آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

اخبار وتقارير


يمنيات يعزفن الموسيقى في زمن الحوثيين

الأحد - 26 سبتمبر 2021 - 07:41 م بتوقيت عدن

يمنيات يعزفن الموسيقى في زمن الحوثيين

عدن/ دي دبليو

قد تكون الموسيقى من آخر ما يُذكر عند الحديث عن اليمن على وقع ويلات الحرب ورفض متشددين للموسيقى. اهتمام بالفن يكاد يختفي لولا جهد فردي هنا وهناك من شباب وشابات يمنيين يحاولون مواجهة الواقع المرير بشيء من بهجة العزف وتعلّم الموسيقى. الصحفية اليمنية صفية مهدي حاورتهم عن تحديات تواجههم.

قد تكون الموسيقى بين آخر ما يذكر عند الحديث عن اليمن، في ظل ظروف الحرب وقيود العادات والتقاليد الاجتماعية، لكن ذلك بالضبط، هو التحدي الذي تخوض غماره دريم (22 عاماً)، ومجموعة من عشاق صنع البهجة بالعزف على الآلات الموسيقية، ممن تحدَّوا النظرة التقليدية وظروف الحرب والتحقوا بأحد معهدين هما الوحيدان في البلاد لتعلم الموسيقى، الأول في صنعاء والآخر في عدن.

بدأت رحلة دريم مع الموسيقى، في مرحلة الطفولة، حيث كان البيانو يجذب انتباهها ودفعها إلى سماع "العديد من المقطوعات الجميلة جداً، وبدأت بالبحث عن مقطوعات موسيقية يكون البيانو هو الآلة الرئيسية لعزفها"، إلى أن "كبرت وبدأت أميل لآلة الكمان التي سلبت لبي"، وفقاً لما ترويه لدويتشه عربية.

وبينما كانت دريم، تدرك العقبات الاجتماعية في طريق تحويل شغفها بالموسيقى إلى واقع، كانت المرحلة التالية والتي حملت مفاجأة سارة بالنسبة إليها، موافقة والدها على شراء "آلة الكمان"، لكنه اشترط، حصولها على معدل مرتفع في الثانوية العامة، مقابل ذلك، وهو ما حصل بالفعل.

وتضيف "اشترى لي أبي الآلة رغم الكثير من العقبات التي تواجه العازف في اليمن، فمعظم الأوقات قد يعتبر العازف منبوذاً، ولكنه دعمني بكل حب واعتبره الداعم الروحي حتى الآن، وبعد موته ما زال صداها يردد دعمه لي".

وبالإضافة إلى العقبات الاجتماعية، جاءت الحرب وقبلها سيطرة (الحوثيين)، على صنعاء، لتخلق ظروفاً قاسية، نالت من أغلب مجالات الحياة، بما فيها الفنون، والتي إن نجا جزء منها من نار الحرب والانهيار الاقتصادي، فإنها ستظل في مواجهة متجددة مع قيود الجماعات المتشددة المسيطرة، هنا أو هناك.

"دعم الموسيقى غائب ومجمتعنا اليمني لا يتقبل الموسيقى كثيراً وأتعرض للمضايقات من المارة": تقول العازفة الموسيقية اليمنية رانيا الشوكاني: "رغم أننا في بلد تنهشه براثن الحرب، وفي أوقات نتعرض فيها لعصابات مسلحة ضد الموسيقى، إلا أننا استطعنا أن نكون نافذة أمل للسلام وجاهدنا للوصول إلى ما وصلنا إليه الآن، وأنوي الاستمرار و تعليم طفلي أيضاً وقد بدأ دروسه على آلة الجيتار منذ شهور". شهد هي الأخرى، شابة يمنية نزحت من مدينة تعز التي تعد واحدة من أكثر المدن المتضررة من الحرب، إلى صنعاء، وتقول لدويتشه فيله عربية، إنها لجأت لتعلم الموسيقى للهروب من الواقع الذي تعيشه البلاد، بدأت الحرب وما تزال طفلة وبعد ست سنوات، اختارت مواجهة التحديات وتعلم العزف على الجيتار. في الصورة: العازفة الموسيقية اليمنية رانيا الشوكاني.

ومع ذلك، فإن دريم وفي سبيل تحقيق رغبتها في احتراف العزف، التحقت بالمعهد الموسيقي التابع للمركز الثقافي اليمني، وهو المدرسة الوحيدة لتعلم الموسيقى في صنعاء، ويتواجد فيه مدرس وحيد، يقدم دروسه المجانية، دون أن يتقاضى حتى راتبه الشهري المقرر من الحكومة، حاله كحال مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين، لم يتقاضوا مرتباتهم منذ سنوات.

تتابع دريم "بدأت بتعلم العزف في المركز الثقافي بقيادة المايسترو عبدالله الدبعي، الذي لم يأخذ أي مقابل مادي ودعمنا كثيراً بروحه المعطاءة، واجتهدت فيها رغم كوني طالبة جامعية، وواجهت الكثير من العقبات في مجتمعنا إلا أنني لم أستسلم للضغوط، كان لي من البداية حلم أن أكون من أوائل العازفين وها أنا قد قطعت نصف الطريق لتحقيق حلمي وسأستمر إلى أن أجعل حلمي وحلم أبي حقيقة".

شغف وتصميم على مواجهة التحديات

على ذات الصعيد، فإن العازفة رانيا الشوكاني تقول لدويتشه إنها تعتقد بأن الموسيقى في داخلها حتى قبل أن تولد، وبعد أن رافقتها منذ الطفولة وحتى كبرت، وحصلت على تشجيع عائلتها وأبيها المتوفي على وجه التحديد، اتجهت لدراستها في المعهد نفسه.

وتضيف "ما زلت أتذكر أول يوم وطأت قدمي المكان، احتضنتني نوتات الموسيقى مرحبة وكأننا وجدنا بعضنا بعد عناء، لطالما أحسست بأني تائهة ووجدت نفسي هناك، وروح أبي التي تسكن الألحان".

وكغيرها من اليمنيات الطامحات في مجال العزف، تقول الشوكاني "واجهتني بعض الصعوبات في كوني عازفة كمان، فمجتمعنا لا يتقبل الموسيقى كثيراً وكوني عازفة ترتدي النقاب فعائقي أكبر، تعرضت لبعض المضايقات من المارة عندما رأوني حاملة لحقيبة الكمان".

بالإضافة إلى ذلك "هناك عوائق خاصة" بالدعم؛ فالمركز الثقافي الذي يتعلم فيه اليمنيون واليمنيات العزف "يعاني من نقص شديد من الآلات الموسيقية وإن وُجد الدعم، فالآلات التي تصلنا من النوع الرديء، ولا تساعد الطالب بالتقدم، وحالياً أنا لا أملك كماناً خاصاً بي وأعزف بكمان خاص بالمايسترو"، تقول الشوكاني.