، في موقف عربي تضامني مشهود له، إغلاق ممر باب المندب الدولي بوابته الجنوبية أمام حركة مرور السفن التي تحمل العتاد العسكري ومتطلبات التموين للكيان الإسرائيلي، حيث أسهم ذلك في الانتصار المصري على العدو الإسرائيلي.
يحكى أن الرئيس سالمين، في ذات زيارة للصومال، زار برفقة الرئيس الصومالي إحدى المدارس، وعند دخوله الصف لاحظ مكتوبًا على السبورة "جزيرة سقطرى صومالية"، وفي غيرة على السيادة الوطنية، تقدم نحو السبورة ومسحها ببنديله وقطع الزيارة وعاد إلى عدن، وفور عودته أبلغ الرئيس الصومالي بواسطة السفير ضرورة الاعتذار الرسمي العاجل، أو سيتم قطع العلاقة، وتم الاعتذار.
ما أحوج شعب الجنوب وقيادته ونخبه المجتمعية والمدنية، وهو يحتفل بذكرى الثورة والاستقلال وإعلان قيام دولته، ورفع علمها عاليًا خفاقًا في سماء الاحتفالات، حيث يممت ألوان علم الجبهة القومية، الموجود على غلاف ميثاقها الوطني المقر في مؤتمرها العام الأول المنعقد في يونيو 1965م، ولاحقًا علم دولة الجنوب بعد قيامها، وإضافة المثلث الأزرق والنجمة الحمراء إليه.
ما أحوج شعب الجنوب إلى التمسك بقيم الثورة والاستقلال وشهدائها وقادتها ومناضليها، وتجسيد معانيها ودلالاتها في الحرية، الاستقلال، السيادة الوطنية، والقرار المستقل.