آخر تحديث :الثلاثاء - 30 أبريل 2024 - 09:30 ص

كتابات واقلام


رأي قانوني فيما يخص انشاء مجلس القيادة الرئاسي

الإثنين - 11 أبريل 2022 - الساعة 09:59 م

د. محمد جعفر قاسم
بقلم: د. محمد جعفر قاسم - ارشيف الكاتب


تمهيد
طلب مني بعض الاصدقاء بالحاح ان ابدي رأيي القانوني في مسألة انشاء مجلس القيادة الرئاسي الذي اعلن عن قيامه في السابع من ابريل الجاري. وقد ترددت في البداية قي الاستجابة لطلبهم لعلمي ان هناك نقاشا سياسيا يدور حول هذه المسألة وانا بطبيعتي ىوبحكم مهنتي بعيد كل البعد عن الخوض في الجدل السياسي. ولكنني الان قررت ان ادلي برأيي القانوني المحض حول قانونية انشاء مجلس القيادة الرئاسي البعيد عن الحسابات السياسية بسبب تعدد وجهات النظر القانونية حوله. وقد توصلت لوجهة نظري هذه وفقا لأفضل ما اعلمه من احكام القانون بصددها.

الرأي

اذا نظرنا الى النظام الدستوري والقانوني اليمني الذي يشمل الدستور وقانون لائحة مجلس النواب وقانون السلطة القضائية وقانون مجلس الوزراء الذين يشكلون بمجملهم ما يسمى في الفقة القانوني بالقانون الداخلي، وذلك بمعزل عن المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار 2216 والتي بمجموعها تشكل ما يسمى في الفقه القانوني بالقانون الخارجي لوجدنا الاتي:

- وجود تصادم واضح بين احكام القانون الداخلي التي تشير وفقا للدستور بأن قرار انشاء مجلس القيادة الرئاسي يخالف احكام الدستور لأنه ينشىء مؤسسة دستورية جديدة هي مجلس القيادة دون مراعاة تطبيق احكام الدستور النافذ فيما يتعلق بتعديل الدستور.
- ومن ناحية اخرى نجد ان المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وقرار مجلس الامن 2216 التي تشكل القانون الخارجي تنص على ادارة البلاد بالتوافق، كما نلاحظ ان مجلس النواب قد قام في وقت سابق بالمصادقة علي احكام هذا القانون الخارجي كاملا.
- ان ديباجة قرار انشاء مجلس القيادة الرئاسي تشير الى انه صدر بالتوافق بين القوي السياسية.
- وهكذا يبرز التصادم بين نصوص القانون الداخلي التي تشير الى مخالفته لاحكام الدستور وبقية فروع القانون الداخلي مع نصوص القاقون الخارجي المتمثل بالمبادرة الحليجية واليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن التي تشير الى ادارة البلاد بالتوافق وبالتالي تتصادم مع نصوص القانون الداخلي.
السند القانوني لحل التصادم بين احكام القانون الداخلي والقانون الخارجي

ارى ان السند القانوني الذي يمكن ان يستند اليه القول بترجيح احكام القانون الداخلي لحل هذا التصادم:
- 1. هو الاستناد الى الدستور الذي ينص في احدى موادة على ان السيادة للشعب ويمارسها بواسطة هيئاته المنتخبة اي رئيس الجمهورية ومجلس النواب. وانه لم يتم تعديل الدستور وفقا لاحكامه.
- 2. ان الصلاحيات السيادية لرئيس الجمهورية غير قابلة للتفويض لأن السيادة لا تتجزء.
وارى ان السند القانوني الذي يمكن ان يستند اليه القول بترجيح احكام القانون الخارجي لحل هذا التصادم:
- 1. ان دستور الجمهورية اليمنية ينص على العمل بميثاق الأمم المتحدة وهو بذلك ينص على الالتزام بالعمل بميثاق الامم المتحدة اي بالقانون الخارجي.
- 2. ان ميثاق الامم المتحدة ينص على مجلس الامن وقراراتة، كما ان مجلس النواب اليمني قد صادق في وقت سابق على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وعلى القرارات الدولية ذات الصلة خاصة القرار 2216.
موقف الفقه القانوني من ترجيح احد القانونين الداخلي او الخارجي
ينقسم الفقه القانوني حول ترجيح الاستناد الى احد القانونين علر النحو الاتي:

- اضافة الى الاسباب المذكورة اعلاه من الممكن ان يستند حل التصادم بينهما بترجيح تطبيق احكام القانون الخارجي الى ان قرارات مجلس الأمن الدولي المتخذة تحت البند السابع في النزاعات التي تهدد الامن والسلم الدوليين تكون ملزمة تجاه جميع اطرافها. ومن هذه النزاعات بل من اهمها الحروب الداخلية وان اليمن يعيش حالة حرب داخلية.
- وبالمقابل من الممكن ان يستند حل التصادم بينهما بترجيج تطبيق احكام القانون الداخلي على اهم حجة فيه وهي انه لا يمكن ان تعلو وتسمو احكام القانون الخارجي على دستور البلاد الذي يجعل السيادة للشعب
مواقف الدول حول ترجيح احد القانونين

أرى انه لا يوجد اجماع دولي حول ترجيح العمل باحكام احد القانونين لحل التصادم بين احكامهما، ففي الحقيقة ترى العديد من الدول العمل باحكام القانون الخارجي للاسباب المذكورة اعلاه وتختار دول اخرى حل هذا التصادم على اساس قانونها الداخلي، وابرز هذه الدول في رأيي هي الولايات المتحدة التي ترقض اختصاص المحاكم الخارجية لمحاكمة مواطني الولايات المتحدة.
الجهة المختصة دستورا في اليمن لحل هذا التصادم
وفي هذا الصدد يبرز في رأيي الامر البالغ الاهمية لاعتبار الدائرة الدستورية للمحكمة العليا بقضاتها التسعة بأنها الجهة الوحيدة المختصة دستورا لحل هذا التصادم وترجيح العمل باحكام احد القانونين وسيكون لحكمها في هذه المسألة أهمية تاريخية كبرى لأنه سيرسم السابقة القانونية للبت في اي نزاع ينشأ بصددها في المستقبل على الرفم من ان نظامنا القانوني لا يأخذ بمبداء السوابق.


ق. د. محمد جعفر قاسم
كالجري-كندا
9 ابريل 2022