آخر تحديث :الأربعاء - 08 مايو 2024 - 03:48 ص

كتابات واقلام


العرب واستحقاقات المرحلة !!

الأربعاء - 14 يونيو 2017 - الساعة 10:05 م

محمد علي محسن
بقلم: محمد علي محسن - ارشيف الكاتب


المنطقة العربية برمتها ازاء تحول سياسي وديموغرافي يشبه الى حد ما مخاضات تاريخية أعقبت ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ الكبرى في العالم . ليس اخر هذه ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ ما أعقب الحربين العالميتين وكذا ما سمي بالحرب الباردة . فالحال ان الحربين الاولى والثانية كان من تجلياتها انها اعادة صياغة الخارطة الجيوسياسة ، وبناء ومحددات وضعتها القوى المنتصرة . برزت للعيان مفاهيم واتفاقيات جديدة ، بينها ما عرف اصطلاحا بوراثة تركة الامبراطورية العجوز " تركيا حاليا "، فموجب اتفاق سايكس بيكو ، تم توزيع النفوذ الأنجلو ساكسوني على كافة الدول التي كانت تحت الوصاية او الحكم العثماني . الحرب الثانية نجم عنها تقسيم القارة الأوربية وانضواء دولها في كتلتين غربية وشرقية ، سرعان ما وجدت دول العالم نفسها ملتحقة بهذين الكيانين الرأسمالي والاشتراكي . طبعا ، لا ننسى هنا ان قيام دولة اسرائيل في مايو ٤٨م وقبلها الجامعة العربية في سبتمبر ٤٥م ، هما في الاساس أنموذج لتخلق الكيانات الناشئة من رحم ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ الدولية الكبيرة . واذا ما تأملنا في الحرب الباردة سنجد ان منتهاها كان تفككا لكيانات سياسية وعسكرية مثل الاتحادين السوفيتي واليوغسلافي وكذا حلف وارسو . هذا التفكك ابرز الى الوجود دولا مستقلة جديدة في البلطيق والبلقان ، البعض منها اعلنت استقلالها دونما حدوث عنف او حروب أهلية ، بينما دول اخرى خاضت نزاعا مأساويا ً مدمرا ادى في المحصلة الى قيام تلك الدول المستقلة . المؤسف ان العرب دوما يخرجون من هذه المخاضات دونما تتحقق لهم ايا من المكاسب السياسية ، فلا ثورتهم الاولى على العثمانين شفعت لهم وحققوا استقلالاً ناجزا في مصر والعراق وسوريا ولبنان او ان ثورتهم الثانية على الإنكليز والفرنسيين في زمن تصفية الاستعمار حققت لهم الدولة الوطنية الحديثة المستقلة عن التبعية للاستعمار الأجنبي . اليوم البلاد العربية مجتمعه تعيش لحظات استثنائية وفارقة ، فمنذ سبعة اعوام على ثورة ما سمي ب " الربيع العربي " ودول المنطقة في خضم صراع عبثي مأساوي منهك وبلا منتهى واضح يبرر تلك التضحيات الجسام . نعم ، فبرغم ان هذه الثورات أعدها بمثابة استحقاقات مجتمعية ووطنية وعربية تأخرت وقتا عن اللحاق بركب الدول المتحضرة ، الا ان ما يؤسف له انها اصطدمت بممانعة عربية عربية . وهذه الممانعة كان لها ان تسببت بحالة من التمييع والإطالة وايضاً التشويه للأحداث وتسويقها وكأنها فعلا مشينا يستوجب اصحابه الزجر والعقاب . ما يجري الان يمكن اعتباره امتدادا لمحاولات الأنظمة الاستبدادية العربية الواقفة بوجه التغيير السياسي واستماتها في تحصين ذاتها من اي محاولة اختراق من شأنها تبديل وجهها التقليدي المستبد الفاسد . ما يؤسف له ان ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ الدراماتيكية الحاصلة في المنطقة تعد نتاج واقع عربي جديد يتشكل بعيدا عن هيمنة أمريكا وأوروبا . وبرغم ان الاعلام الحر يتحدث عن هذه ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ بكونها مؤشر ودلالة على انتهاء زمن الوصاية والهيمنة والتبعية للخارج ، الا ان الأنظمة السياسية العربية لا يبدو من فعلها انها قادرة على استيعاب ما يحدث . فبدلا من ان ترضخ وتستجيب لعملية التغيير والتعاطي معها بمسؤولية وشفافية ، راحت أنظمة الحكم العتيقة - وبما تملكه من مال وإمكانيات وموارد - تخوض معارك خاسرة مكلفة للغاية ، متحدية بذلك الواقع والتاريخ والحاجة الملحة للتغيير . وأكثر من ذلك ، اذ ذهبت تبدد مقدراتها وأموالها وعلى صفقات اسلحة ورشاوي ومعارك وأزمات داخلية وإقليمية يصعب التكهن بنتائجها الكارثية على المجتمعات وعلى التنمية والاستقرار والدول عموما . محمد علي محسن